كيف نضمن نجاح خطط العام الجديد وعدم تحولها إلى خيبات أمل؟

منذ 1 سنة 190

يشبه اتخاذ قرارات (تحديد أهداف) لمناسبة حلول العام الجديد بمثابة ضغط زر المشاة في إشارة المرور عند معبر مزدحم، إنه أمر لا طائل منه، لكنك تقوم به على أي حال. في كل سنة نكرر الأمر نفسه، حيث ينجح بعض الناس في تنفيذ قراراتهم للعام الجديد لكن معظمهم يدور في حلقة مفرغة. أنت تقطع وعوداً على نفسك وسرعان ما تخلف بها وتشعر بالسوء حيال ذلك. يا له من تصرف حكيم!

قد يشعر كارهو اتخاذ القرارات بالرضا عند معرفة أنها لم تعد شيئاً مرغوباً في السنوات الأخيرة على أي حال. أظهر مسح أجري العام الماضي شمل أكثر من ألفي بريطاني بالغ أن واحداً فقط من أصل كل أربعة أشخاص خطط لاتخاذ قرارات مع حلول الأول من يناير (كانون الثاني). وفقاً لبحث أجرته خدمة سترافا الأميركية لرصد النشاط الرياضي البدني، فإن معظم الأشخاص سيبدؤون فعلاً بالتخلي عن قراراتهم في منتصف يناير بكل الأحوال. لكن لا تقلق إذا كنت لا تزال منجذباً لـ"فكرة" تحديد أهداف لنفسك في العام الجديد، فالخبراء يقولون إنه لا تزال هناك طرق تساعدنا في إنجاح قراراتنا.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ربما يكون الأمر ببساطة أن القرارات باتت موضة قديمة، ويمكننا القول إن مصطلح "الإظهار" (مانيفيستنغ) manifesting بدأ يحل محل القرارات في العام الجديد. يشير العلم الزائف الداعم لفكرة "الإظهار" (مانيفيستنغ) إلى أن طاقة التفكير وحدها قد تكون كافية لتحويل رغباتك إلى واقع. ومع أن هذه الممارسة ليست حديثة، لكنها شهدت شعبية واسعة خلال السنوات الماضية بفضل فيديوهات "تيك توك" التي تنتشر على نطاق كبير، حيث جذب وسم (مانيفيستنغ) #manifesting أربعة مليارات وثلاثمئة مليون مشاهدة على المنصة وحدها، كما حظي وسم "نصائح للإظهار" #manifestingtips  بـ529 مليون مشاهدة أيضاً.

أخبرني مارك جيليكو كبير محاضري علم النفس في جامعة القانون أنه لا يوجد دليل ملموس على أن (مانيفيستنغ) أمر فعال، لكنه يعتقد بإمكانية وجود تأثير إيجابي لفكرة "الإظهار" (مانيفيستنغ) على السلوك البشري. ويوضح أنه "من المنطقي أننا إذا وجّهنا أنفسنا نحو غاية ما، قد يكون حافزنا للوصول إليها أكبر، وعندما ننظر إلى الرؤية التي رسمناها لأنفسنا، يتوجب علينا غالباً اتخاذ خطوات تكتيكية لتحقيق الأهداف التي نسعى إليها، وقد يكون علم تحديد الأهداف مفيداً لنا".

مع ذلك، يحذر جيليكو من أن (مانيفيستنغ) "ليس حلاً سحرياً"، ويتابع أننا كبشر عرضة للتشتت بسهولة، ما يجعلنا "في كثير من الأحيان سيئين جداً في الآليات المعتمدة لتحديد الأهداف، حتى عندما نريد الوصول إلى الغاية المرجوة". يقترح استخدام نموذج يدعى "ت غ ع خ" الذي يمثل اختصاراً لـ "تمني، غاية، عوائق، خطة"، ويقول "يشجعنا هذا النهج على التفكير في حقيقة وضعنا، والعقبات المحتملة التي تقف بيننا وبين هدفنا النهائي، وحينها يمكننا التخطيط للتغلب عليها".

إذا لم يكن التجلي شيئاً يروق لك، فإن اتخاذ القرار قد يظل مفيداً عندما يتعلق الأمر بتحديد توجهاتك في العام المقبل. ومع أن القرارات تبدو أمراً اعتباطياً بالفعل، إلا أن التفكير ملياً بما تريد منها قبل اتخاذها يمكن أن يحدث فرقاً كبيراً. تقول جيل كوتن خبيرة التوجهات المهنية في منصة غلاسدور Glassdoor لتقييم الوظائف إن القرارات قادرة على تقديم "مسار واضح" للأشهر الاثني عشر المقبلة ما دامت نابعة من الواقع. وتضيف: "بدلاً من التسرع في اتخاذ القرارات التي قد تبدو بعد فترة وجيزة مرهقة أو بالية، خذ وقتك في تحديد الطريقة التي تريد فيها تغيير حياتك أو مسيرتك المهنية في عام 2023، فالتخطيط سيشعرك بالتفاؤل إزاء الخطوات المقبلة".

في السياق ذاته، ترى تاميكا أباكا-وود شريكة في مجال البحث والاستراتيجيات العالمية في مؤسسة "بي + أي" B+A للأبحاث أن "من طبيعتنا التسرع في إيجاد الحلول من دون التأمل فعلاً في المشكلات التي نحاول حلها حقاً". وتقترح أن نطرح على أنفسنا مجموعة من الأسئلة لتحديد نوع القرار الذي قد ننجح فيه. وتضيف: "على سبيل المثال، قد تقرر أنك ستبدأ ممارسة التأمل يومياً، لكن لماذا؟ ما هو السبب الأساسي حقاً الذي بنيت عليه القرار؟ قد يكون الأمر أنك لا تنام جيداً؟ قد تكون عالقاً في علاقة لا تلبي حاجاتك العاطفية؟ أو ربما تقضي وقتاً طويلاً أمام الشاشات؟ أو أنك تحتاج إلى الراحة عبر ممارسة طقس معين؟ أو ربما تشعر أنك منفصل عن ذاتك؟".

قد يؤدي تحديد هدف ما من دون معرفة لماذا تريد تحقيقه إلى الشعور بعدم الجدوى. تقترح أباكا-وود أن تسأل نفسك "لماذا، خمس مرات" عندما تضع هدفاً نصب عينيك، وتتابع، "مهما كان جوابك، كرره لترى إلى أين ستصل. سيبدو الأمر سخيفاً لكنني أعدك أنه سيقودك إلى حقيقة جوهرية".

يفكر الكثير منا بالشؤون المالية عندما نصوغ قرارات العام الجديد في بداية 2023. أظهر مسح أجراه موقع "أنبايسد" Unbiased للاستشارات المالية شمل ألف بريطاني بالغ أن 72 في المئة كانوا يفكرون فعلياً بأمورهم المالية، حيث يخطط الكثير منهم لتقليص النفقات وسط أزمة تكاليف المعيشة. وبالنسبة للذين شملهم المسح، يعني هذا التخلي عن الوجبات السريعة (47 في المئة)، والتوقف عن تناول الطعام في الخارج وارتياد الحانات (40 في المئة)، إضافة إلى محاولة التقليل من استخدام السيارات (30 في المئة).

تقترح كوتن نهجاً مختلفاً، حيث ترى أن العاملين ليسوا مضطرين إلى تقليص نفقاتهم، لكن عندما يتعلق الأمر برواتبهم، عليهم أن يلتزموا "بتقدير حجمها الحقيقي". وتتابع "سيستمر الكثيرون في مواجهة مصاعب اقتصادية في السنة الجديدة، لذا من المهم أن تعلم أنك تحصل على أجر عادل، ويمكن تحقيق ذلك ببساطة عبر استخدام موقع لحساب الرواتب، أو إجراء محادثة صادقة مع زملاء العمل حول فئات الأجور، أو البحث في الإعلانات عن وظائف مشابهة. هناك سرية غير ضرورية محيطة بالرواتب، ومع اتساع الفجوة في الأجور بين الجنسين أو مع أصحاب الاحتياجات الخاصة في عام 2022، فإننا نحتاج لأن نكون أكثر شفافية تجاه هذا الموضوع، فمن دون الشفافية في الأجور، ستصبح المساواة في الدخول مستحيلة التحقيق تقريباً".

عندما يتعلق الأمر بقرارات العام الجديد، من السهل القول "آه، الهراء نفسه مجدداً!"، لكن لو توقفنا عن استخدامها ببساطة كإحدى طرق جلد الذات، بإمكانها أن تصبح مصدراً حقيقياً للأمل والإلهام؛ تلك الأشياء التي تمكننا من الاستمرار في وقت الاضطرابات العالمية. وإذا ما التزمت بها، قد تفاجئ نفسك، ففي نهاية المطاف، ضغط زر المشاة في إشارة المرور عند المعبر يحدث فرقاً حقاً في بعض الأحيان.