كيف يشكل النزاع في السودان تهديداً للدول المجاورة والمنطقة بأسرها؟

منذ 1 سنة 94

بين مخاطر اندلاع حرب أهلية دائمة وتدخل قوى كبرى ومجموعات مسلحة من المنطقة وأزمة نزوح، يهدد النزاع في السودان بإضعاف منطقة غير مستقرة أساسًا.

دخل السودان في حالة فوضى قبل أسبوع مع اندلاع معارك بين الفريق اول عبد الفتاح البرهان قائد الجيش والحاكم الفعلي للسودان منذ انقلاب 2021، والرجل الثاني في السلطة محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي، زعيم قوات الدعم السريع.

لكن خبراء استشارتهم وكالة فرانس برس يرون أن رقعة النزاع قد تتسع بسرعة.

أوائل اللاجئين

لجأ بين عشرة آلاف وعشرين ألف شخص فارين من المعارك إلى تشاد المجاورة، كما ذكرت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

ويستقبل شرق تشاد أساسًا أكثر من 400 ألف لاجئ سوداني، "والوافدون الجدد سيشكلون ضغطًا إضافيًا على الخدمات العامة والموارد في البلاد التي تواجه اساسًا وضعًا يفوق طاقتها"، على حد قول المفوضية.

في نهاية شباط/ فبراير، أكدت الأمم المتحدة أن أكثر من ثلث السكان في السودان سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية في 2023 بسبب الجوع وزيادة عدد النازحين.

وقال كاميرون هادسن المحلل في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن لوكالة فرانس برس: "أتوقع فعلًا نزوحًا جماعيًا لملايين المدنيين عند أول وقف لإطلاق النار".

رقعة المعارك تتسع

تتسع رقعة المعارك التي بدأت في 15 نيسان/أبريل يوما بعد يوم. ويمتد النزاع الكامن منذ أشهر، إلى أحياء جديدة في الخرطوم ومناطق جديدة من البلاد لا سيما في دارفور.

وقالت المنظمة غير الحكومية "مجموعة الأزمات الدولية" إن "ملايين المدنيين محاصرون في القتال وتنفد لديهم بسرعة المواد الأساسية".

وأضافت أن "النزاع يمكن أن ينزلق بسرعة إلى حرب حقيقية دائمة" تطال الولايات المضطربة في السودان ثم بعض دول الجوار.

ورأى كاميرون هادسن أن "التحدي يتمثل في أن هذا النزاع، لأنه يمتد إلى كل ركن في البلاد، يطال الحدود مع تشاد وجمهورية إفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا".

وأضاف أن ذلك "مصدر قلق هائل".

دوامة

ولا يمكن أن يبقى المجتمع السوداني المشتت إلى حد كبير بمنأى عما يحصل. وقال الباحث البريطاني أليكس دي وال في تعليق أرسله إلى فرانس برس: "إذا استمر النزاع، فسيصبح الوضع أكثر تعقيدا".

وأضاف أن "كل طرف هو تحالف من مجموعات مختلفة ستجذب أو تختار مجموعات أخرى أصغر"، مشيرًا إلى إمكانية ظهور "عوامل عرقية". والجماعات الإسلامية تشارك أيضا.

وأشار "مركز صوفان" ومقره نيويورك إلى "تدخل دول أجنبية وأمراء حرب وميليشيات مسلحة ومجموعة متنوعة من جهات فاعلة عنيفة أخرى خارجة عن أطر الحكومات".

وأضاف: "قد يؤدي فشل القادة في ضبط جنودهم إلى إدامة العنف"، وهذا خطر كبير خصوصا خارج الجيش النظامي، حسب الخبراء.

المنطقة في خطر

تدعو كل القوى في المنطقة، رسميًا، إلى وقف المعارك. لكن الخبراء متفقون على أن مصر تدعم البرهان والإمارات المعسكر الآخر.

وقال كاميرون هادسن إن الطرفين يحاولان الحصول على أسلحة وتعزيزات من جيرانهما. كما تعمل مجموعة فاغنر شبه العسكرية التي يبدو تأثيرها العسكري ضعيفا في السودان لكنها تستغل مناجم الذهب، بتكتم.

وأوضح الباحث أن "هناك عملا دعائيا" على شبكات التواصل الاجتماعي ولكن دقلو يعمل أيضا على "التنظيم العسكري والاستخباراتي".

ويمكن كذلك أن تلعب ليبيا وإفريقيا الوسطى وتشاد وإثيوبيا خصوصا دورًا سياسيًا إن لم يكن عسكريًا.

ورأى أليكس دي وال أن النزاع قد يشمل حينها جهات فاعلة تقدم "المال أو الأسلحة وحتى عناصرها أو عملاءها"، معتبرا أن "معظم هؤلاء الفاعلين الخارجيين الذين يصطادون في المياه العكرة سيشاركون في جهود الوساطة".

عجز

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية الإماراتي عبد الخالق عبد الله إن "من المحتمل أن يؤدي هذا النزاع إلى تدخلات خارجية فيه".

وأضاف ملخصا المخاطر أن "عدم استقرار السودان مقلق للجميع أولا وخاصة لدول الجوار ومنطقة القرن الإفريقي ومضيق باب المندب والجوار الجغرافي بأسره".

وتابع قائلًا: "إذا دخل السودان في نفق مظلم سيدفع الجميع الثمن وليس فقط أهلنا في السودان"، مؤكدا أن "السودان المستقر والسودان المزدهر مفيد للجميع، والسودان غير المستقر والسودان المتعثر صعب لجميع الدول القريبة وحتى تلك البعيدة".

وحذر من التداعيات المحتملة لهذا النزاع. وقال "يمكن أن يتفكك السودان إلى دويلات فجأة كما انقسم سابقاً إلى السودان وجنوب السودان، واحتمال كبير أن تشهد دارفور مثلا أو مناطق سودانية أخرى انفصالات وانقسامات وحربًا أهلية مستدامة وهذا أمر مقلق" لدول الجوار.

حاول المجتمع الدولي التحرك. فمنذ بداية نيسان/ابريل كان مفاوضون من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والعواصم الغربية ودول الخليج خصوصا يضغطون على الرجلين لتوقيع اتفاق إطار للعودة إلى السلطة المدنية، من دون جدوى.