كن حراً

منذ 1 سنة 152

يبدو عنوان المقال غريباً، وهو عادة مرتبط بشكل مباشر بالحرية السياسية أو الحرية الشخصية، ولكني هنا أتحدث عن الحرية المالية لا أكثر، فكيف تكون حراً مالياً؟

للأسف هذا السؤال الأزلي عجز الفلاسفة والأدباء والاقتصاديون عن الإجابة عنه، ولكل منهم رأيه، فدعونا نستعرض جزءاً من رأي الاقتصاديين، ورأي الأدباء، أما الفلاسفة فتعرفون أن الحوار معهم يطول.

هناك أكثر من تعريف اقتصادي للحرية المالية، فهناك من يُعرِّف الحرية المالية بأن تكون مصروفاتك أقل من دخلك أو مساوية له على الأقل، وهناك تعريف آخر مختصره أنه يجب أن تكون دخولك الساكنة أكثر أو تساوي مصروفاتك، وتعرف الدخول الساكنة بأنها ما تحصل عليه من عوائد استثمارية، سواء من عوائد الأسهم أو العقار، ويستبعد من ذلك الراتب الشهري أو عوائد الشركة التي يشرف عليها الفرد بنفسه، بمعنى آخر الدخول الساكنة هي ما تحصل عليه من مال بمجهود قليل؛ لأنه يستحيل الحصول على المال دون جهد.

هنا يبرز سؤال مهم وهو: كيف أصل إلى الدخول الساكنة؟ يمكن الوصول إلى الدخول الساكنة بعدة طرق ولكني سأقصر ذلك بالموظفين إذا يمكن لمن له مرتب شهري أن يقتطع أو يدخر مبالغ معينة من مرتبه حتى وإن كانت قليلة، ثم بعد ذلك يستثمرها سواء عن طريق الشراء المباشر من سوق الأسهم، أو عن طريق شراء وحدات الصناديق التي تدار من قبل الشركات الاستثمارية؛ لأن المبالغ الصغيرة لا يمكن استثمارها في العقار، وإذا تضخم المبلغ يمكن نقله للعقار.

ويذكر مؤلف كتاب «لن أكون عبداً للراتب» أنه يجب اقتطاع المبلغ الذي ترغب ادخاره من الراتب ثم بعد ذلك تبدأ الصرف.

أما الأدباء فقد سبقوا الاقتصاديين في تعريف الحرية المالية، فمنهم من عرّفها بأنها عدم الحاجة إلى الناس، والمقصود هنا هو عدم الحاجة المالية، أما غير ذلك فلا بد أن يحتاج الناس بعضهم لبعض.

وقد حثّ الأدباء على الاستغناء المالي، وطلقوا الأمثال التي أصبحت شائعة، ومنها «جربت أمر الأمرار فلم أجد أمر من الحاجة إلى الناس»، فكونوا أحراراً مالياً حتى لا تذوقوا أمر الأمرار.

وكذلك حثّ الأدباء عبر الأمثال لتوازن الدخل مع المصروفات فقالوا «الغالي دواؤه تركه». وقالوا: «امْدُد أرجلك على قدر لحافك»، وهذا يعني ألا تكلّف نفسك ما لا تطيق لشراء شيءٍ ما قد يكون شراؤه مخلاً بميزانيتك الشهرية. ودمتم.