في 1976 ولد أحد بطلينا، وفي 1981 ولد ثانيهما، أي أنهما بحلول عام 1982، كان أولهما يبلغ من العمر 6 سنوات، والثاني مجرد عام وحيد.
ريجوبير سونج بالكاد يتابع دون فهم، وصامويل إيتو لا يدري بعد ما هو العالم، وروجيه ميلا ورفاقه في إسبانيا يدونون مشاركة الكاميرون الأولى في تاريخ كأس العالم.
تعادل سلبي مع بيرو، ثم نفس النتيجة أمام بولندا، وحين اهتزت شباك الأسود على يد إيطاليا، لم يستغرقهم الأمر سوى دقيقة واحدة لتسجيل هدف التعويض. غادر منتخب الكاميرون دور المجموعات لأن إيطاليا سجلت في تعادل سابق لها، ولكنه غادر دون هزيمة.
8 سنوات إلى الأمام.. العام الآن 1990، وسونج الآن ناشئ في عامه الرابع عشر، وإيتو الآن لديه 9 سنوات، وروجيه ميلا في ريعان الثامنة والثلاثين، ولكنه لا يزال هنا، ولا يزال يرقص.
Cameroon v Colombia 2nd Round #Italia90
'The Oldest Swinger in Town'
Roger Milla with another excellent cameo performance from the bench. Dances through the Colombian defence for the first and then leaves robs Higuita for his second. Great memories pic.twitter.com/Rdt5PZfkug
— 80s&90sfootball ⚽ 🏴 🇺🇦 (@80s90sfootball) January 20, 2022في أرض الطليان كتبت أفضل مشاركة للكاميرون، ببلوغها لأقصى حدود الأفارقة في المونديال إلى اليوم: ربع النهائي.
1994.. إيتو -13 عاما- وجد طريقه إلى عالم كرة القدم عبر أكاديمية كادجي، أما سونج فقد وصل إلى قائمة المنتخب بالفعل قبل أيام قليلة من إتمام عامه الثامن عشر، ليجد.. ومن غيره؟ روجيه ميلا في عمر 42 عاما يستعد لرقصته الأخيرة.
شارك سونج في التعادل مع السويد، ثم خاض الخسارة المؤلمة أمام البرازيل بثلاثية دون رد، وتلقى بطاقته الحمراء ليصبح أصغر لاعب يطرد في تاريخ المونديال، ويغيب عن الخسارة الأخيرة أمام روسيا، وتعود الكاميرون بلا نتيجة أفضل.
يعلق ميلا حذاءه أخيرا، ويحاول الأسود مرة أخرى في فرنسا عام 1998. إيتو مهاجم ريال مدريد العائد لتوه من الإعارة في صفوف ليجانيس، صار أصغر لاعب في تاريخ كأس العالم بعمر 17 عاما و3 أشهر حين شارك في خسارة ثلاثية أمام إيطاليا.
كأس العالم - روجيه ميلا.. رقصة غيرت كرة القدم
أما سونج فقد شارك في جميع مباريات المجموعات، وطرد في الثالثة هذه المرة أمام تشيلي، ليصبح أول لاعب يطرد في نسختين مختلفتين من كأس العالم ويعادله لاحقا زين الدين زيدان، ولا يزال الوحيد الذي طرد في نسختين متتاليتين.
بلا انتصار منذ الفوز الشهير على كولومبيا عام 1990، يعاود الكاميرونيون الكرة للمرة الرابعة على التوالي في 2002، وهذه المرة الكل يعرف جيدا من هم الأسود التي لا تقهر، فهم أبطال إفريقيا لعامي 2000 و2002 تباعا.
سونج على أعتاب عامه السادس والعشرين يتقلد شارة القيادة، وإيتو نجم مايوركا صار نجما في بلاده بالفعل، وتكشف عن أذرع الرفاق قمصان بلا أكمام تبرز ما يتحلى به الأفارقة من قوة بدنية.
4 نقاط لم تكن كافية للتأهل، ولكن إيتو سجل هدفه المونديالي الأول في شباك السعودية، ومنح الكاميرون فوزها الرابع عموما، والأول منذ كولومبيا، والأخير إلى اليوم. ولكن انظر للجانب المشرق، سونج لم يطرد هذه المرة.
الرجلان معنا في 2010.. سونج الآن يقف على أعتاب الرابعة والثلاثين، ولكن شارة القيادة على ذراع صامويل إيتو، بطل دوري أبطال أوروبا 3 مرات مع برشلونة وإنتر ميلان.
إيتو يخوض المعركة كاملة ويسجل هدفين، وسونج يأتي في مشاركة شرفية بالدقيقة 73 للمباراة الأخيرة أمام هولندا، و3 هزائم تدون مشاركة مخيبة أخرى.
اعتزل سونج بعدها مباشرة ولكنه حضر كمساعد للمدرب في 2014، وخاض إيتو رحلته الأخيرة، ليدون مشاركته الرابعة في كأس العالم، ويصل إلى الرقم القياسي في عدد نسخ الظهور المونديالي على مستوى إفريقيا، معادلا مواطنيه: الحارس جاك سونجو، والمدافع ريجوبير سونج.
ما حدث ليس جديرا بالذكر، فقد انتهت الرحلة للأبد ولن يظهر أحدهما بحذاء كرة في أرض تشهد كأس العالم مرة أخرى، ولكن من قال أنهما لن يظهرا؟
في 2021 صار صامويل إيتو رئيسا للاتحاد الكاميروني لكرة القدم، وبعد كأس الأمم الإفريقية قرر تعيين ريجوبير سونج مدربا للمنتخب.
مشروع القدامى هو ما سيقود كاميرون اليوم في قطر، وهو ما يحمل على عاتقه نقل خبرات طويلة إلى الأقل خبرة، بحثا عن حلم يبدو بعيد المنال للغاية..
صاعقة إيكامبي
مجموعة تضم موزمبيق ومالاوي لن تشكل مشكلة في تصفيات كأس العالم. وجود كوت ديفوار هو أشعل هذه المنافسة، ولكن الأفيال لسبب ما تعادلوا سلبيا مع موزمبيق في الجولة الأولى، ثم هزموا الكاميرون في الثانية.
طرفا النزاع فازا بكل المباريات حتى التقيا مجددا في الجولة الأخيرة. كوت ديفوار تملك اليد العليا بـ 13 نقطة وتحتاج للتعادل فقط كي تتأهل، ولكن رصاصة كارل توكو إيكامبي في الدقيقة 21 أبت أن يعود الضيف بهذه البطاقة، ليمر الأسود إلى المرحلة النهائية ويلاقون الجزائر.
لا أحد يعلم أي سحر كان ذلك، ربما سحر المستديرة. الكاميرون خسرت الذهاب في ديارها بهدف دون رد، ماذا ستفعل في الجزائر؟
حسنا، سيسجل لها إريك تشوبو موتينج هدفا ينتهي به الوقت الأصلي، وتذهب للوقت الإضافي وتتلقى رأسية قاتلة من أحمد توبة في الدقيقة 118، الجزائر في كأس العالم ولكن كارل توكو إيكامبي له رأي مغاير تماما في الدقيقة 124.
ضربة أخيرة في اللحظة الأخيرة طارت بالكاميرونيين إلى قطر، وتركت الجزائريين في ديارهم لا يصدقون ما حدث للتو.
الثامن
منتخب الكاميرون هو أكثر الأفارقة مشاركة في كأس العالم على الإطلاق، إذ يخوض المونديال للمرة الثامنة في تاريخه.
كما سلف، فقد خاض الأسود المعركة العالمية لـ 4 مرات على التوالي بين 1990 و2002. سلسلة توقفت بفعل فقدان بطاقة 2006 لصالح كوت ديفوار.. كلنا نعلم من تسبب بذلك ولكن لن نقول.
المنتخب الإفريقي الأكثر مشاركة ظل بلا هزيمة لأول 5 مباريات متتالية في تاريخه بكأس العالم، فبعد 3 تعادلات في 1982، وانتصارين في 1990، نال خسارته الأولى على يد الاتحاد السوفييتي برباعية بيضاء في آخر جولات دور المجموعات بعد ضمان التأهل.
لا تملك الكاميرون تاريخا جيدا مع الروس عموما، إذ التقى بمنتخب روسيا في النسخة التالية مباشرة (1994) بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وسقط بستة أهداف مقابل هدف وحيد.
أما المونديال الذي أقيم في روسيا عام 2018، فلم تتأهل له من الأساس. لحسن الحظ، روسيا لن تلعب بأمر المجتمع الدولي لبعض الوقت.
إجمالا لعب منتخب الكاميرون 23 مباراة في كأس العالم: حقق 4 انتصارات و7 تعادلات ونال 12 هزيمة، وسجل 18 هدفا وتلقت شباكه 43.
إنجازه الأفضل لا يزال ربع نهائي 1990، وهو الإنجاز الإفريقي الأفضل أيضا مناصفة مع السنغال 2002 وغانا 2010.
Les Lions Indomitables
حرفيا يعني هذا اللقب "الأسود غير القابلة للترويض" أو "الأسود التي لا تروض"، وفي رواية أخرى، أو قواميس أخرى، تعني "الأسود التي لا تقهر"
بدأ منتخب الكاميرون بلقب "الأسود" فقط، نسبة إلى الحيوان المبجل الذي يعيش في شمال البلاد.
وفي عام 1972، أضيف الوصف إلى اللقب، لتتفرد عن "الأسود الثلاثة" الإنجليز، وعن الجيران من أسود التيرانجا في السنغال.
الكاميروني الأول
سونج ليس أول مدرب كاميروني يتولى قيادة المنتخب، ولكنه أول كاميروني يذهب على رأسه إلى كأس العالم..
الأولى مع الفرنسي جان فينسون، والثانية التاريخية مع السوفييتي فاليري نيبومنياشي، والثالثة مع الفرنسي هنري ميشيل، والرابعة مع مواطنه كلود لوروا، والخامسة مع الألماني وينفريد شافر، والسادسة مع فرنسي رابع هو بول لو جوين، أما السابعة فقد كانت مع الألماني فولكر فينكه.
ما هي خبراته التدريبية؟ لا تأخذك الأحلام، فقد كان مساعدا لـ 3 مدربين في الكاميرون بين 2012 و2015، ومدربا لتشاد بين أكتوبر ونوفمبر 2015، ثم مساعدا مرة أخرى في الكاميرون بين أبريل 2017 ويناير 2018، ثم مدرب المنتخب المؤقت إلى فبراير من العام ذاته.
خطوة الرجل الأول المستدامة أتت مع منتخب الكاميرون الأولمبي، وغادر به مجموعات كأس أمم إفريقيا للشباب المؤهلة إلى أولمبياد طوكيو، واستمر معه إلى أن أطلق إيتو صافرة النهاية، معلنا سونج مديرا فنيا للمنتخب الأول.
معجزة الجزائر كانت خطوته الأولى، وتلاها فوز على بوروندي بهدف وحيد في تصفيات كأس الأمم، ولكن التجربتان الوديتان في سبتمبر لم يخرج منهما أي خير واضح، بالخسارة أمام أوزباكستان 2-0 ثم كوريا الجنوبية 1-0.
في النهاية ما هم إلا 5 مباريات، فاز سونج باثنتين منهم وخسر 3، وسجل 3 أهداف وتلقى 5، لا يوجد مؤشر واضح، ولكن هناك إيتو المتهم بالتدخل في عمله بالفعل، بسبب خطاباته المتكررة للاعبين داخل غرف الملابس.
"قاتلت لأجل سونج حتى يصبح المدرب ولكني الرئيس. المدرب تم اختياره وأنا المسؤول الذي يرجع له. أملك الحق في التدخل إذا وجدت شيئا لا يسير بالشكل الصحيح، فهذا دور الرئيس. عملي ليس فقط أن آتي لأقول إن كل شيء بخير، فأنا أدافع عن اللاعبين وأدافع عن سونج حتى قطرة دمي الأخيرة، ولكنه واجبي أن أتحدث إن كان هناك شيء خاطئ. أنتم تعلمون، أحيانا حينما يتدفق الشغف تصبح السيطرة على النفس أمرا صعبا".
ربما هناك شيء خاطئ بالفعل..
أبرز الأسود
لدينا أندري أونانا حارس مرمى إنتر ميلان الإيطالي، الذي ساهم في تأهل فريقه إلى دور الـ 16 لدوري الأبطال على حساب برشلونة، وحافظ على نظافة شباكه عموما 5 مرات في 10 مباريات بجميع المسابقات، تلقى خلالها 11 هدفا.
في الوسط هناك فرانك زامبو أنجيسا متصدر الدوري الإيطالي مع نابولي ومتصدر مجموعته على حساب ليفربول في دوري الأبطال، والذي لعب 15 مباراة سجل خلالها 3 أهداف وصنع 5.
فينسنت أبو بكر هداف كأس الأمم الماضية لا يعيش أفضل أيامه مع النصر السعودي، إذ سجل المهاجم هدفين فقط في 8 مباريات.
أما كارل توكو إيكامبي مع ليون، فقد سجل 4 أهداف وصنع هدفا في 13 مباراة بالدوري الفرنسي.
أخيرا لدينا إريك ماكسيم شوبو موتينج مهاجم بايرن ميونيخ الذي لا يحظى بالكثير من المشاركات الأساسية، ورغم ذلك سجل 8 أهداف وصنع 3 في 13 مباراة بمختلف المسابقات.
الطريق إلى المجهول
يلعب منتخب الكاميرون في المجموعة السابعة مع البرازيل وسويسرا وصربيا.
وتقام المباريات على النحو التالي:
الخميس 24 نوفمبر: الكاميرون × سويسرا - استاد الجنوب
الإثنين 28 نوفمبر: الكاميرون × صربيا - استاد الجنوب
الجمعة 2 ديسمبر: الكاميرون × البرازيل - استاد 974
هذه هي المواجهة الأولى على الإطلاق بين الكاميرون وسويسرا، أما صربيا فلم تجمعها بها إلا مباراة ودية في الاستعدادات لكأس العالم 2010، وانتهت بفوز الصرب 4-3.
على الجانب الآخر يملك الكاميرونيون فوزا تاريخيا على البرازيل بهدف إيتو في كأس القارات 2003 التي انتهت باحتلالهم لوصافتها، ولكن في كأس العالم كانت الغلبة لراقصي السامبا في 1994 بثلاثية لا رد لها وفي 2014 برباعية قابلها هدف وحيد.
إذا تصدر منتخب الكاميرون مجموعته –ونحن نناقش احتمالية المعجزة لا أكثر- سيلاقي وصيف المجموعة الثامنة (البرتغال – أوروجواي – غانا – كوريا الجنوبية) في دور الـ 16، وإذا فاز سيلاقي الفائز من متصدر المجموعة الخامسة (إسبانيا – ألمانيا – كوستاريكا - اليابان) ووصيف المجموعة السادسة (بلجيكا – كرواتيا – المغرب – كندا) في ربع النهائي.
أما إذا حل الفريق ثانيا، سيلاقي متصدر المجموعة السادسة في دور الـ 16، ثم يلاقي الفائز من وصيف المجموعة الخامسة ومتصدر المجموعة السادسة في ربع النهائي.
هل تفترس الأسود أكثر مما يفترض لفكها أن يتسع؟ أم ينتهي الأمر بترويضها مرة أخرى على يد ثنائية التفوق الأوروبي اللاتيني؟ هذا ما سنعرفه في قطر.