كيف أصبحت الكلاب خصمي الأكبر في عالم المواعدة الغرامية؟

منذ 1 سنة 144

بذلت جهداً لإخفاء عدائي المستمر طوال حياتي للكلاب. نباحها ورائحتها والطريقة التي تكاثرت بها أعدادها من حولي خلال فترة جائحة "كورونا"، ناشرة برازها في الحدائق العامة في منطقتي. لكن أمرين حدثا أخيراً جعلاني أشعر وكأنني أنا المزعج حقاً. أولاً، بعد أول لقاء غرامي مطول وممتاز مع فتاة تعرفت عليها عبر تطبيق مواعدة، وبعدما تمشينا واحتسينا النبيذ وأفرطنا في مشاركة أمورنا الخاصة وتبادلنا القبلات، قالت لي في اليوم التالي عبر رسالة نصية إنها حتماً لا تستطيع رؤيتي أقتحم حياتها المشغولة كـ"أم لكلبها". طُردت من حياتها بسبب كلب من نوع "كوكر" cocker spaniel.

مع ذلك لم يكن الوقوع المهين في مثلث الحب هذا المكون من رجل وامرأة وكلب القشة التي قصمت ظهر البعير – بل الشق المتعلق بالجانب المالي وليس الرومانسي. أخبرني أحدهم أخيراً، في سياق الحديث عن احتمال تغيير مسيرته المهنية أن كلفة رعاية كلب في حي راقٍ قريب في شرق لندن تبلغ حوالى 40 جنيهاً استرلينياً (51 دولاراً) في اليوم. في حالي الهشة نوعاً ما من العزوبية وعدم الأمان، فإن فكرة استعداد إحداهن لإنفاق كثير من المال على كلب، وفي الوقت نفسه عدم رغبتها في قضاء وقت معي أفقدتني أعصابي. عوملت بازدراء، وبالتالي بت مهووساً بخصومي الكلاب وقررت أن عليّ اكتشاف المزيد عنهم.

أظهر بحث سريع عبر محرك "غوغل" أن كلفة "حضانات الكلاب" في غرب لندن يمكن أن تصل إلى 60 جنيهاً استرلينياً (77 دولاراً) في اليوم. بالتأكيد، بدت بعض المرافق في أنحاء المملكة المتحدة مدهشة بشكل جنوني – فبعضها يحوي "منتجعات" ومناطق استجمام، وبعضها يحوي أماكن للعب – لكن العامل الاقتصادي كان الجزء الأكثر وضوحاً. يوازي هذا المبلغ كلفة رعاية طفل، إذ يدفع سكان لندن في المتوسط 182.50 جنيه استرليني (232 دولاراً) لكل 25 ساعة في الأسبوع مقابل رعاية الأطفال. يمكن أن تصل كلفة الرعاية للمدة نفسها في حضانة كلاب في غرب لندن، بشكل جنوني إلى 1500 جنيه استرليني (1910 دولارات). كل هذا – دعوني أكرر – من أجل كلب.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كوالد لطفلين بشريين، لم أنفجر في محاولة لإثبات ما هو الصواب حينما وصفت الفتاة التي واعدتها نفسها بـ "أم كلبها". أعتقد بأن امتلاك كلب أمر مختلف عن تربية طفل، لكنني أدرك أيضاً أن استخدام مصطلحات مثل "أب لكلب" أو "أم للنباتات" جزء لا يتجزأ من قولبة حياتنا بما يتوافق مع منصات التواصل الاجتماعي، بحيث نشجع على قبول شعارات تكون مناسبة للطباعة على قميص أو لافتة من قبيل "عش، إضحك، أحب" كوسيلة للتغلب على الفراغ المؤلم في الحياة المعاصرة. لكن، بغض النظر عن الدلالات اللغوية، اتضح لي أن الكلاب كانت تحظى بكل المال والفتيات. كنت بحاجة لفهم خصومي بشكل أفضل.

تذكرت أن صديقاً قديماً من المدرسة، يدعى سام، كان يعمل مع الكلاب، بصفة لم أتمكن من فهمها أبداً، عاودت التواصل معه – متوقعاً أن يخبرني أن تلك الأسعار مجرد حال استثنائية. لكن إجابته كانت مثيرة للذهول: "40 جنيهاً في اليوم؟ أنا أطلب 30 جنيهاً في الساعة!". لذلك رتبت لقاء مع سام الذي يعمل في الواقع كمدرب ومشاء للكلاب أيضاً، في أحد الصباحات لمرافقته في جولاته ضمن المناطق السكنية قرب حيي أولد ستريت وفارينغدون في لندن.

اجتمعنا تحت ظلال ثلاثة أبراج عالية فارهة متلألئة التي خمن أنها تحتوي على أكبر تجمع لأصحاب الكلاب في العالم برمته. قدم لي نظرة مقربة جنونية ومبهجة عن التطرف المالي الذي قد يصل إليه الناس من أجل كلابهم: صاحب الكلب الذي ركب أخيراً وحدة تكييف بكلفة 500 جنيه استرليني من أجل كلبه، الآخر الذي أنفق 30 ألف جنيه على ساق آلية لكلبه، وغيره الذي أنفق 50 ألفاً على عملية جراحية لدماغ كلبه. يقيم بعضهم حفلات أعياد ميلاد تشمل الطعام والألعاب، وهناك كلب محظوظ يمتلك سبعة أسرة. أذهلني كل ذلك، وأخافني في الوقت عينه، مثل بيضة شوكولاتة محشوة بالجمرة الخبيثة.

لكن ما لم يكن في الحسبان هو أنني سأقع تحت تأثير السحر اللعين لعلاقته مع الكلاب. يبلغ طول سام ست أقدام وثمانية إنشات (نحو 203 سم) ويملك كاريزما تفوق أولئك الذين يشاركون في عروض بالملايين. لديه حالياً قائمة زبائن ممتلئة، لكن كلما حظي ببعض الوقت، يتوجه ببساطة إلى المتنزه برفقة كلبه، "كالوم"، ويقوم بمشاركته بعض الحيل بشكل تلقائي. يتزاحم محبو الكلاب للحديث إليه، وقد استعد لذلك. حتى خلال جولاتنا القصيرة، تطلب منه بطاقة عمله التعريفية (بزنس كارت)، بينما يوقفه أصحاب المقاهي وبعض السكان المحليين ويحيون مرافقيه ذوي الفراء بأسمائهم. يعيش حياة ساحرة، ويحظى بالاحترام. وبالتأكيد، ربما لا يكون ذلك مفاجئاً بالنسبة إلى شخص، كما يصف هو نفسه، "على بعد إنش واحد فعلياً من أن يكون عملاقاً". لكن ما يبرز أكثر هو تفانيه غير المسبوق في العمل مع الكلاب وفهم نفسية أصحابها. بينما لم يكن بعض زبائنه يعلمون حتى أن عليهم تمشية كلابهم قبل شرائها، فإن سام، كمدرب، قادر على ترويض حتى أصعب الكلاب مراساً والعمل معها إلى أن تنسجم مع أصحابها وأسلوب حياتهم. كانت مشاهدة تعامله بسهولة وإتقان مع الكلاب جذابة حقاً، وتركت أثراً حقيقياً في نفسي.

ومع ذلك، حتى المحترفون، مثل سام، ما زالوا يعتقدون بأن العالم مصاب بشيء من جنون الكلاب. بالطبع، هناك مشكلة في مجتمع، حيث كلاب الأثرياء تعيش حياة أفضل من البشر الذين يكافحون للعيش في المدينة ذاتها. كانت تجربتي اللطيفة المفضلة في هذا الشأن، مشاهدة ثنائي يبدوان ميسوري الحال، يستقلان قطاراً في حي كان يوماً ما للطبقة العاملة، وهما يسحبان كلباً خلفهما. كان القطار مزدحماً بشدة، ومع ذلك كان الكلب يحمل ربطة كُتب عليها بشكل صارخ "أحتاج إلى فسحة"، مما خلف شعوراً ببعض الغضب وسط الناس المتعبين المتزاحمين الذين يحاولون فقط العودة من العمل للمنزل. إضافة إلى الجوانب الاقتصادية الكبيرة المرتبطة بهذا الشأن، هناك أيضاً مسألة الوقت. على سبيل المثال، خرب زوجان شابان ليس لديهما أطفال حياتهما الاجتماعية من أجل تربية كلب. أو الزوجان اللذان انفصلا وانتقلا إلى السكن في بلدتين مختلفتين، ومع ذلك ما زالا يلتقيان مرتين أسبوعياً لتبادل الحضانة المشتركة لكلبهما – في مكان ربما كان يوماً ما – للمفارقة الساخرة، ساحة للقاءاتهما الحميمة.

لكن وجود شخص يفسر الأمور النفسية المتعلقة بامتلاك الكلاب ساعدني على فهم كل هذا الجنون – احتفظ بحق وصفه بالجنون – فهو، في الأقل، يتولد من الشعور الصافي بالحب تجاه كائنات حساسة، لطيفة في بعض الحالات. علاوة على ذلك، لا يمكن لأي كان أن ينفق كل هذا المال، ويلتقط البراز الساخن لشيء لا يقدم له الحب في المقابل، ولو بمقدار بسيط. إنه أسلوب حياة يختاره بعضهم، ربما كانت لدي تجاهه أحكام مسبقة استناداً إلى فترة طويلة من التباينات الصارخة في المدينة التي عشت فيها كل حياتي. لكن رؤيتي بشكل مباشر كم الفرح الذي تنشره الكلاب خلال جولات سام وحدها دفعتني إلى الشعور ببعض الغباء لأنني كنت سلبياً لوقت طويل جداً. سألتقي "كالوم"، كلب سام، الأسبوع المقبل، وربما سأطلب مشاهدته وهو يقوم بخدعة او اثنتين. أيتها الكلاب: أقبل بتواضع أنك خصم يستحق العناء.