منذ انتهاء بطولة كأس العالم لكرة القدم في الـ 18 كانون الأول/ديسمبر، يستذكر تجّار المدينة بحنين فترة المونديال، الذي سمح باستقطاب 1.4 مليون زائر، بحسب أرقام السلطات.
بعد أشهر من تدفّق مئات الآلاف من مشجعي كرة القدم إلى فنادقها وملاعبها، تسعى قطر إلى التعافي من اكتئاب ما بعد المونديال من خلال استضافة المزيد من الأحداث العالمية.
ومنذ انتهاء بطولة كأس العالم لكرة القدم في الـ 18 كانون الأول/ديسمبر حين تُوّجت الأرجنتين باللقب، يستذكر تجّار المدينة بحنين فترة المونديال، الذي سمح باستقطاب 1.4 مليون زائر، بحسب أرقام السلطات. وقال أختار باتيل الذي يدير متجر مجوهرات في سوق واقف في الدوحة، إن الأعمال "هادئة" حاليًا مضيفًا "بالفعل نفتقد المشجّعين الآن".
ورغم أن عطلة عيد الفطر حرّكت العجلة الاقتصادية في السوق بعض الشيء، غير أن سانديف كومار، الذي يدير ورشة طباعة، اضطرّ إلى صرف اثنين من موظّفيه الأربعة وإعادتهما إلى الهند لأنّه لم يعد قادرًا على دفع الرواتب، وأكّد كومار "أننا نفتقد الأجواء، لكننا نفتقد العمل أكثر".
خلال أربعة أشهر، غادر آلاف من العمّال الأجانب الدولة الخليجية، فيما سرّحت فنادق فاخرة شُيّدت خصيصًا من أجل الحدث الكروي العالمي، مئات الموظفين.
على كورنيش الدوحة حيث أُقيمت مناطق المشجّعين الرئيسية خلال المونديال، شوهد أشخاص عاطلون عن العمل يتسوّلون، في مشهد غير مألوف في الدولة الخليجية الثرية. ودفع ذلك وزارة الداخلية إلى التحذير من أن "التسوّل عادة مذمومة وتعتبر من السلوكيات غير الحضارية" داعيةً السكان إلى مكافحته عبر الإبلاغ عن المتسوّلين.
ففي البلد الذي غالبًا ما يكون بحاجة لليد العاملة الأجنبية، تدافع أكثر من ألف شخص مؤخرًا أمام أبواب مركز تجاري على أطراف الدوحة كان قد أعلن عن مائة فرصة عمل.
الاقتصاد بخير
تبقى قطر التي تملك احتياطات غاز هائلة، إحدى القوى الاقتصادية الأثرى في الشرق الأوسط.وبعد أن سجّلت فائضًا تجاريًا بلغ قرابة مائة مليار دولار في عام 2022، يُتوقع أن تشهد قطر نموًّا بنسبة 3.4 في المائة هذا العام، بحسب أرقام البنك الدولي.
وارتفع عدد سكان الدولة الصغيرة بحوالى مائة ألف منذ نهائي بطولة كأس العالم، ليتجاوز ثلاثة ملايين نسمة، وفق الأرقام الرسمية.
أكّد رئيس هيئة "قطر للسياحة" والرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية القطرية أكبر الباكر أن نسبة حجوزات الفنادق غالبًا ما تكون "منخفضة" في الأشهر التي تلي فترة المونديال.
وأضاف أن قطر استثمرت في السياحة وتركّز أكثر فأكثر على استضافة المزيد من الأحداث الكبيرة متوقعًا أن تستقبل أكثر من خمسة ملايين زائر هذا العام، أي أكثر من ضعف عدد السيّاح المسجّل عام 2019، قبل أزمة وباء كوفيد-19.
مشاريع كثيرة
ينهمك عمّال على متن حفارات في أشغال تمهيدًا لاستضافة المعرض الدولي للبستنة 2023 اعتبارًا من تشرين الأول/أكتوبر، والذي تأمل قطر بأن يجذب مليون زائر أجنبي. وكذلك، تُشيَّد حلبة جديدة لسباقات السيارات حيث ستُقام جائزة قطر الكبرى للفورمولا واحد في الثامن من تشرين الأول/أكتوبر.
والجمعة منح الاتحاد الدولي لكرة السلة "فيبا" قطر حق استضافة كأس العالم للرجال عام 2027.
وقال وزير الثقافة القطري الشيخ عبد الرحمن بن حمد بن جاسم بن حمد آل ثاني إن عندما أطلقت قطر مبادرة "الأعوام الثقافية" للتبادل الثقافي الدولي مع دول أخرى قبل عقد، كان من الصعب إيجاد بلدان مرشحة.
وأكد خلال فعالية مع إندونيسيا، شريك هذا العام في النسخة الثانية عشرة من المبادرة، أن الدول باتت الآن تتزاحم لتكون جزءًا من "الأعوام الثقافية".
يتوقع أصحاب الشركات أن يعلن رئيس الوزراء الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي تسلّم مهامه في آذار/مارس عن اجراءات قريبًا لدعم تنويع مصادر الاقتصاد المرتهن للغاز والنفط واستقطاب الأجانب ذوي المهارات العالية، في مواجهة منافسة متزايدة من جانب الدول الخليجية المجاورة.
وقال رئيس فرع قطر لشركة "برايس ووتر هاوس كوبرز" الاستشارية بسام حاج أحمد إنه "متأكد تمامًا" من أن الحكومة ستقوم بتغييرات. وأكد أن الشركات القطرية تُظهر رغبة في التحوّل نحو الرقمية ومجالات حديثة أخرى وتريد "المزيد من الموارد والمهارات".
وينبغي على الأجانب حاليًا مغادرة البلاد فور انتهاء صلاحية عقود عملهم ويحقّ فقط لقسم صغير منهم شراء عقارات في قطر.
ورأى حاج أحمد أن إصلاح قوانين "العمل والتأشيرات" سيجعل قطر أكثر استقطابًا. ولفت إلى أن "قطر تملك الكثير من الفرص الفريدة من نوعها مقارنة بالدول الأخرى. لكن ينبغي علينا تطوير نهج أكثر تنظيمًا لاستقطاب المهارات".