تغيرت أحوال دوق ودوقة إدنبرة كثيراً بعد الفضائح التي ابتليا بها في السابق، وبعدما كانا لقمة تلوكها الصحافة الشعبية صارا اليوم اثنين من أهم العناصر الفاعلة في العائلة المالكة.
بعد وفاة الملكة إليزابيث الثانية في الثامن من سبتمبر (أيلول) الماضي شوهدت صوفي التي كانت آنذاك كونتيسة ويسيكس، دامعة العينين وهي تلقي نظرة الوداع على الملكة الراحلة في بالمورال.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
على كل حال لا عجب في ذلك، إذ كانت صوفي ترتبط بالملكة بعلاقة وثيقة، ووصفها نقاد الشؤون الملكية بأنها واحدة من "المفضلين" لدى الملكة.
في عطلة نهاية الأسبوع الماضي شوهدت وهي تستمتع بلحظة مؤثرة مع صهرها الملك تشارلز خلال احتفال يوم الكومنولث في وستمنستر آبي.
تم إقحام الأمير إدوارد وصوفي في البداية في دائرة الضوء عندما وجد دوق يورك نفسه في وسط فضيحة بسبب علاقته بجيفري إبستين المدان بارتكاب جرائم جنسية.
اتهمت فيرجينيا جوفري، إحدى ضحايا إبستين، الأمير آندرو بالاعتداء عليها جنسياً ثلاث مرات.
نفى الدوق تلك الادعاءات بشدة وحل الدعوى المدنية التي رفعتها جوفري بتسوية غير قضائية، وفي محاولة لتبييض سمعته أمام العامة أجرى آندرو مقابلة مع إميلي ميتليس ضمن برنامج نيوزنايت عام 2019، وأثارت المقابلة ردود فعل شديدة وأعلن آندرو بسرعة أنه "سيتنحى عن واجباته الملكية".
لم يمر سوى أشهر قليلة حتى أعلن دوق ودوقة ساسكس قرارهما "التنحي من منصبيهما كعضوين بارزين في العائلة المالكة والعمل على تحقيق استقلالهما المالي"، وعندما بدأ الزوجان ميغان ماركل والأمير هاري فصلاً جديداً من حياتهما خارج العائلة المالكة تركز الاهتمام على إدوارد وصوفي، ومع مغادرة ثلاث شخصيات رئيسة في آل ويندسور فجأة اعتمدت الملكة على دوق ودوقة إدنبرة لتحمل مزيد من المسؤوليات وما يرافقها من ظهور أمام العامة، ومنذ ألقي هذا العبء على كاهلهما أظهر إدوارد وصوفي قوتهما في كثير من الأحيان من خلال البقاء مسترخيين في مواجهة الاضطرابات العائلية.
بدا أنهما يفعلان الأشياء بطريقتهما الخاصة منذ البداية. إن حب إدوارد المثبت للهوايات المسرحية والفترة القصيرة جداً التي قضاها في مشاة البحرية قبل أن يستقيل منها وضعاه في مكان مختلف عن أشقائه.
كانت نشأة صوفي طبيعية نسبياً واستمتع الثنائي بعلاقة استمرت خمس سنوات قبل أن يغامرا ويعلنا خطوبتهما، وحتى حفل زفافهما كان متواضعاً نسبياً وفقاً للمعايير الملكية على أي حال، وقالت صوفي إنه "من غير المحتمل للغاية" أن يختار أطفالها استخدام الألقاب الملكية التي يمكنهم المطالبة بها.
يبدو أن كل هذه الخيارات أعطت علاقتهما قاعدة صلبة يستندان إليها عند تأدية واجباتهما الملكية، بينما يقال إن صوفي كانت قريبة جداً من الملكة حتى إنها أصبحت "سند" صاحبة الجلالة بعد وفاة الأمير فيليب، ولا تزال تبدو وإدوارد منفصلين نوعاً ما عن بقية العائلة.
عند سؤاله في لقاء مع "بي بي سي" بعد وفاة والده عن خلاف الأسرة مع عائلة ساسكس، قال إدوارد إنه يظل "بعيداً من ذلك"، مضيفاً "أنه المكان الأكثر أماناً"، وبالنظر إلى أنه وصوفي ينأيان بنفسيهما بعيداً من الشجار كما يبدو لسنوات عدة، فقد يكون محقاً في ذلك.
في مرحلة باكرة من زواجهما كان دوق ودوقة إدنبرة يحتلان موقعاً مختلفاً جداً في عائلة وندسور.
في البداية واصل الزوجان مسيرتيهما المهنيتين إلى جانب مساندة الملكة، وبعد عامين فقط من حفل زفافهما عام 1999، قام شخص يدعى مظهر محمود، مراسل سري تنكر في هيئة شيخ، بتصوير صوفي وهو يدعي أنه يريد توقيع صفقة مربحة مع شركة العلاقات العامة الخاصة بها.
في فندق دورشيستر سجل محمود حديث صوفي وهي تناقش أفكارها الصريحة حول أعضاء آخرين من العائلة المالكة وتوني وشيري بلير وغيرهما من كبار السياسيين، كما نقل عن شريكها التجاري ماري هاركين أنه أخبر "الشيخ" عن الطرق التي يمكنه من خلالها، كعميل، الاستفادة من علاقات صوفي الملكية حتى إنه قال أشياء مهينة عن الأمير إدوارد عندما لم تكن صوفي معهما.
بمجرد انتشار قصة صحيفة "نيوز أو ذا ورلد" كان الإحراج الذي لحق بصوفي سريعاً وفورياً، تسببت الفضيحة في تركها عالم العلاقات العامة والتخلي عن مسيرتها المهنية في شركتها "آر جيه إتش" R-JH، والانغماس ببطء في الحياة الملكية، ومع ذلك لم تكن الضحية الملكية الوحيدة لـ "الشيخ المزيف" الذي تقمصه الصحافي محمود، فقد وقعت ميشيل أميرة كنت ودوقة يورك في وقت لاحق في ذات الفخ المعقد.
على كل حال فإن القضية برمتها جعلت صوفي تبدو ساذجة في أعين الجمهور، وتم التشكيك في ما إذا كانت تتمتع بالمهارة واللباقة اللازمتين للحياة الملكية.
اضطر الأمير إدوارد لتحمل التكهنات حول حياته الجنسية في سنوات شبابه، وهو أمر نسبه إلى حبه للمسرح، وحين ننظر اليوم إلى الطريقة التي تم بها تكريس هذه الشائعات نجد أنها كانت شديدة الفظاعة، وسيكون مجتمع اليوم أقل تسامحاً مع الانتقادات الموجهة لشخصية عامة فقط لأنها لم تستسلم للخصائص الذكورية التقليدية، ويبدو من الظلم أنه خضع لمثل ذلك التدقيق، ومن السخف أن يهتم أي شخص بماهية ميوله الجنسية.
مع ذلك فإن التعامل مع هذه التكهنات ربما زود إدوارد بالأدوات اللازمة لدعم صوفي للصمود في وجه رد الفعل العنيف الذي واجهته بعد الفضيحة العامة، وبالمثل يبدو أن هذه التجارب قوت مناعته وجعلته قادراً على تجاهل الصحافة السيئة والاستمرار في المهمة الموكلة إليه.
وفي حين أن الجمهور يمتلك قائمة طويلة من الذكريات المتعلقة بالفضائح الملكية، يبدو أن دوق ودوقة إدنبرة نجحا في تجاوزها بسلام وتمكنا حالياً من إعادة خلق نفسهما تقريباً، وكانت مفاجأة لمعظم الناس أن الابن الرابع للملكة سيضطر إلى تولي مثل هذا المنصب المركزي، ففي نهاية المطاف لم يتوقع أحد من ميغان وهاري أن يتنحيا عن منصبيهما كعضوين فاعلين في الأسرة المالكة، ولو أن دوق ودوقة ساسكس بقيا فمن غير المرجح أن يتم دفع إدوارد وصوفي إلى الواجهة.
هناك شيء يذكرنا هنا بالملك تشارلز الثالث والملكة القرينة كاميلا اللذين تمكنا أيضاً على مر السنين من تغيير رؤية الجمهور لهما كثنائي، عندما كانت كاميلا ذات يوم شخصية لا تحظى بشعبية وينظر إليها الآن على أنها سيدة تعمل بجد ومحبوبة نسبياً في معظم الأحيان، وبالمثل فكرة أنها قد تكون ملكة قرينة في يوم من الأيام كانت لفترة طويلة إشكالاً بالنسبة إلى كثيرين.
في فبراير (شباط) العام الماضي أعربت الملكة الراحلة عن دعمها تولي كاميلا الدور عندما يحين الوقت، ولم يتم التعامل مع هذا بأي نوع من المفاجأة، وتقبل الجمهور الأمر إلى حد كبير منذ تولت كاميلا الدور بعد وفاة صاحبة الجلالة.
ربما يستطيع الزوجان ميغان وهاري التطلع إلى دوق ودوق إدنبرة للحصول على إرشادات، وبالنظر إلى مدى اختلاف المواقف الآن تجاه إدوارد وصوفي فيبدو من المحتمل أن تحصل عائلة ساسكس على القبول مرة أخرى في يوم من الأيام.
الوقت وحده كفيل حقاً بالسماح بتبدد معظم الفضائح الملكية لكن بالنسبة إلى صوفي وإدوارد، على كل حال، يبدو أن مكانتهما في العائلة المالكة ستواصل تعززها.
حسناً سيظل الوضع على هذا النحو إلى أن يطبق الملك اقتراحه الذي قدمه قبل وقت طويل بـ "الملكية المخففة".