اتخذت حكومة المجر في عهد رئيس الوزراء الشعبوي فيكتور أوربان في السنوات الأخيرة موقفا متشددا بشأن قضايا مجتمع الميم، وأقرت تشريعا شجبته الجماعات الحقوقية والسياسيون الأوروبيون باعتباره قمعيا ضد الأقليات الجنسية.
في مكتبة دافئة تكسوها الأرفف والعوارض الخشبية في العاصمة المجرية، يقضي الموظفون وقتهم في أمر غريب منذ افتتاح المكتبة، يغلفون الكتب بورق السلوفان!
من بين الكتب التي تبيعها المكتبة كتب مغلفة بأغلفة بلاستيكية ذات محتويات جنسية أو محتويات داعمة لمجتمع الميم، وهو المحتوى الذي اعتبرته الحكومة اليمينية في البلاد غير مناسب للقصر.
تدير إيفا ريداي، 76 عاما، مكتبة لانج تيكا Láng Téka في وسط بودابست منذ ما يقرب من 35 عاما، أي منذ زمن الشيوعية، ومع ذلك حتى اللحظة لم تُضطر أبدا لفصل بعض الكتب التي تبيعها تجنبا لانتهاك الحظر الحكومي.
اتخذت حكومة المجر في عهد رئيس الوزراء الشعبوي فيكتور أوربان في السنوات الأخيرة موقفا متشددا بشأن قضايا مجتمع الميم، وأقرت تشريعا شجبته الجماعات الحقوقية والسياسيون الأوروبيون باعتباره قمعيا ضد الأقليات الجنسية.
يحظر قانون "حماية الطفل"، الصادر عام 2021، "تصوير أو ترويج" المثلية الجنسية في المحتوى المتاح للقصر، بما في ذلك في التلفزيون والأفلام والإعلانات والأدب. كما يحظر ذكر قضايا مجتمع الميم في برامج التعليم المدرسي، ويمنع الحديث العام عن "انحراف الجندر عن الجنس المحدد عند الولادة".
تصر الحكومة على أن القانون -وهو جزء من قانون أوسع يزيد أيضا من العقوبات الجنائية على البيدوفيليا (الانجذاب الجنسي للأطفال) ويخلق قاعدة بيانات قابلة للبحث عن مرتكبي الجرائم الجنسية- ضروري لحماية الأطفال.
لكن منتقدي أوربان ينظرون إليه على أنه محاولة لوصم المثليات والمثليين ومزدوجي الميول الجنسية والعابرين جنسيا، وخلط المثلية الجنسية بالاعتداء الجنسي على الأطفال.
تقول ريدي: "فكرتي الأولى لم تكن الخوف بل الغضب، لأنني أعتبره مستوى من التمييز. هذا القانون هو فعل من أعمال القوة التي لا يمكن حتى فهمها"، وتضيف: "أشعر أن هذا يحدد نمطا أيديولوجيا، للأسف، شهدناه بالفعل في القرن العشرين، عندما تمت إدانة الناس واضطهادهم بسبب مظهرهم ولون بشرتهم وهوياتهم الدينية أو غيرها".
هذا الشهر، فرض مكتب حكومي غرامة كبيرة على ثاني أكبر سلسلة لبيع الكتب في البلاد لخرقها القانون المثير للجدل.
غُرّمت سلسلة ليرا كونيف Líra Könyv حوالي 35000 دولار لعرضها رواية مصورة شهيرة عن مجتمع الميم في قسم أدب الشباب دون تغليفها.
يحظر القانون أيضا توصيف "النشاط الجنسي في حد ذاته" للجمهور الأقل من 18 عاما، وهي قاعدة يمكن أن تنطبق على عدد لا يحصى من الأعمال الأدبية.
يقول بائعو الكتب إن لغة القانون تحتوي على العديد من نقاط الغموض التي تضع عبئا عليهم لتحديد أي من آلاف العناوين التي يعرضونها قد يحتوي على محتوى محظور.
أما الروائي مارك ميزي، فقد نشر في بودابست كتابا يتضمن علاقة مثلية مما يجعل عمله خاضعا للقيود. لكنه يعتقد أن التشريع المجري، الذي وصفه بأنه "سيئ للديمقراطية"، لن يكون له تأثير مخيف على المؤلفين، وقال: "من يريد أن يكتب سيكتب، لا يهم ما يعتقده المشرعون".
كذلك يقاوم آخرون هذا التشريع. على سبيل المثال قدمت مجموعة من نشطاء الجامعة هذا الأسبوع أكثر من 100 نسخة مجانية مما يسمى بـ"الكتب المحظورة" - تلك التي تخضع لشروط التغليف المغلقة - أمام أحد أكبر المكتبات في بودابست.
من خلال مظاهرتهم التي استمرت أسبوعا، أراد النشطاء اتخاذ موقف ضد تغليف الكتب، ويريدون أيضا الترويج للقراءة.