يُعتبر آي-فون 16e الجديد وبغض النظر عن سعره المرتفع مقارنة بما يحمله من ميزات، جهازًا لا بأس به، ومن أبرز التقنيات التي جاء بها هي مودم 5G C1 الذي صممته آبل بنفسها. ورغم أن آبل قضت ما لا يقل عن سبع سنوات في تطوير هذه الشريحة، إلا أن ذكرها جاء لفترة وجيزة جدًا أثناء الإعلان عن آي-فون 16e، وهذا الأمر قد يبدو غريبًا بالنظر إلى التحديات الكبيرة التي تواجهها آبل في تصميم مثل هذه التقنية والتي كانت محتكرة من شركة كوالكوم لعقود طويلة.
شريحة C1
شريحة C1 أو (Cellular 1) التي تستخدم لأول مرة في آي-فون 16e، والتي من المتوقع أن تُضاف إلى أجهزة آبل المستقبلية، تصفها آبل بأنها “أكثر مودم توفيراً للطاقة على الإطلاق في آي-فون”. والسر وراء هذا الادعاء هو أن هذا المودم يعمل بتكامل تام مع العتاد والبرمجيات داخل الجهاز، مما يسمح بتحسين العلاقة بين جميع المكونات ويحقق أداءً أفضل وكفاءة أعلى في استهلاك الطاقة وتوفيرها بشكل كبير.
كما أن شريحة C1 تعمل تحسين أداء الجهاز باستخدام الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي. وفقًا لتقرير من رويترز، إذا كان الآي-فون متصلاً بشبكة إنترنت مزدحمة وبطيئة، فإن المعالج يمكنه توجيه المودم لمعالجة البيانات الأكثر أهمية أولًا. هذا يعني أن الأشياء التي تحتاجها بشكل عاجل، مثل تحميل صفحة ويب أو بدء مكالمة فيديو، ستتم بسرعة أكبر بدلاً من انتظار البيانات الأقل أهمية.
آراء آبل حول شريحة C1
أوضح جوني سروج، نائب رئيس تقنيات الأجهزة في آبل، كيف ترى آبل هذه الإضافة الجديدة: “نحن نبني منصة لأجيال قادمة. شريحة C1 هي البداية، وسنستمر في تحسين هذه التقنية مع كل جيل، لتصبح منصة تُميز منتجاتنا.”
وأكد سروج أن هدف آبل ليس مطابقة كل المواصفات الموجودة في مودمات الشركات الأخرى، بل تصميم منتجات متكاملة يكون المودم فيها مجرد جزء واحد من الحل. الهدف هو تقديم أفضل تجربة اتصال، لا يمكن تحقيقها إلا عند تصميم العتاد والبرمجيات معًا، مثل الفرق بين بدلة من متجر الملابس المستعملة وبدلة مفصلة خصيصاً لك!
حتى الآن، يظهر ذلك جلياً في كفاءة استهلاك الطاقة، ومن المتوقع أنه مع تحسين التصميم وتصغير حجم المكونات، سيشهد الأداء والسرعة تحسينات كبيرة، كما هو الحال مع التحول إلى تقنيات آبل سيليكون.
كفاءة الطاقة
تُعد كفاءة الطاقة هي الميزة الأبرز لشريحة C1، إذ تتيح لك مشاهدة الفيديو لمدة تصل إلى 26 ساعة على آي-فون 16e. ومن المرجح أن تختفي الشكاوى المتعلقة بعمر البطارية مع الأجهزة المستقبلية، حيث تعمل آبل على بطاريات تدوم لفترة أطول مع استهلاك أقل للطاقة، وقد يكون ذلك بسبب التكامل بين جميع المكونات والبرمجيات.
حاليًا، يقدم آي-فون 16e تجربة مشاهدة وفيديو مباشر مشابهة لما هو موجود في الطرازات السابقة، كما يتميز بشحن سريع أسرع من آي-فون 14 بلس. فهل يمكننا توقع أجهزة ببطاريات تدوم أكثر من 30 ساعة مع شريحة “C1 برو” مثلاً في المستقبل؟ هذا الاحتمال ليس بعيدًا عن الواقع.
تتكون شريحة C1 في الواقع من نظام يضم عدة شرائح، تشمل المرسل والمستقبل وشرائح النطاق الأساسي التي تتصل عبر واجهة PCIe، مما يساعد على تحسين توزيع الطاقة في ظروف الطقس الحار أو البارد. لذا، عند استخدام مودم 5G في عمليات تنزيل البيانات أو العمليات الثقيلة، قد تلاحظ أن الآي-فون يسخن أقل ويستهلك طاقة أقل، وهذا فيه فائدة كبيرة لمن يعمل عن بعد.
الهندسة والتصنيع
لم تدخل آبل مجال 5G بدون دراسة متأنية ومكثفة؛ إذ ذكرت أن المودم تم اختباره مع 180 مشغل اتصالات في 55 دولة، لضمان عمله في كل الأسواق التي تُباع فيها أجهزة آبل. وشريحة C1 تُعد قطعة هندسية معقدة؛ حيث يتم تصنيع مودم النطاق الأساسي بتقنية 4 نانومتر المتقدمة، بينما يعتمد المرسل على تقنية 7 نانومتر.
منذ عام 2019، عملت آبل على تقليل اعتمادها على كوالكوم، بعد أن اشترت قسم تطوير شرائح إنتل بمليار دولار. والآن، أصبحت آبل تنضم إلى نخبة قليلة من الشركات التي تقدم هذه الصناعة، إلى جانب سامسونج، وميديا تيك، وهواوي، وكوالكوم. كما تدعم هذه الشرائح أنظمة تحديد المواقع GPS والاتصال بالأقمار الصناعية، بالإضافة إلى تغطية ترددات 4G و5G المعتادة.
دعم تقنيات mmWave وWi‑Fi 7
حتى الآن، لم يتم تفعيل دعم شبكات Wi‑Fi 7 أو تقنية الموجات المليمترية mmWave في الأجهزة. وتُعتبر تقنية mmWave أسرع أشكال 5G، لكنها تعاني من محدودية النطاق، مما يجعل استخدامها غير شائع، حتى في الولايات المتحدة حيث لم تنتشر بشكل واسع بعد.
نعلم أن آبل قامت بدراسة تقنية mmWave، لكن كوالكم تمتلك العديد من براءات الاختراع المتعلقة بها. وحتى الآن، لم تعلن آبل ما إذا كانت ستدعم هذه التقنية في المستقبل أم لا. لكن هذا قد لا يكون أمراً مهماً جداً، لأن mmWave تُستخدم بشكل أساسي في الولايات المتحدة، ولم يتم توفيرها بعد في المملكة المتحدة.
من ناحية أخرى، قد تقرر آبل مستقبلاً دعم هذه التقنيات في إصدارات جديدة من شرائحها، أو ربما تستثمر في تطوير تقنيات الجيل السادس 6G. أما Wi‑Fi 7، فهي تقنية حديثة لم تنتشر بعد بين المستخدمين والشركات، حيث لا يزال معظمهم يستخدم Wi‑Fi 6، الذي يوفر سرعة تصل إلى 9.6 جيجابت في الثانية، مقارنةً بسرعة Wi‑Fi 7 التي تبلغ 46 جيجابت في الثانية. ومع ذلك، يبدو أن دعم Wi‑Fi 7 سيكون من أولويات آبل في الأجيال القادمة من شرائح C2.
العلاقة مع كوالكوم
لا يخفى على أحد أن العلاقة بين آبل وكوالكوم شهدت توترات؛ حيث ترى آبل أن رسوم تراخيص البراءات التي تفرضها كوالكوم مرتفعة، وقد دخل الطرفان في نزاعات قانونية حول هذا الأمر.
وبالرغم من ذلك، قضت آبل سبع سنوات واستثمرت مليارات الدولارات في تطوير بديلها الخاص، وفي الوقت الحالي يُتوقع أن يكون مودم 5G الخاص بآبل موجودًا في 80% من منتجاتها بحلول عام 2026، بينما سيتم استبدال النسبة المتبقية في العام التالي بعد انتهاء اتفاقية الترخيص مع كوالكوم.
ومع بقاء كوالكوم مالكة لعدد من براءات الاختراع المهمة في تقنية 5G، ستظل آبل مضطرة لدفع بعض رسوم التراخيص، كما هو الحال مع رسوم ترخيص تقنيات آبل سيليكون مع شركة Arm. لكن الفائدة الأساسية لآبل هي القدرة على تصميم مودم متوافق تمامًا مع أجهزتها، بدلاً من استخدام مكونات جاهزة قد لا تلائم النظام بشكل مثالي.
المواصفات التقنية الهامة
كشفت آبل عن المواصفات التقنية المستخدمة في شريحة C1 في آي-فون 16e النموذج A3212. وبغض النظر عن مسمياتها وتعقيداتها التقنية، ما يهمنا أن هذه المواصفات تعني أن آي-فون 16e يدعم أحدث تقنيات الاتصال والإنترنت السريع، ويعمل على أغلب الشبكات في العالم، ويوفر تحديد مواقع دقيقًا، مع تحسينات في عمر البطارية والاتصال اللاسلكي.
بهذا الجمع بين التصميم المبتكر والتكامل الذكي بين العتاد والبرمجيات، تثبت آبل مرة أخرى قدرتها على تقديم تقنيات متقدمة تُحسن من تجربة المستخدم وتضع معايير جديدة في عالم الهواتف الذكية.
ماذا ينتظرنا في المستقبل؟
هناك الكثير من التوقعات حول مستقبل شرائح C. هل ستقوم آبل بدمج المودم داخل المعالج الرئيسي لإنشاء شريحة SoC متكاملة عالية الأداء؟ وهل ستضيف دعم Wi‑Fi وبلوتوث إلى هذه الشريحة؟ حتى لو لم يحدث ذلك في المستقبل القريب، فمن المتوقع أن تبدأ آبل في استخدام شرائح خاصة بها لهذه التقنيات خلال هذا العام.
وكما يتداول البعض أن آبل قد تطلق آي-فون نحيف جداً من آي-فون هذا العام، فقد يكون المودم الجديد أحد أسباب تغيير التصميم الداخلي، مما يسمح بطرح هواتف أنحف وأكثر أداءً وكفاءة في استهلاك الطاقة.
وبينما يتساءل البعض عما إذا كان هذا المودم سيفتح الباب أمام آي-فون قابل للطي بنحافة لمنافسة هواتف سامسونج فولد؟ ما علينا إلا الانتظار.
هل تعتقد أن تطوير آبل لمودم 5G خاص بها سيُغير قواعد المنافسة في سوق الهواتف الذكية؟ وهل تعتقد أنها ستحدث فرقًا حقيقيًا في الأداء وأنها ستكون معياراً جديداً لتقنيات أكثر تطوراً؟ شاركنا رأيك في التعليقات!
المصدر: