♦ الملخص:
فتاة أقلعت عن المحرمات من أغانٍ ومسلسلات، لكنها لا تدري كيف تسلي نفسها بما أباحه الله؛ فهي تجلس وحدها في البيت، والكل في عمله، وتسأل: ما النصيحة؟
♦ التفاصيل:
أنا فتاة ابْتَعَدَتْ عن المحرَّمات؛ من أغانٍ ومسلسلات، ولا أدري كيف أسلِّي نفسي بما أباحه الله؛ فالكل مشغول بعمله، وأنا لا أخرج من البيت؛ لعدم وجود سيارة، فكيف أسلِّي نفسي بالمباحات؟ وشكرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فحفظكِ الله بنيتي الطيبة؛ فقد سعِدتُ برسالتكِ وشعَّت في عيني خيريةُ هذه الأمة التي لا تخلو من المؤمنين، فالحمد لله على الثبات والإيمان والعصمة، لا أُنْكِرُ أن المحرَّمات تحاصر اللهوَ المباح من كل جهة، وأن الملتزم في مشكلة حقيقية، خاصة النساء، ولكن عمركِ 21 عامًا يؤهلكِ لأشياء كثيرة لشغل فراغكِ، تقولين: الكل يعمل، وأنت تجلسين في البيت، وتحتاجين لهوًا مباحًا، وهل يمكن أن نجعل وقتنا كله لهوًا؟!
بالطبع إذا كان اليوم كله منصبًّا على التسلي واللهو المباح لن نشعر بالراحة؛ لأن النفس تَمَلُّ من التكرار، حتى اللهو تَمَلُّه النفس، إذا كان نمطَ حياةٍ، سواء كان مباحًا أو غير مباح.
دعينا ننظر للأمر على أنه كيف أقضي يومًا بلا مللٍ خاصة مع الوحدة والغربة؟
سوف أتحدث معكِ بشكل عامٍّ، ولكن يبقى الحل مرهونًا بكِ أنتِ وحدكِ، تسألين نفسكِ: ما الذي يسعدني ويشعرني بالفرح؟ وعلى حسب الإجابة الصادقة مع النفس، أبدأ أخطط لإسعاد نفسي، وعمومًا أقترح عليكِ ما يلي:
ضَعِي جدولًا يوميًّا لكِ ترتبين فيه أولوياتكِ، ويكون منها الجد واللهو، وأنتِ تعيشين في مدينة كبرى (الرياض) يسهُلُ عليكِ فيها إيجادُ منافذَ للإبداع؛ ويمكن أن نتصور الجدول كالآتي:
أولًا: احرصي على الصلاة في وقتها، وأذكار الصباح والمساء، والنوافل.
ثانيًا: حدِّدي لنفسكِ عملًا تكونين مسؤولة عن إنجازه يوميًّا، سواء من مهام المنزل، أو الالتحاق بدراسة عن بُعد، والْمِنصَّات التي توفر ذلك كثيرة ومجانية في غالبها.
المهم أن يكون لكِ شيء جادٌّ، وأنتِ مسؤولة عنه، وعن التقدم والإبداع فيه، هنا نكون قد حددنا أولوياتنا، فلدينا ما ننفق فيه ثُلُثَ يومنا على الأقل، وبعد إنجاز هذا العمل سيكون الوقت الباقي هو المخصص للترفيه الحلال كما تسألين.
ولشغل هذا الوقت القصير ابحثي عن هواية في داخلكِ ومارسيها، وفي المرات التي يذهب فيها والدكِ للتسوق تكونين أعددتِ قائمة له بما تحتاجينه لممارسة هذه الهواية؛ كالكتب مثلًا، أو أدوات الرسم، أو الحياكة أو الطهي، جرِّبي واستعيني باليوتيوب، وتعلمي وتنقَّلي من هواية لأخرى، حتى تجدي ما تحبينه، وأبدعي فيه، وبالتدريج سوف تشعرين بسعادة غامرة بتطوركِ وإنتاجكِ.
فإن لم يتيسر ذلك كله، فخصِّصي ساعة للمشي يوميًّا، وساعة لقراءة القرآن، وابحثي عن صحبة صالحة في أقرب مسجد لكِ، ومع هذه الصحبة يمكنكِ التنزُّه والمدراسة والمناقشة، والضحك والمرح، وتبادل الخبرات والآراء، والزيارات أيضًا؛ لأن بعضهن سيكون عنده سيارة بلا شك.
ثالثًا: لا مانع من إعداد جلسة يومية أو أسبوعية قصيرة مع الأهل، نتبادل فيها الحوار، مع قهوة وحلوى أعددتِها لهم، وكذلك متابعة الأقارب والأرحام ولو من خلال الهاتف.
إذًا الخلاصة: مارسي عملًا جادًّا داخل المنزل أو خارجه، وباقي الوقت طاعات لله، وهوايات مع صحبة صالحة يكثر عددها مع الزمن.
عن نفسي أرى أن القراءة وتعلم القرآن والسيرة منافذُ سعادةٍ غامرة، ربما نشعر بصعوبة في البدايات، ولكن الله يفتح على قلب الصادقين ويعينهم، فجاهدي في هذه الدنيا، واعلمي أن السعادة فيها وقتية قصيرة، وقد وُجدنا فيها للعمل الكثير، واللهو القليل، والله المستعان.