دعونا نبدأ الحكاية، بالطبع حكاية المساهمات العقارية في السعودية، وكيف بدأت؟
قبل النفط، كانت الحياة بسيطة، والأسرة ممتدة وتعيش في بيت واحد، فنجد الأب والجد والأبناء وربما كانوا كلهم متزوجين يعيشون في ذات البيت، والسبب في ذلك الرغبة في مواجهة تكاليف الحياة.
أما في المزارع، فلربما وجدنا أكثر من أسرة تعيش في مزرعة واحدة، لذلك كانت تجارة العقار بطيئة الحركة ولا تحتاج إلى وسطاء، إذ كان البيع يتم مباشرة بين البائع والمشتري وتكتب ورقة تثبت البيع ويشهد عليها الشهود وينتهي الأمر.
بعد النفط، بدأ الناس يتجهون للسكن في المدن الكبرى بحثاً عن لقمة العيش، من هنا بدأ التطور العقاري المحدود والمتفق مع حاجات الناس، بدءاً من بيوت الطين، مروراً بالمسلح ويعني البناء الخرساني، وانتهاء بالأبراج في وقتنا الحاضر.
ومع تطور السعودية وإنشاء البنك العقاري سنة 1975 ميلادية، الذي بدأ بإقراض المواطنين من دون فوائد، وبحد أقصى قدره 300 ألف ريال سعودي (80 ألف دولار) تُسترد على مدار 25 سنة.
نتيجة لهذا التطور، بدأت المساهمات العقارية في السعودية تظهر بوضوح نتيجة محدودية الوفورات المالية، وكانت المساهمة العقارية تقوم على أساس الثقة برئيس المساهمة، وأطراف المساهمة هم رئيس المساهمة وبائع الأرض والمساهمون وهناك طرف رابع هو الوسيط الذي لا يوجد أحياناً، إذ إن البيع يتم مباشرة بين مالك العقار ورئيس المساهمة الذي يأخذ دور الوسيط ويضيف 2.5 في المائة من قيمة الأرض مقابل وساطته، ثم يبدأ بجمع المبلغ من المساهمين لحين تغطية مبلغ الأرض الذي يعطى للبائع، وما لم يغط من قيمة الأرض يكون مساهمة للمالك، أي إن المالك لعب دور ضامن الاكتتاب المعروف حالياً.
وكانت أمور المساهمة في الغالب تتم بيسر نتيجة تحسن الطلب، ما يغطي على بعض تجاوزات رئيس المساهمة، وكانت معظم المساهمات تربح، ما يغطي على بعض عيوب العملية، إذ إن المساهمين لا يعرفون ما يجري خلف الكواليس، فرئيس المساهمة يشتري ويخطط ويبيع دون رقيب، لكن توزيع الأرباح يجعل المساهمين لا يسألون عن شيء.
وكان التخطيط بسيطاً، إذ يتم رسم الشوارع وإخراج المرافق: مساجد، حدائق، مدارس، ثم يأتي دور الجهات الحكومية ببناء المرافق وتعبيد الشوارع وإيصال خدمات الماء والكهرباء وغيرها، ليتطور الأمر بفرض الجهات المشرعة إيصال جزء من الخدمات على المطور (رئيس المساهمة).
ومع تطور الأمر ووضوح ربحيته، ظهر كثير من رؤساء المساهمات غير الأكفاء، ما أظهر كثيراً من المساهمات المتعثرة التي ملأت المحاكم، ما اضطر المشرع لوضع لجنة خاصة في وزارة التجارة مهمتها متابعة المساهمات المتعثرة وحفظ حقوق المساهمين، ولكن هذا الوضع لا يكفي خاصة مع إقرار بيع العقارات على الخريطة، ما حدا بالمشرع خلال الفترة القريبة الماضية لإصدار قانون من مجلس الوزراء السعودي يحفظ حقوق جميع أطراف المساهمة.
وكانت أبرز نقاطه حصول المطور على ترخيص من هيئة العقار، موافقة هيئة سوق المال، تأهيل وتصنيف المرخص لهم بذلك، ووجود حساب ضمان (حساب بنكي) لإيداع المبالغ فيه. وهذه الخطوات وغيرها كفيلة بتنظيم العلاقة بين أطراف المساهمة وحفظ حقوق كل طرف.
ولعلنا لو أضفنا سجلاً عقارياً يوضح ما يحصل للعقار بعد إنشائه، مثل: هل العقار سكن خاص أم مُعد للإيجار السنوي أو الشهري أو اليومي؟، الظروف التي مرّ بها العقار مثل: الصيانة والترميم وغيرهما من الحالات التي يحتاجها العقار، لكان لدينا تقييم أفضل لأسعار عقاراتنا. ودمتم.