قال أحد مستخدمي منصة "إكس"، "صور جنود الجيش الإسرائيلي، وهم يبحثون عن الملابس الداخلية للنساء في غزة أكثر من صورهم وهم ينقذون المحتجزين"
طوت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة قبل أيام شهرها الخامس، أشهر مرت ولم يمر يوم واحد إلا وحمل معه صورا ومشاهد صادمة عن ممارسات إسرائيلية بحق الفلسطينيين في القطاع المحاصر.
فإلى جانب مشاهد الدمار ورائحة الموت ناهيك عن المجاعة التي بدأت تنهش أجساد الصغار والكبار، تكشف مواقع التواصل صور ا ينشرها جنود إسرائيليون يوثقون من خلالها ممارسات قد ترتد عليهم وتعرضهم للمساءلة القانونية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
قبل بضعة أشهر، انتشر مقطع فيديو على تطبيق تيك توك، يُظهر جنديين إسرائيليين وهما يدمران منزلا في قطاع غزة باستخدام جرافة. وأثناء دك البيت، توجها المذكوران بالتحية إلى المغني الإسرائيلي إيال جولان. حيث قال أحدهما "نحن ممتنون لك ونحبك، نحن هنا في خان يونس، نهدي لك هذا المنزل تعبيرا عن الفرح الذي تجلبه لنا".
جولان كان صرح في إحدى المقابلات بعد عملية طوفان الأقصى في 7 أكتوبر قائلا: "إن غزة بأكملها يجب أن تمحى من الوجود. وألا يُسمح لأي شخص بالبقاء هناك".
هذا الفيديو الذي احتفى فيه الجنود بهذا التصريح أثناء هدم المنازل، استخدمته جنوب أفريقيا كقرينة قانونية في القضية التي رفعتها ضد إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي. حيث اتهمت تل أبيب بارتكاب جرائم إبادة جماعية، وهو ما ترفضه الدولة العبرية بشدة.
كما استشهدت الدولة الإفريقية أيضا بما قاله فنان آخر وهو كوبي بيرتس في فيديو انتشر على مواقع التواصل كالنار في الهشيم. حيث أدى أغنية يقول فيها: "دع قريتهم تحترق، ودع غزة تمحى".
وأظهر مقطع آخر، الدخان وهو يتصاعد بعد اندلاع حريق، فيما كان أحد الجنود يقول بالعبرية: "غزة تحترق. احترقوا أحياء أيها العاهرات".
يبدو أن مثل هذه المشاهد ليست استثناء، فمنذ أشهر، تجتاح المنصات الرقمية صورٌ ومقاطع تضع علامة استفهام حول سلوك عناصر الجيش الإسرائيلي.
وقد بدأت هذه الفيديوهات تشكل صداعا حقيقيا بشأن صورة تل أبيب أمام الرأي العام العالمي، حيث ما فتئ لدى صناع القرار في الدولة العبرية يرددون أن بلادهم تمتلك الجيش الأكثر أخلاقية في العالم.
فيديو آخر، وثق مشهدا مختلفا لجندي وهو يفتش شقة مهجورة، وقد عثر على ملابس داخلية لامرأة، فلم يكن منه إلا علق بالقول "لقد كنت دائما أقول إن النساء العربيات هن أكبر فاسقات على الإطلاق". كما أظهرت صور أخرى لما بدا وكأنها عمليات نهب قام بها جنود إسرائيليون.
كما توجد تسجيلات لعسكريين آخرين وهم يضرمون النيران في منازل غزة.
هذا طبعا، عدا عن عشرات الصور التي انتشرت عن صور لجنود وسط أنقاض المنازل المدمرة، او داخل الشقق السكنية في القطاع، أو على متن آلياتهم العسكرية وهم يلوحون بالملابس الداخلية النسائية.
ويقول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي، إن هذه الملابس تعود إلى نساء غزة، وأن هؤلاء الجنود قد استولوا عليها خلال اقتحامهم الشقق السكنية في قطاع غزة.
آخر الصور المتداولة تعود لجندي يدعى بنيامين، نشرها على صفحته الشخصية على تطبيق OkCupid للمواعدة.
ويظهر المذكور وهو فرنسي إسرائيلي يبلغ من العمر 25 عامًا متكئًا على جدار مغطى بملابس داخلية نسائية.
وقد انتشرت الصورة بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، وأثارت موجة من السخط بين رواد هذه المنصات ما اضطر الرجل إلى حظر حساباته على فيسبوك وإنستغرام.
وتوجد على شبكات التواصل الاجتماعي، وخاصة تيك توك وإنستغرام، مجموعة من المنشورات المشابهة، حيث يستمتع الجنود الإسرائيليون بالملابس الداخلية النسائية.
مثل هذا الجندي الذي يقف بفخر أمام "غنيمة حرب" لا تعدو أن تكون كومة من الملابس الداخلية.
كما أظهرت صورة أخرى أربعة جنود وهم يلوحون بملابس نوم حمراء وسط منزل مدمر في غزة.
وقال أحد مستخدمي منصة "إكس"، "صور جنود الجيش الإسرائيلي، وهم يبحثون عن الملابس الداخلية للنساء في غزة أكثر من صورهم وهم ينقذون المحتجزين.
ولا تزال القائمة طويلة. إذ أن الصحفي الفلسطيني يونس الطيراوي المختص في تتبع الصور التي ينشرها الجنود الإسرائيليون، وثق مشهدا يظهر فيه أحد الجنود وهو يتحسس حمالة صدر كان صديقه يرتديها.
وكان يونس قد نشر عدة فيديوهات وثقت عمليات نهب وسلب وإهانة للمعتقلين الفلسطينيين.
وفي اتصال مع قناة فرنسية أوضح يونس الطيراوي، أن "الجنود ينشرون مقاطع الفيديو هذه على الملأ، وهي في متناول الجميع. وما عليك سوى البحث في تيك توك أو فيسبوك أو إنستغرام أو يوتيوب باستخدام الكلمات الرئيسية العبرية. ولا يبدو أنهم على علم باحتمال استخدام هذا المحتوى ضدهم في المحاكم الدولية. لذلك يتم نشر هذه الصور ليراها الجميع".
الصحفي الفلسطيني كشف أيضا في 28 فبراير الماضي عن مقطع صادم نشره أحد الجنود الإسرائيليين يقول فيه: "لقد وجدت امرأة جميلة، علاقة جدية في غزة.. امرأة عظيمة. اسمها سيما”.
ويظهر آخر وهو يحمل زوجًا من الأحذية ويشير إلى أن حبيبته ستلبسها خلال حفل خطوبتهما.
"الاستهزاء بنزاهة وكرامة المرأة الفلسطينية"
ويعلق الطيراوي على تلك المشاهد قائلا: "إن نشر هذه الصور يهدف بلا شك إلى الاستهزاء بنزاهة وكرامة المرأة الفلسطينية".
القناة الفرنسية التي أعدت التقرير وهي قناة "فرانس ٢٤" كانت قد عرضت هذه الصور على يوهان صوفي المحامي المختص في القانون الدولي لمعرفة ما إذا كانت تلك المشاهد من شأنها أن تشكل جرائم حرب، وإذا أمكن إثبات أن المقتنيات الموجودة في هذه المنازل، مثل الملابس الداخلية، قد سُرقت أو أُتلفت دون ضرورة عسكرية، فهل يعتبر هذا انتهاكاً للقانون الإنساني الدولي.
ويقول المحامي، إن هذه الصور الفوتوغرافية، التي يلتقطها أفراد، لا تسمح لنا دائمًا باستنتاج حدوث جريمة حرب".
وتابع "مع ذلك، في بعض الحالات، فإنها قد تشكل "اعتداءات على الكرامة الشخصية" (المادة 8-2-ب-21 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية)، أي المعاملة المهينة للمرأة، بما في ذلك طريق نشر ملابسها الداخلية على شبكات التواصل الاجتماعي، أو جريمة "النهب" (المادة 8-2-ب-16 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية)، والتي تُعرّف كالتالي: هي الاستيلاء على الممتلكات الخاصة من قبل الجنود، وكلاهما جرائم حرب".
واعتبر صوفي، أن "هذه الممارسة تمثل شكلاً من أشكال تجريد المرأة الفلسطينية من إنسانيتها، والاستهزاء بنزاهتها من خلال تسليط الضوء بشكل خاطئ كرامتها التناقض المفترض بين زيها الخارجي المتواضع وبين ارتدائها للملابس الداخلية.
ويردف المحامي قائلا: رغم أن الأمر قد يبدو سخيفًا أو غير ذا قيمة، إلا أن هذه العقلية الضارة والبنية العقلية تلعب في الواقع دورًا في ارتكاب الجرائم القائمة على النوع الاجتماعي، بما في ذلك العنف الجنسي، على سبيل المثال".
خبراء أمميون يدعون للتحقيق في الاتهامات
ودعت الأمم المتحدة، إلى التحقيق في محتوى المقاطع والصور التي يكشف فيها عناصر الجيش عن ملابس النساء الداخلية في غزة.
وفي 19 فبراير/شباط الماضي، طالب خبراء أمميون بإجراء تحقيق بعد اتهامات بارتكاب الجيش الإسرائيلي لجرائم اعتداء جنسي واغتصاب واعتقالات تعسفية ضد نساء وفتيات فلسطينيات في غزة والضفة الغربية.
وفي 4 فبراير/شباط، كشف تحقيق نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن وحدة تابعة للجيش الإسرائيلي مسؤولة عن الحرب النفسية، أدارت قناة "72 عذراء - غير خاضعة للرقابة" على تطبيق "تليغرام" وقامت وقامت بنشر أكثر من 700 منشور وصورة وفيديو لفلسطينيين وهم يُحتجزون أو يقتلون في قطاع غزة.
وشجعت القناة متابعيها على مشاركة هذه الصور حتى يرى الجميع "الإنجازات التي يحققها الجيش الإسرائيلي".
ورغم نفي الأخير مسؤوليته عن تشغيل القناة، فإن مسؤولا عسكريا كبيرا أكد ل "هآرتس"، أن "الجيش هو المسؤول عن ذلك، وقال: أن يدير الجنود مثل هذه الصفحة الإشكالية هو بالنسبة لي "أمر فظيع".
وبحسب الصحيفة، فقد تم فتح القناة في التاسع من أكتوبر/تشرين الأول، أي بعد يومين فقط من شن حركة حماس عملية طوفان الأقصى. وقد حملت تلك القناة اسم "المنتقمين"، وفي اليوم التالي تم تغيير الاسم إلى "عزازيل لغزة"، ثم "72 عذراء- غير خاضعة للرقابة".
أكثر من 31 ألف فلسطيني قضوا تحت القصف في بضعة شهور
وبحسب وزارة الصحة في قطاع غزة، فقد قُتل 31,272 شخصًا منذ بداية الحرب الدامية التي شنتها إسرائيل منذ أكثر من اكتوبر الماضي في أعقاب عملية "طوفان الأقصى".
وتمثل النساء والأطفال 70% من ضحايا الحرب، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية.