قصرت في حق ابنتي المتوفاة وخائفة من سوء عملي

منذ 1 سنة 226

قصرت في حق ابنتي المتوفاة وخائفة من سوء عملي


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/6/2023 ميلادي - 25/11/1444 هجري

الزيارات: 24



السؤال:

الملخص:

أمٌّ كُلِمت بفقد ابنتها البكر، واجتمع لها مع ألم الفقد، شعورُها بالتقصير في حقِّها، وعدم منحها الحنان في حياتها، وتحميلها ضغوطًا كثيرة؛ فزادها همًّا إلى همها، وتسأل: ما النصيحة؟

التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ماتت ابنتي البكر في عامها السابع والعشرين منذ أسابيع، وتركت ابنًا له عشرة أشهر، ومنذ ذلك الحين وأنا في هَمٍّ لا يعلمه إلا الله، حزني على فقدانها، وحزني على معاملتي إياها بطريقة فظَّة إلى حدٍّ ما؛ حيث حمَّلتها مسؤوليات منذ كانت صغيرة، وشعرت بأنني ضغطت عليها كثيرًا، وما كان بيني وبينها من مشاكسات كأي أمٍّ وابنتها؛ ومن ثَمَّ أشعر بالتقصير في إعطائها الحنانَ، والاستماع لها، وبعد زواجها تحسنت علاقتنا إلى حدٍّ ما، وكنت أسألها كثيرًا: هل سامحتِني؟ وتقول: نعم، لكن لم أطلب منها الصفح في كل شيء، أنا لم أقصد أذيَّتها يومًا، ولكن كنت أشعر بأنها تستفزني، وربما يكون الأمر بسبب ضغوط الحياة؛ من تربية إخوانها، والتدريس، أنا خائفة من سوء أعمالي، وفي همٍّ وغمٍّ لا يعلمه إلا الله، ماذا أفعل؟ أفتوني وأرشدوني، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فعظَّم الله أجركم، وأحسن عزاءكم، وغفر لميتكم.

أختي الكريمة:

لا شك أن الفَقد مؤلم، وأن رحيل الأبناء في زهرة الشباب ابتلاءٌ عظيم، ولكنَّ عزاءنا في ذلك جزاء رب العالمين، وحسن ثوابه لمن صبَر وسلَّم لقضائه وقدره، واحتسب الأجر عليه سبحانه وتعالى.

يقول الله تبارك وتعالى في كتابه الكريم: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ ﴾ [البقرة: 155 - 157].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاء، إذا قبضتُ صفيَّه من أهل الدنيا، ثم احتسبه، إلا الجنة))؛ [رواه البخاري].

ولا يعلمُ الإنسان ما الذي ينتظره في هذه الحياة، وماذا يعرِضُ له؛ ولذلك ينبغي عليه أن يكون مستعدًّا ومتيقِّظًا لِما يجب عليه من حقوق لله تعالى وللناس من حولِه.

والحمد لله الكريم الوهَّاب الذي يغمُرُ عباده بالنعم؛ يقول الله تبارك وتعالى: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [النحل: 18].

وهذه المشاعِر التي هاجت وآلمَت باستحضار ما مضى، والندم على ما فات، تدل على حياة القلب، ويقظة الضمير، وهذه من النعم العظيمة، التي تُعين الإنسان على التوبة، والعزوف عن مسالك السُّوء والتقصير.

ولا شكَّ - أختي الفاضلة - أن الإنسان مهما اجتَهَد في تقديم ما يجب عليه من حقوق لمن يعول، فهو عُرضة للنقص والتقصير، وأن القسوة على الأبناء في الغالب دافِعُها الحزم والرغبة في تقويم سلوكهم، وصلاحِ أحوالهم، والحمد لله الذي ألهمك التودد إليها وملاطفتها قبل رحيلها إلى الدار الآخرة.

أكْثِري من الدعاء لها، فلم ينتهِ معروفك وإحسانك إليها بموتِها؛ فهي الآن أحوج ما تكون إلى الدعاء، فما بالك في الدعاء الذي تُرجى إجابته كدعاء الوالد لولده؟

واستوصي بابنها خيرًا؛ فقد رحل عنه الحضن الدافئ، والمأوى الذي ينبع بالعطف والحنان.

وأكثري من الاستغفار والأعمال الصالحة.

أسأل الله للجميع التوفيق والسعادة، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.