عززت روسيا خلال الأعوام الماضية عبر صادرات الحبوب وصفقات التسليح والتعاون في مجال الطاقة، من حضورها في إفريقيا، وهي سوق تكتسب أهمية متزايدة بالنسبة إلى موسكو منذ بدء حرب أوكرانيا في شباط/فبراير 2022.
فيما يأتي عرض لأبرز مجالات التعاون بين الطرفين، عشية استضافة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قادة دول إفريقية لقمة في مدينة سان بطرسبرغ:
تصدير الحبوب
أعلنت روسيا في تموز/يوليو عدم تجديد اتفاقية أتاحت على مدى العام المنصرم تصدير ملايين الأطنان من الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود نحو بقاع مختلفة بما فيها دول إفريقيا.
أعلنت موسكو "تفهّمها" للقلق الإفريقي جراء وقف العمل بالاتفاقية، وأكدت أنها ستعوّض الحبوب الأوكرانيّة المورّدة إلى القارة دون كلفة إضافية.
وشدد بوتين في مقال نشره الإثنين الموقع الالكتروني للكرملين "رغم العقوبات، ستواصل روسيا جهودها الحثيثة لضمان توزيع الحبوب والمواد الغذائية والأسمدة وغيرها من السلع إلى إفريقيا".
وروسيا من أكبر مصدّري الحبوب في العالم، وزودّت إفريقيا بـ11,5 مليون طن منها في العام 2022، بينما وصلت كمية الصادرات في الأشهر الستة الأولى من 2023 الى نحو عشرة ملايين طن.
وأشار المسؤول في وزارة الاقتصاد الروسية بافل كالميتشك الى أن القمح وحبوب مستخدمة كعلف، تشكّل 25 بالمئة من الصادرات الروسية الى إفريقيا.
فاغنر
تعد مجموعة فاغنر منذ أعوام بمثابة الذراع العسكرية لروسيا في دول إفريقية عدة، مع تواجد عناصر أو "مدربين" تابعين لها في ليبيا والسودان وموزمبيق ومالي وجمهورية إفريقيا الوسطى حيث يشرف أحد كوادرها على أمن الرئيس فوستان آرشانج تواديرا.
وعلى رغم التمرّد المسلح الفاشل على القيادة العسكرية في موسكو الذي نفذته المجموعة وقائدها يفغيني بريغوجين في حزيران/يونيو، يرجح بأن عمليات فاغنز في إفريقيا لم تتأثر الى الآن.
وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن مصير عناصر فاغنر في إفريقيا يعود "للدول المعنية".
وبحسب مصدر عسكري أوروبي، تحقق المجموعة عائدات كبيرة في الدول الإفريقية جراء الذهب والمعادن.
تزويد الأسلحة
أبرم الاتحاد السوفياتي السابق اتفاقات تسليح مع عدد من الدول الإفريقية. وفي الأعوام الماضي، سعت موسكو إلى "مواصلة وتعزيز" التعاون في هذا المجال، وفق ما أكد لوكالة فرانس برس مصدر في هذا القطاع.
وبحسب المصدر الروسي، يركّز التعاون على "تحديث الأسلحة التي تمّ توفيرها منذ الحقبة السوفياتية"، وأيضا التزويد بأسلحة من الجيل الجديد.
وشدد المصدر على أن "روسيا تعمل مع كل الدول حتى تلك التي تعاونت تقليديا في هذا المجال مع فرنسا، الولايات المتحدة، أو إسبانيا".
وأوضح مدير الجهاز الروسي للتعاون العسكري والتقني دميتري شوغاييف في صيف 2021 أن تصدير الأسلحة الى إفريقيا يشكّل "ما بين 30 الى 40 بالمئة" من إجمالي صادرات السلاح الروسي سنويا.
وفي 2019، أشار شوغاييف الى أن الدول الإفريقية طلبت أسلحة من روسيا بقيمة 14 مليار دولار. وموسكو على سبيل المثال هي من أبرز المصدّرين للجزائر التي يعد جيشها من الأكبر في القارة.
المحطات العائمة والطاقة
تسعى روسيا كذلك إلى تزويد إفريقيا بخبراتها التقنية في مجال البنية التحتية النووية.
وفي مصر، بدأت مجموعة "روساتوم" العملاقة في 2022 بناء محطة الضبعة النووية، الأولى من نوعها في البلاد.
وتسعى روسيا الى تصدير المحطات العائمة للدول الإفريقية التي تعاني من نقص بالغ في قدراتها الذرية.
وبحسب وزارة الطاقة الروسية، لموسكو مشاريع نفطية عدة في إفريقيا تشرف عليها بشكل رئيسي مجموعة "لوكويل".
وفي ظل العقوبات الغربية التي فرضت عليها بعد غزو أوكرانيا، تسعى روسيا الى إعادة توجيه صادراتها من النفط والغاز بعد إغلاق السوق الأوروبية في وجهها. وهي أعلنت تعزيز التعاون في مجال الطاقة مع الجزائر التي تعدّ من أبرز مصدّري الغاز الطبيعي.
وبحسب وزارة الاقتصاد يخصص ثلثا الاستثمارات الروسية في إفريقيا لاستكشاف واستخراج النفط والغاز، وكذلك اليورانيوم والألماس ومعادن أخرى.