بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، عادت أيقونة البطيخ بثقلها إلى الساحة السياسية حيث خرجت مظاهرات في مختلف أنحاء العالم لدعم فلسطين جراء الحرب الدامية التي تخوضها إسرائيل في قطاع غزة.
قد يكون البطيخ بالنسبة إليك مجرد فاكهة صيفية لذيذة تنتظرها من موسم لآخر، وتتميز بطعمها الحلو... لكنه بالنسبة للفلسطينيين أكثر من ذلك، إذ تحول البطيخ إلى رمز للتضامن والصمود الفلسطيني.
تاريخ تحول البطيخ إلى رمز للنضال لم يبدأ في السابع من أكتوبر/تشرين الأول بعد هجوم حماس على جنوب إسرائيل، وإنما بدأ عندما سيطرت إسرائيل على الضفة الغربية وقطاع غزة وضمت القدس الشرقية.
وعندما قررت الحكومة الإسرائيلية حظر حمل العلم الفلسطيني علنًا، مشيرة إلى أن عدم الامتثال للقرار الجديد يعتبر جريمة جنائية، بدأ الفلسطينيون حينها رحلة البحث عن رموز تعبر عن صمودهم وتضامنهم.
ومن هنا ظهرت فكرة البطيخ... هذه الفاكهة التي تتشابه ألوانها مع ألوان العلم الفلسطيني (الأسود والأبيض والأخضر والأحمر). وتحولت فيما بعد إلى رمز للتعبير عن التمسك بالهوية الوطنية.
في عام 1993، قررت تل أبيب رفع الحظر عن العلم الفلسطيني كجزء من اتفاقات أوسلو، نظراً للتحولات الكبيرة في العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية. ومع ذلك، لم يتخل الفلسطينيون عن استخدام البطيخ كرمز يعبر عن صمودهم.
وفي العام 2007، وبعد الانتفاضة الثانية، رسم الفنان خالد حوراني لوحة لكتاب يحمل عنوان "الأطلس الذاتي لفلسطين". وكانت اللوحة عبارة عن شريحة من البطيخ، وتُعتبر أحد أبرز أعماله.
وفي عام 2013، تم إصدار طبعة واحدة، أطلق عليها اسم "ألوان العلم الفلسطيني"، وحققت هذه الطبعة شهرة كبيرة في جميع أنحاء العالم.
وعادت رمزية البطيخ إلى الواجهة في عام 2021 بعد صدور حكم إسرائيلي يقضي بطرد العائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية لصالح المستوطنين.
وأطلقت منظمة ( زازيم– حراك شعبي) الإسرائيلية اليسارية، حملة احتجاجات ضد الاعتقالات التي تمت بسبب رفع الأعلام الفلسطينية.
وللتعبير عن رفضهم لهذا الحظر، رفع أعضاء من المنظمة، صور البطيخ على سيارات الأجرة في تل أبيب. وكتب على الصور "هذا ليس علمًا فلسطينيًا".
وفي يناير/كانون الثاني، أمر وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، بإزالة الأعلام الفلسطينية من الأماكن العامة، وأكد أن التلويح بها يعتبر "دعمًا للإرهاب". فيما ظهرت صور للبطيخ خلال مسيرات المعارضة الإسرائيلية.
بعدها، تم التصويت في يونيو/حزيران على مشروع قانون يمنع الأفراد من رفع العلم الفلسطيني في المؤسسات التي تتلقى تمويلا حكوميا، بما في ذلك الجامعات.
ورغم مرور المشروع، إلا أنه لم ينفذ بعد انهيار الحكومة في وقت لاحق.
وبعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، عاد البطيخ بثقله إلى الساحة السياسية حيث خرجت مظاهرات في مختلف أنحاء العالم لدعم فلسطين جراء الحرب الدامية التي تخوضها إسرائيل في قطاع غزة.
ورفع المحتجون في أماكن متفرقة من العالم صورا للبطيخ، هذا وارتدى آخرون قمصاناً عليها شعار شريحة من البطيخ.
ويبقى السؤال، هل سيتمكن الآلاف من الفلسطينيين الذين هربوا من منازلهم وتغيرت حياتهم بشكل جذري خلال الأشهر الماضية، من العثور على شرائح البطيخ التي ستروي عطشهم في الصيف، بعد حرمانهم من الماء؟ وفي وقتٍ تحذر فيه منظمات تابعة للأمم المتحدة من خطر انتشار المجاعة في قطاع غزة المدمر.