شهدت ميانمار تحولاً دراماتيكياً في موازين القوى العسكرية منذ عام، إذ نجحت ثلاث مجموعات مسلحة في شن هجوم مباغت ومنسق في شمال شرق البلاد، مما أدى إلى تغيير المشهد الاستراتيجي بشكل جذري وألهم جماعات أخرى للانضمام إلى المقاومة.
وعلى الرغم من تفوق الجيش العددي وعلى مستوى التسليح، إضافة إلى الدعم المادي من روسيا والصين، إلا أن النظام العسكري يجد نفسه اليوم في موقف دفاعي متزايد بعد خسارته عشرات المواقع والقواعد والمدن الاستراتيجية، والتي يقر قادته أنفسهم بصعوبة استعادتها.
وكان الجيش قد استولى على السلطة من الحكومة المنتخبة بقيادة أونغ سان سو تشي في فبراير 2021، مما أدى إلى تصاعد المواجهات مع الميليشيات المسلحة التي تمثل الأقليات العرقية في مناطق الحدود، والتي تناضل منذ عقود من أجل حكم ذاتي أوسع.
وأطلق "تحالف الأشقاء الثلاثة"، المكون من جيش التحالف الديمقراطي الوطني لميانمار، وجيش أراكان، وجيش تحرير تاانغ الوطني، "عملية 1027" في 27 أكتوبر 2023، والتي نجحت بسرعة في السيطرة على بلدات وقواعد عسكرية على طول الحدود مع الصين.
وتسيطر قوات المقاومة حالياً، كلياً أو جزئياً، على مساحة واسعة من الأراضي تمتد على شكل حدوة حصان من ولاية راخين في الغرب، مروراً بالشمال، ثم جنوباً إلى ولايتي كاياه وكايين على الحدود التايلاندية. وقد انسحب الجيش نحو وسط البلاد، حول العاصمة نايبيداو ومدينة يانغون.
ومع تزايد خسائر الجيش على الأرض، لجأ بشكل متزايد إلى الضربات الجوية والمدفعية العشوائية، مما أدى إلى ارتفاع حاد في عدد الضحايا المدنيين. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى زيادة بنسبة 95% في وفيات المدنيين جراء الغارات الجوية، و170% في القتلى المدنيين بسبب القصف المدفعي منذ بدء العملية.
وقد أدى القتال إلى نزوح مئات الآلاف من المدنيين، ليصل العدد الإجمالي للنازحين داخلياً في ميانمار إلى أكثر من 3 ملايين شخص، مع حاجة 18.6 مليون شخص للمساعدات الإنسانية.
ويبقى الدور الصيني عاملاً مؤثراً في المشهد السياسي، حيث يُعتقد أن بكين دعمت ضمنياً "عملية 1027" لوقف أنشطة الجريمة المنظمة على حدودها، لكنها تسعى حالياً لوقف القتال المتجدد من خلال الضغط على مختلف الأطراف.