دار كلام كثير الأسبوع الماضي حول موضة وضع جلايتين للصحون بدل جلاية واحدة داخل المطابخ العادية، ولم تظهر هذه الدرجة من الاستياء في شأن موضوع يتعلق بالأجهزة الكهربائية منذ أن اقترحت كيرستي آلسوب وضع غسالة الملابس في المطبخ بدل وضعها في غرفة منفصلة.
شخصياً أعتبر وجود جلايتين أفضل طريقة للحرص على مضاعفة فرص التشاجر حول من عليه أن يملأ الجلاية ويفرغها من الأغراض، ومتى وكيف؟ وهو السؤال الأكثر حدة.
لكن لا يبدو أن مصممي الديكور يتلقون بصورة متزايدة طلبات لإفساح المجال أمام وضع جلايتين، بل ثلاث أحياناً، ويُفضل أن تكون على طرفي المجلى.
لدى جايمي أوليفر اثنتان ويبدو أن مطبخ بين فوغل فيه أربعة، وهذا ما يدفعني للاعتقاد بأنه ربما يأخذ أوان قذرة من مكان آخر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتفيد شركة تصميم المطابخ "كاي سي ديزاين هاوس" KC Design House التي تتخذ من يوركشير مقراً لها عن زيادة قدرها 35 في المئة في عدد العملاء الذين يطالبون بجلايتين للصحون، ولا شك في أنها تسهل الحياة المنزلية ولا سيما بالنسبة إلى العائلات الكبيرة والأشخاص الذين يستقبلون ضيوفاً كثر، لكن ذلك يجعلني أتساءل إن كانت أي من هذه الصحون والأكواب والأواني تدخل إلى الخزانة أصلاً؟
لكن ما يحل بمطابخ البلاد ليس فقط البذخ المتعلق بالجلايات، ففي عام 2019 تلقى النائب الراحل عن حزب "المحافظين" جيمس بروكينشير وابلاً من الانتقادات بعد الصورة التي التقطت له داخل مطبخه وهو يحمل كعكة إسفنجية ويقف أمام أربعة أفران لامعة من الفولاذ المقاوم للصدأ، وبعد مزيد من البحث تبين أنه كان يمتلك جلايتين كذلك، لكن الأدوات الكهربائية الزائدة ليست سوى نقطة بسيطة، ولو أردتم إبهار الآخرين فعلاً فعليكم تجهيز مطبخين.
في عام 2015 سخر الناس من إيد ميليباند عندما ظهرت صورة له رفقة زوجته جاستين في منزلهما شمال لندن وهما يحتسيان الشاي في مطبخ فيه من الأناقة والسحر ما يعادل جمال المساكن الطلابية المشتركة، لكن صديقتهما الصحافية زادت الموضوع سوءاً عندما انبرت للدفاع عنهما على منصة "إكس" (’تويتر‘ سابقاً) فقالت "إن مطبخ إيد ميليباند جميل جداً، لكن المطبخ الصغير العملي الموجود قرب غرفة الجلوس مخصص للشاي والوجبات الخفيفة السريعة".
ومنذ فترة قريبة كشفت كيم كارداشيان عن وجود مطبخين في منزلها أيضاً، أحدهما للعرض والثاني للموظفين، وهذا فاجأني لأنني لم أر يوماً أياً من الأخوات اللواتي خضعن لكثير من الإجراءات تأكل أي شيء غير علب كبيرة من السلطات الجاهزة.
لكن لا شك في أن هذا الاتجاه جزء من تقليد قديم فخم، إذ كثيراً ما خصصت المنازل والشقق الفاخرة ملحقاً للخدم تجري فيه كل النشاطات غير الجميلة شكلاً، مثل تنظيف الأواني الكبيرة وتحضير الخضراوات بكميات تكفي مآدب طعام بصورة فعالة وبعيداً من العيون، ونحن نعود لهذا التقليد بشكل من الأشكال، فالموضة الأخيرة التي فرضت فتح المطابخ على الغرف كشفت عيبها الأساس.
تؤسس مطبخاً مذهلاً لإثارة إعجاب أصدقائك وعائلتك وخلق أجواء مريحة وأنيقة لحفلات الغداء والعشاء، لكن الموضوع يفتقد بعض رونقه عندما توزع الشراب والمقبلات فيما يرزح المطبخ تحت وزر الأكواب والصحون القذرة.
ومن دواعي الغرابة أن خلق جو الاستقبال المريح وغير المتكلف يعني أنك لو أردت إخفاء كل التجهيزات المطلوبة لتهيئة هذا الجو فستحتاج إلى مطبخ ثان، أو في أقل تقدير إلى غرفة عمل مثل ملحق أو مخزن الخدم، حيث يمكنك أن تخفي تحضيراتك كلها فيما تسير بأناقة بين ضيوفك، وأصبح كثير يستسيغون التضحية ببعض المساحة في المطبخ الرئيس لتحقيق هذه الفكرة.
وإذا لم يعد لديك، بعد شراء الجلايات والأفران والمخازن والمطابخ الإضافية، أي شيء تنفق عليه المال فيمكنك أن تمنح نفسك مطبخاً صيفياً خارجياً، وقد جرّب كثيرون منا هذا التدبير عند استئجار أمكنة لقضاء العطل في الدول المشمسة، لكن لا تسمحوا لمناخنا البريطاني أن يثنيكم عن ذلك، ويمكن أن يقتصر الأمر على وضع شواية أو فرن للبيتزا قرب مجلى أو أن يكون مطبخاً كاملاً فيه برادات للنبيذ وآلة لصنع الثلج توضع كلها في الخارج.
إن أكثر الأمثلة فخامة عن المطبخ الصيفي الذي سُمح لنا برؤيته أخيراً، نحن الأشخاص البسطاء الذين لا يملكون سوى مطبخ واحد، هو مطبخ ديفيد وفكتوريا بيكهام في الفيلم الوثائقي عن العائلة المعروض على "نتفليكس"، والأدق أنه يبدو مكاناً تزوره فكتوريا بين حين وآخر فيما يشكل موقعاً يجلب السعادة لديفيد، وهو يعترف بقضائه أياماً كاملة فيه يقوم بأعمال صغيرة أو يقضي ساعات في الشواء أثناء مشاهدته مباريات كرة قدم على الـ "آيباد".
ولم لا، لا سيما وأن ابنه بروكلين هو الشخص المناسب الذي يمكنه أن يفسد شطيرة برغر عادية في مطبخه الأول؟
شُيدت الخيمة الخارجية في منزل ديفيد وفكتوريا من الخشب والقماش قرب البحيرة في كوتسولد، وهي مليئة بأحدث أجهزة المطابخ وطاولة تسع 12 فرداً، ولو أحببتم أن تضعوا مثلها في منزلكم فيمكنكم الحصول عليها لقاء 60 ألف جنيه استرليني (75 ألف دولار) فقط من شركة "وايلد تنت" التابعة لصديقه غاي ريتشي، لكن البحيرة غير مشمولة.
كلما ازدادت ثروتنا يزداد إنفاقنا على مطابخنا التي يبدو أننا بالكاد نستخدمها للطهي في بعض الحالات، فقد تحولت إلى غرف للجلوس ومساحات للعمل من المنزل ومكاناً لمشاهدة التلفاز.
انتقلت منذ عامين من لندن إلى قرية جنوب فرنسا واستبدلت مطبخي الزجاجي الضخم والمشمس خلف منزلي الذي بُني بالطوب الأحمر على الطراز الفيكتوري (نعم تلك الصورة المبتذلة عينها) بمطبخ مربع صغير ومرتب إلى جانبه مخزن كبير، ويمكنني أن أصل إلى كل ما أحتاجه بسهولة، وعليّ الآن أن أسير المسافة المطلوبة يومياً عبر الخروج فعلاً من المنزل.
أو تعلمون؟ هذا مريح فعلاً وأنصح به بشدة.