♦ الملخص:
شابٌّ محافظ على الصلاة، يجد في نفسه ميلًا للشذوذ، ولا يدري كيف يتخلص من تلك الرغبة، هذا، مع ميله الطبيعي للنساء، ويظن أنه إن تزوج فسيفشل، ويسأل: كيف التخلص من هذه الرغبة؟
♦ التفاصيل:
السلام عليكم.
أنا شابٌّ مستقيم إلى حدٍّ ما، محافظ على الصلاة وقراءة القرآن، مشكلتي أن لديَّ رغبةً جنسية شاذة، أو قد أقول: مزدوجة؛ مجرد رغبة فقط، في طفولتي فقدت الرعاية الأبوية، أيضًا أتذكَّر قيامي بعمل جنسي شاذ مع أطفال آخرين على سبيل اللعب، ولم تظهر تلك الرغبة الشاذة إلا في العشرينيات، من غير مقدمات، وقد حاولت مرارًا وتكرارًا التخلص من هذه الرغبة، لكن دون جدوى، وعلى إثر تلك الرغبة أصابني اكتئاب ووسواس قهري، وزرت عدة أطباء نفسيين، لكني لم أُفصح لأحدهم عن هذه الرغبة؛ فلا أعتقد أن ثمة طبيبًا نفسيًّا في المغرب يمكنه التعامل مع هذه المشكلة، لديَّ مَيل طبيعي للنساء، وأفكر في الزواج، لكن أحيانًا الرغبة الجنسية تخونني، ويصير لديَّ اضطراب، فأخاف أن أتزوج وأفشل، في نظركم ما الحل؟ هل كان يجب أن أكون صريحًا مع الطبيب؟ هل جميع الأطباء النفسيين يلتزمون بحفظ الأسرار المهنية؟ هل إن تزوجت سيُكتب عليَّ الفشل في هاته الحالة؟ هل يمكن هناك أنشطة أو أي شيء أقوم به لأتخلص من هاته الرغبة؟ كنت قد قرأت مقالًا لأحدهم ذكر أنه تخلص من تلك الرغبة من خلال اتباعه برنامجًا معينًا؛ وهو أنه يخلط بعض المواد؛ مثل: الملحة الحية، والفسوخ، ويغتسل بها، لا أدري ما رأي الشرع في هذا العمل، أرجوكم، أريد إجابة كافية ماذا يجب عليَّ أن أعمل؟ ولكم جزيل الشكر.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الطاهر المطهر، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد أخي العزيز:
فالشهوات كالصخرة فوق الجبل، تبقى ساكنة حتى يحرِّكها السيل، فتهتز أحيانًا، وأحيانًا تنجرف، لا يستطيع أن يوقفها شيء، والحمد لله أنك ما زلت في مرحلة الاهتزاز، أنت لستَ مريضًا، ولا تحتاج أخصائيًّا، وليس بك شيء إن شاء الله إلا الخير؛ كونك حريصًا على نفسك، وتدفعها وتتصدى لهواها، وتعود هي وتهاجمك بالوساوس مرة أخرى، فكل هذا يدل أنك على خير بِحَولِ الله، ولكن لديك مشكلة في إدارة نفسك.
أولًا: أنت تترك لخيالك العِنان، وتجلس فترات طويلة تتخيل ما يصح وما لا يصح، أو تتابع مثيرًا للشهوة، فتتمايل بك نفسك للاستقامة مرة، وللشذوذ مرات، حتى توهمت أنك شاذ، أو لن يحالفك إلا الفشل إذا تزوجت، وهذا كله من كيد الشيطان؛ قال ربك الحق: ﴿ الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ ﴾ [البقرة: 268]، فهو يضعفك أمام نفسك، وينزِع ثقتك وأنت تتجاوب وتتمادى معه.
ضع لنفسك قيدًا، وكلما أخذتك الوساوس، فاستعذ بالله، ولُذ بربك، وتوضأ، وسَلِ الله العافية.
السبب الثاني والأهم من ذلك كله هو: الفراغ، من أين تأتي بهذه الأوقات التي تجلس تختبر نفسك فيها: أأنت سَوِيٌّ أم غير سوي؟ هل أقدر على الزواج أم سأفشل؟ دَعْ هذا كله عنك واعمل.
نعم اعمل 12 ساعة في اليوم، ونَمْ ثمانية، واقضِ حوائجك فيما تبقى، والله لن تجد هذه الوساوس إليك طريقًا.
ثالثًا: الأصدقاء، فإن كل مجلس ينعكس على أصحابه، اتخذ لك أصدقاء نشيطين ناجحين، الوقت لديهم مهم، ويعلمون أنهم سوف يُسألون عن كل دقيقة فيما قضَوها، استبدل بمجالس اللهو مجالس المساجد.
النفس عنيدة لا تنقاد بسهولة، فلا تتركها تسيطر عليك، بل أجبرها على الصواب ألف مرة، ولو أجبرتك هي على الخطأ مرة، فعُدْ وتُبْ، واعلم أن هذا جهاد سيظل ملازمًا لك مدى عمرك، وإن اختلفت صورته في كل مرحلة عمرية.
رابعًا: والله ما تفشَّى هذا السرطان - الشذوذ - بين شبابنا إلا بكيد من أعدائها، ألَا تغار يا رجل على نفسك ودينك؟ بأي وجه تلقى نبيك صلى الله عليه وسلم؟ أيُرضيك أن يُعرِض بوجهه عنك، ويقول هذا ليس من أمتي؛ فقد ضيع دينه؟
أيُرضيك أن تكون في زمرة الكفرة والفسدة، فالزنا على خبثه أرحم وأكرم من الشذوذ، وكلاهما دمار للدين والدنيا.
سؤالك الأخير: هل ستنجح إذا تزوجت أم لا؟
إن استطعت قيادة نفسك وترويضها على طرد هذه الأفكار الشيطانية، فسوف تقدر على إدارة بيتك وزوجك، فالحكم عندك أنت إذًا.
واضح أنك من وسط مُرفَّه؛ لأن مثل هذه المشاكل تتفشى في هذه الأوساط، إن كان الله أغناك بالمال، فأغنِ نفسك أنت بالعلم والدين، وعجِّل بالزواج؛ فهو خير معين لك على تخطي هذه المرحلة، وضَعْ نُصْبَ عينك أن هاتفك عدوك كنفسك؛ فاحذره وانتقِ من تشاهدهم وتسمع لهم، وتقرأ لهم، تحكَّم في هاتفك، ولا تجعله هو المتحكم فيك، لا شكَّ أنك تفهم.
عجِّل بالزواج، واجعل لك فيه نية طيبة، فعلى نواياكم تُرزَقون، وفقك الله للخير، عايش واقع أمَّتِك، ستهدأ نفسك، وتجد رجولتها في تلك الروح المشتعلة.
وفَّقك الله.