كيف بدأت علامة "هاري وميغان" التجارية تتداعى؟

منذ 1 سنة 141

عندما التقى هاري بميغان رأى العالم أن شركة ساسكس آتية، زفافهما وحده، ممثلة أميركية جميلة ثنائية العرق من وسط مدينة لوس أنجليس تتزوج الأمير الصبي المفضل في العالم مثل قصة خيالية نابضة بالحياة تحدث في القرن الـ 21، ولّد حوالى مليار جنيه استرليني للاقتصاد البريطاني (بما في ذلك 300 مليون جنيه استرليني إضافية من تكاليف السفر والإقامة التي أنفقها سياح أجانب، و50 مليون جنيه استرليني صرفت على التذكارات مثل العملات المعدنية والمناديل والملابس).

بعد 18 شهراً فقط تخليا عن لقبيهما الملكيين وانتقلا إلى أميركا حيث لم يكن السؤال كم سيكسبان، ولكن ما مدى سرعة تفوق دخلهما على ريع الملكة؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الآن يهدد سقوط إمبراطوريتهما الإعلامية في كاليفورنيا بأن يكون حدثا جللا مثلما كان صعودها الرائع في ظل تداعيات أكثر سمية لخروجهما من العائلة المالكة، ومنغصات مؤلمة تماماً مثل خلاف هاري مع ويليام، "فليذهب هذان النصابان إلى الجحيم" هذا ما قاله المدير التنفيذي لمنصة "سبوتيفاي" بيل سيمونز بالتزامن مع سحب عملاقة البث التدفقي الأسبوع الماضي صفقة بقيمة 20 مليون دولار (15 مليون جنيه استرليني) لإنتاج مدونات صوتية بعد عامين ونصف العام.

تشير مصادر صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى أن الزوجين لم يستوفيا المعايير المطلوبة لتلقي العائد الكامل من صفقتهما، إذ أنتجا 12 حلقة فقط من مدونة "نماذج أصلية"  Archetypesالصوتية الخاصة بهما.

وفي قصة منشورة في الصفحة الأولى للعدد الصادر نهاية هذا الأسبوع، دقت الصحيفة ناقوس الموت على طموحاتهما المستقبلية بقصة بعنوان "فشل هاري وميغان في هوليوود".

كانت إحدى المشكلات تأمين الضيوف للمدونة، وقد ذكرت الصحيفة أن ميغان كتبت رسالة شخصية إلى تايلر سويفت تطلب منها أن تكون ضيفة في مدونتها الصوتية، وهو طلب قوبل بالرفض، ويأتي هذا على رغم أن المغنية النجمة قد غنت ذات مرة على خشبة المسرح مع الأمير ويليام وجون بون جوفي.

وتردد أن مصادر مطلعة عدة قالت لـ موقع "بود نيوز" إن عاملين آخرين في فريق "نماذج أصلية" أجروا بعض المقابلات نيابة عن ميغان، إذ تم دمج الأسئلة بصوتها في وقت لاحق.

إنه ذلك النوع من قصص الرعب الأميركية التي يمكن أن تفسد تقييم حتى الشركات الرائدة الأكثر شهرة، وباختصار فإنه كابوس بالنسبة إلى أي علامة تجارية. نشرت شبكة "بلومبيرغ" سلسلة من الأفكار التي طرحها دوق ساسكس على المديرين التنفيذيين للإنتاج في "سبوتيفاي" التي كانت غريبة جداً لدرجة أن ابتكارها كان عملية مضنية بلا شك، وكان هاري يريد إجراء مقابلة مع ضيف مثير للجدل مثل فلاديمير بوتين ومارك زوكربيرغ ودونالد ترمب حول سنوات تكوينهم الأولى، وكيف أدت تجارب صدمة الطفولة تلك إلى كونهم البالغين الذين نعرفهم اليوم.

السؤال الذي لا يقدر بثمن الآن هو أين سيترك هذا علامة ساسيكس التجارية؟

إن لم يكن التأثير المخيف كارثياً على علامة تجارية لم يكن يُنظر إليها إلا أخيراً على أنها قوة تجارية طاغية، فهو بالتأكيد لن يكون في مصلحة الزوجين اللذين تقدر ثروتهما الشخصية بنحو 30 مليون جنيه إسترليني، ففي مونتيسيتو يعد هذا المبلغ قروشاً.

الوقت القصير الذي أمضياه في كاليفورنيا كان في هبوط وصعود مثل لعبة أفعوانية، ففي بداية انتقال الثنائي ساسكس، مع أنهما بالتأكيد قرصا نفسيهما في محاولة لتصديق العروض المالية التي وضعت أمامهما على الفور، وبعد ستة أشهر تعاقدت معهما "نتفليكس" في صفقة لمدة خمس سنوات بقيمة 100 مليون دولار لإنتاج أفلام وثائقية وسلسلة وثائقية وأفلام وعروض معدة مسبقاً وبرامج للأطفال، كما أن "ديزني" و"أبل" استدرجتاهما، وبعد فترة وجيزة كانت "سبوتيفاي" تخطب ودهما، ولم تكن أميركا والعالم لتمل منهما.

كشفت ميغان، دوقة ساسكس، في مقالة شخصية للغاية في صحيفة "نيويورك تايمز" عن قصة إجهاضها، وهي لحظة شجاعة ومؤلمة لمست ملايين ممن عانوا في صمت، وتابع حوالى 17.1 مليون مشاهد تلك المقابلة الشهيرة التي أجريت على مقعد في حديقة مع أوبرا وينفري.

وقّع هاري عقداً لتأليف أربعة كتب بقيمة 33 مليون جنيه استرليني مع دار "بينغوين راندوم هاوس" للنشر، وباعت مذكراته الاعترافية "احتياط" Spare 3.2 مليون نسخة في جميع أنحاء العالم، وكانت الولايات المتحدة مغرمة بهما بشدة.

كتبت باميلا بول في صحيفة "نيويورك تايمز"، "هذا لأنهما اختارا أميركا، فحقيقة أن الثنائي ساسكس قد تخليا عن بلد يوصف بأنه معاد للمهاجرين ويتحكم به العنصريون ومثقل بإرث الاستعمار، تجعل الأميركيين يشعرون بشكل أفضل تجاه بلدهم، والذي قد يوصف أيضاً (يا للمفاجأة) بأنه معاد للمهاجرين بالقدر نفسه، ويديره العنصريون ومثقل بإرث الاستعمار، لكن هاري وميغان يريان أميركا كملاذ".

أثناء الإغلاق المرافق لوباء كورونا، الفترة التي حققت خلالها شركات البث التدفقي العملاقة مثل "نتفليكس" و"سبوتيفاي" أرباحاً قياسية من المشاهدين الملتصقين بالشاشات حتى في ظل التوقف الموقت للإنتاجات، كانت الإمكانات التسويقية لعلامة ساسكس التجارية واضحة، شابان جذابان بابتسامة آسرة وكاريزما مشتعلة، جندي ونجمة هوليوودية، وكلاهما أيضاً ناشطان لمصلحة قضايا جيدة، ويتحدثان ببلاغة عن مواضيع مثل العدالة الاجتماعية والسلامة العقلية.

كانت لديهم قصة يمكن ترويجها، أم وأب خارقان صاعدان وضعا آرتشي وليليبيت في مرتبة فوق عائلتيهما (معروف عن هاري أنه استقل الطائرة عائداً من تتويج الملك تشارلز قبل نهاية اليوم ليكون في المنزل لحضور عيد ميلاد ابنه، أما ميغان فغابت عن التتويج بأكمله)، أرادا أن يكونا مثلنا فقط، وأراد الأميركيون أن يكونا مثلهم تماماً، وكان الثنائي ساسكس جادين في الرسائل التي يرسلانها، واستعانا بريبيكا موستو البالغة من العمر 70 عاماً، المساعدة السابقة للثنائي فيكتوريا وديفيد بيكهام لمساعدتهما في "إدارة حياتهما"، ثم وظفا ميراندا باربو التي كانت جزءاً من الفريق الذي كان وراء إعادة انتخاب أوباما عام 2012 من أجل "تغيير صورتهما"، ثم وظفا ليز غاربس، مخرجة مسلسل "حكاية خادمة" Handmaid’s Tale المرشحة للـ "أوسكار" والتي عملت لـ 25 عاماً في مشاريع حول النساء المضطهدات، لمساعدتهما في سرد قصتهما على "نتفليكس".

كانت المشكلة عندما أعاد العالم فتح أبوابه بعد الوباء هي تقديم هذه المشاريع، ووصل السباق العالمي المحموم لاستئناف الإنتاج إلى مستوى مفرط حتى مع انخفاض الأرصدة المصرفية لتلك الشركة، وانتشرت شائعات بأن ساسكس فشلا ببساطة في مواكبة الطلب عليهما،

وكانت المشكلات أكثر على جانب العرض.

بعد ثلاث سنوات لم يترك هذا البوح باللحظات الاعترافية الذي كان يتراوح بين قطرات وطوفان شبه منتظم أي شيء جديد يمكن أن يقوله الثنائي ساسكس، وتساءلت مجلة نيويورك بصراحة في مارس (آذار) الماضي "هل ما زال لدى الأمير هاري أية كشوفات لمشاركتها؟"، بالتزامن مع حلوله ضيفاً مرتين في غضون شهر في برنامج "ذا ليت شو" مع ستيفن كولبريت.

عندما تكون قد أخبرت العالم بالفعل عن تناولك المخدرات في منزل كورتني كوكس، وفقدان عذريتك في أحد الحقول، ومشاهدة المشاهد الجنسية لميغان ماركل في مسلسل "سوتس" Suits، هل سيجعل الكشف عن شطيرتك المفضلة ("خبز محمص بالجبن ولحم الخنزير مع الخردل") المشاهدين يتحفزون وينتبهون؟

استمرت الضربات في الظهور، ووفقاً لتقارير فقد كانت دوقة ساسكس انضمت إلى طابور للتعاقد مع دار "ديور" للأزياء بعد الاستعانة بالوكيل التجاري القوي آري إيمانويل، الرئيس الجذاب لوكالة "ويليام موريس إنديفور" للمواهب من أجل تنشيط سمعتها، لكن متحدثاً باسم "ديور" نفى وجود أي اتصال حديث مع ميغان، وأصر على عدم الرغبة في مفاوضات حول توقيع عقد.

في هذه الأثناء، وفي بريطانيا، انخفض الرأي العام في دوقة ساسكس إلى أدنى مستوى له على الإطلاق، كما يشير استطلاع جديد أجراه موقع "يوغوف"، ولا يعني هذا أن الطبقات الثرثارة في بريطانيا تمتلك تأثيراً كبيراً في الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، لكن تسميات مثل "نصابة" يمكن أن تبقى.

قاد الأمير هاري حملة ضد صحافة الـ "تابلويد" في المملكة المتحدة، لكن بعض أسوأ الانتقادات للثنائي جاءت على وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من الصحف الفضائحية البارزة التي يشنان حملات ضدها، وقالت ميغان سابقاً إنها تتجنب وسائل التواصل الاجتماعي حالياً من أجل "الحفاظ على نفسها" بعد الإساءات.

إنه أمر مؤسف بشدة، فقد أثبت الثنائي ساسكس أنهما راويا قصص مثيران للإعجاب، ويمتلكان موهبة الوصول إلى جماهير لا يستطيع الآخرون الوصول إليها، وليس من المبالغة القول إنهما إلى جانب الثنائي "كامبردج" آنذاك غيرا النقاش العالمي في السلامة العقلية، وجعلا السرد يتقدم عقوداً من الزمن، وتظل مبادرة "هيدز توغيذر" التابعة للمؤسسة الملكية التي تعمل مع هيئة خدمات الصحة الوطنية، معياراً ذهبياً للخدمة العامة الملكية.

فشلت مدونة "نماذج أصلية" ببساطة في تقديم الجاذبية نفسها، وكانت المحادثات مع سيرينا ويليامز وماريا كاري أقل عمقاً بكثير، إذ سعتا إلى استكشاف "الصناديق التي تم وضع النساء فيها لأجيال: صناديق مثل "مغنية بارزة" و "مجنونة" و "عاهرة" و"فاسقة"".

كان من الصعب العثور على أفكار لمتابعة المقابلات البوحية التي أجرياها مع "نتفليكس"، ووفقاً لصحيفة "وول ستريت جورنال" فقد اقترح الزوجان مشاريع أخرى لم تنطلق أبداً، بما في ذلك مسلسل كوميدي شبيه بمسلسل "إيملي في باريس" Emily in Paris ولكن من بطولة رجل في الدور الرئيس، وبرنامج عن شخصيات مثلية الجنس تردد أنه على غرار مسلسل "هارت ستوبر" Heartstopper.

إنهما يجدان نفسيهما في موقف غير مفرح الآن، وكما أشار الصحافي الاسكتلندي أليكس ماسي في منشوره على موقع "ساب ستاك"، فإن هاري "عبر إلى الجانب الآخر من دون أن يكون لديه احتمال للعودة"، مثل منشق عن الحرب الباردة تقطعت به السبل، وبالنسبة إلى أصحاب لقمة عيشه الجدد، التلفزيون الأميركي، فإنه مفيد طالما أن أسراره لا تزال تلقى صدى وأنه مستعد للبوح بها، إذ سيتم الضغط عليه حتى استخلاص آخر قطرة نميمة أو تلميحات مسيئة منه، وبعد ذلك فكل ما تبقى هو "رجل حزين في منتصف العمر في المنفى يتسكع في كاليفورنيا ويستجدي ليكون ذا صلة، بينما يعرف في أعماق نفسه أن كل الأمور تسير نحو الانحدار من تلك النقطة".

ومن المفارقات أنه لم يمض وقت طويل منذ أن تحدث دوق ساسكس عن مباهج ترك الوظيفة، وربما يتمتع بالمرونة العقلية للتعامل مع إقالته من "سبوتيفاي" على أنها نعمة، لكن تراجع العلامة التجارية مثله مثل الإفلاس، يتسلل إليك بطريقة غريبة وتدريجياً ثم فجأة.