كيف تسبب أول تشخيص باضطراب جديد في النوم إلى اكتشاف علمي؟

منذ 5 أشهر 92

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- دونالد دورف كان يسمع هتافات الجماهير بينما انتزع الكرة من الهواء وانطلق بسرعة نحو خط المرمى.

وقال الرجل البالغ من العمر 67 عاما لمجلة "ناشيونال جيوغرافيك" في عام 1987: "كان هناك تدخّل من قبل شخص يزن 127 كيلوغراما في انتظاري، لذلك قررت أن أدفعه بكتفي".

وتابع دورف: "عندما أفقت، وجدت نفسي مستلقيا على الأرض في غرفة نومي... وكانت الساعة الواحدة والنصف صباحًا."

ولكن كيف أصبح حلم بائع بقالة متقاعد من ولاية مينيسوتا موضوعا يستحق الظهور في مجلة معروفة؟

وقبل خمس سنوات، أصبح دورف أول مريض تشخّص إصابته بمرض غير عادي يسمى اضطراب نوم حركة العين السريعة.

وبسبب حالة دورف، بدأ الباحثون رحلة بحث كشفت عن واحدة من العلامات الأولى على مرضين مدمرين، هما مرض باركنسون، وشكل فريد من الخرف يسمى خرف أجسام ليوي.

الأعراض تشمل الصراخ، والركل، واللكمات

واكتشف اضطراب نوم حركة العين السريعة في عام 1982 عندما أصبح دورف، بعد سنوات من المعاناة من "الكوابيس العنيفة"، مريضًا لدى الطبيب النفسي واختصاصي النوم الدكتور كارلوس شينك، الذي كان يعمل آنذاك لدى مركز مينيسوتا الإقليمي لاضطرابات النوم في مدينة مينيابوليس.

وقال شينك، وهو حاليا أستاذ وطبيب نفسي كبير لدى مركز مقاطعة هينيبين الطبي بجامعة مينيسوتا، لـ CNN مؤخرًا: "أثناء مرحلة نوم حركة العين السريعة، يقوم الدماغ بشكل أساسي بشلّ الجسم بحيث لا نتمكن من محاكاة أحلامنا فعليا".

وتابع: "لكن دورف كان قادرًا على النهوض (من فراشه) وإيذاء نفسه أثناء الحلم، ما يعد سلوكا غريبا جعلنا في حيرة من أمرنا".

وأشار شينك أنهم وضعوا شينك في مختبر النوم، وتفاجأوا بأن كل سلوكياته الجسدية جاءت من مرحلة نوم حركة العين السريعة، وهو أمر لم يُبلغ عنه أحد من قبل".

وأوضح شينك إنه تم التعرّف على مزيد من المرضى الذين يعانون من هذا الاضطراب غير العادي، حيث أظهر العديد منهم مجموعة مزعجة من الأعراض العنيفة.

وأضاف: "يبدأون بالركل في الفراش، وتوجيه اللكمات إلى شركائهم في السرير، والتحدّث أو الصراخ بصوت عالٍ".

وتشمل الأعراض اهتزاز الأطراف، وارتعاش العضلات، ورمي اللكمات، والركل، والجلوس، والوقوف، والقفز من السرير والجري. وأضاف أن هذه السلوكيات تعد نموذجية جدًا مع اضطراب نوم حركة العين السريعة.

مع ذلك، أثناء متابعته للمرضى على مر السنين، اكتشف شينك أمرا أكثر إثارة للقلق، وهو أن هذا السلوك يمكن أن يكون بمثابة تحذير مبكر للتنكس العصبي لاحقًا.

وأضاف شينك أن "فقدان تأثير شلّ الحركة خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة، الذي يعد أساس اضطراب نوم حركة العين السريعة، هو أول وأقوى مؤشر للتشخيص اللاحق لمرض باركنسون وخرف أجسام ليوي".

اضطراب نوم حركة العين السريعة قد يؤثر على النساء أيضًا

في البداية، اعتقد الباحثون أن اضطراب نوم حركة العين السريعة يؤثر على الرجال فقط، لكنهم أدركوا بعد ذلك أن النساء يتأثرن بنفس القدر.

وقال شينك: "تعاني العديد من النساء من هذه المشكلة بقدر الرجال، ولكن لأنها تكون بشكل أخف بكثير ولا تسبب إصابات في كثير من الأحيان، فإنهن غالبا لا يطلبن المساعدة". 

وأضاف: "مع ذلك، هن أيا فقدا تأثير شلل العضلات أثناء مرحلة نوم حركة العين السريعة، ما يعني أن هن معرضات لخطر الإصابة بمرض باركنسون في المستقبل مثل الرجال".

وأشار شينك إلى أن هاك تجربة سريرية جارية في 9 مراكز طبية في الولايات المتحدة. ويأمل البحث في تحديد العلاجات المحتملة لاضطراب اضطراب نوم حركة العين السريعة وإبطاء تطوره إلى مرض باركنسون والخرف.

اطلب المساعدة الطبية في حال اختبرت أحلاما عنيفة

في طفولته، شارك دونالد دورف غرفة مع ثلاثة أشقاء ولم تظهر عليه أي علامات اضطراب في النوم. ومع ذلك، في ليلة زفافه، كان يخيف عروسه بالحديث بصوت عالٍ، والأنين، وصرير الأسنان، والحركات الطفيفة، وفقًا لدراسة الحالة التي أجراها شينك.

ولكن بعد نحو 41 عامًا، بدأ يرى أحلامًا حيّة وعنيفة والتي كان يحاكيها خلال نومه.

في حين أن بعض الأشخاص الذين يعانون من اضطراب نوم حركة العين السريعة يتطور لديهم مرض باركنسون بسرعة كبيرة، إلا أن دورف لم يكن من بينهم. وأوضح شينك أن دورف توفي بسرطان البروستاتا، وتمكّن من السيطرة على سلوكه العنيف أثناء نومه حتى وفاته بسبب استمراره على العلاج.

وقد ساعدت حالة دورف الأطباء على اكتشاف مفتاح مبكر لاثنين من الاضطرابات المدمرة، ما سمح بالتشخيص والعلاج في وقت مبكر.

وقال شينك: "إذا لم يسبق لك السير أثناء النوم أو التحدّث أثناء النوم طوال حياتك، وفجأة، بعد سن الخمسين، بدأت ذلك وأصبح الحديث بصوت أعلى وأكثر تكرارًا، فيجب أن تخضع لفحص من قبل طبيب الرعاية الأولية الخاص بك".

وأضاف: "يجب على طبيبك أن يفكر في التقييم العصبي لأن ذلك قد يكون أول علامة على وجود اضطراب التنكس العصبي".