بقلم: يورونيوز • آخر تحديث: 02/11/2022 - 20:01
القناع الذهبي للملك توت عنخ آمون في المتحف المصري بالقاهرة مصر، 27 سبتمبر 2022. - حقوق النشر AP Photo
قبل 100 عام، وتحديدا في 22 نوفمبر تشرين الثاني، تعثر طفل مصري يبلغ من العمر 12 عاما يدعى (حسين)، أثناء جلبه المياه إلى عالم المصريات هاورد كارتر وفريقه من الأثريين، في حجر ضخم بوادي الملوك بالأقصر. هذا الحجر كان الخطوة الأولى التي أدت إلى اكتشاف أذهل العالم أجمع ولا يزال، إنه اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون.
فرعون غامضٌ
تقول أستاذة علم المصريات في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، الدكتورة سليمة إكرام: "يحتفل عام 2022 بالذكرى المئوية لاكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، وكذلك إعادة ذكرى توت عنخ آمون إلى العالم، لأنه أصبح فرعونًا غامضًا للغاية. لذلك من خلال الاحتفال به، فإننا نمنح روحه حياة دائمة، كما أن الأمر مهم للغاية بالنسبة لمصر".
وتوضح الدكتورة إكرام أن "توت عنخ آمون هو الفرعون الوحيد الذي حافظ على بلاده ورعاها بعد فترة حكمه، لأنه كان الهدية التي لا تزال تقدم منذ اكتشاف قبره، وقد ساعد توت عنخ آمون الاقتصاد والشخصية العامة والأهداف السياسية في مصر بقدر كبير، لذلك فهو حقًا الفرعون الحقيقي الوحيد لمصر الذي كان مخلصًا لبلده آلاف السنين"، على حد قولها.
الملك الصبي
الملك الصبي، الذي حكم خلال الأسرة الثامنة عشرة في مصر القديمة، كان يبلغ من العمر تسع سنوات فقط عند اعتلائه عرش مصر، وتوفي بعد أقل من عشر سنوات، ووصف علماء الآثار في جميع أنحاء العالم فترة حكمه القصيرة بأنها كانت الفترة التي أعادت الاستقرار إلى أرض كانت في حالة اضطراب.
ويقول المؤرخ والكاتب في علم المصريات، بسام الشماع: "توت عنخ أمون هو أكثر اسم جذاب في عالم المصريات في العالم، ولكنه هو أكثر اسم غموضا، وهذا ما جعل العالم كله يحب قصة المقبرة واكتشاف المقبرة لأن بها إثارة عائشة حتى الآن حتى في القرن الحادي والعشرين".
وادي الملوك
ويتابع الشمّاع حديثه عن توت عنخ آمون قائلاً: إنه "رجل حكم حوالي 9 سنوات منذ أن كان في الثامنة أو التاسعة من عمره، وتوفي وهو في السابعة عشرة أو الثامنة عشرة من العمر، ومع هذا لا نعرف الكثير عن حروبه، عن إنجازاته العسكرية، مثل ما نعرف عن الملوك الأخرين. فبالتالي، جعل الدنيا كلها وما زالت، تعيش في حالة من الغموض، رغم أنها أشهر مقبرة، وأكبر عدد من الآثار والمقتنيات الشخصية والجنائزية التي تكُتشف في مقبرة واحدة".
ويشير الشماخ إلى أن مقبرة توت عنخ آمون هي "واحدة من أصغر ثلاث مقابر من 64 مقبرة في وادي الملوك، ومع ذلك نجد 5398 قطعة، لا يوجد واحدة منها نستطيع أن نقول إنها ليست قطعة متفردة، أو إنها مكررة في مكان أخر أو رأيناها في مقبرة أخرى".
دفن الملك توت عنخ آمون في وادي الملوك، وأُغلق قبره بقصد أن يتوارى عن الأنظار، كي لا ترى أي عين بشرية الذهب والمجوهرات والأعمال الفنية الثمينة التي ملأت الغرف الصغيرة بالمقبرة.
وظلت كنوز الملك مخبأة تحت الرمال لآلاف السنين، حتى تم اكتشافها في عام 1922 من قبل البريطانيين علماء المصريات، هوارد كارتر واللورد كارنارفون - إيرل كارنارفون الخامس، الذين أمضوا ست سنوات في التنقيب في وادي الملوك.
وفاة الملك الصبي
استمر حكم توت عنخ آمون بالكاد تسع سنوات في الفترة الشاسعة من التاريخ المصري القديم، وعلى الرغم من أن خلفاءه حاولوا محو سجل الملك من التاريخ، إلا أن هذا الاكتشاف العظيم منح الملك الصبي خلودًا لم يخطر على بال أعدائه.
وحول وفاة الملك الصبي، قالت أستاذة علم المصريات في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، الدكتورة سليمة إكرام، إن هناك العديد من النظريات حول سبب وفاة الملك، لكن جميعها لم يتم إثباتها.
وتقول: "عندما يتوفى شاب يبلغ من العمر 19 عامًا، كما كان الحال مع توت عنخ آمون، دائما ما يكون هناك الكثير من الأفكار والأسئلة حول سبب وفاته المبكرة وكيف توفى، وهناك العديد من النظريات. في البداية كانت هناك نظرية تقول إن شخصا قام بضربه على رأسه، وتم إثبات عدم صحتها من الناحية الطبية. وكانت هناك نظرية تقول إنه سقط من عربته ثم دهسته العربة وركله الحصان، وهناك نظرية تقول إنه عانى من الملاريا وأصبح ضعيفًا ثم توفى، أو أنه كان هناك الكثير من زيجات الأشقاء ما أدى إلى كونه ضعيفا ثم موته".
هل قُتل؟ هل اُغتيل؟
وتتابع الدكتور إكرام قائلة: "ثمة نظرية أيضاً تقول إن فرس النهر هاجمه ومات، وهناك العديد من النظريات الطبية الأخرى التي تم طرحها، ولكن في هذه المرحلة ليس هناك الكثير من الأدلة على أي منها".
بينما كان للمؤرخ والكاتب في علم المصريات، بسام الشماع، رأي آخر، إذ يقول: "أنا لا استبعد كثيرا فكرة الاغتيال، وهذا لأنني قد وجدت أن هناك ندبة في الوجنة اليسرى للمومياء، وهي عبارة عن قشرة وندبة لم يكتمل التئامها لهذا الجرح الكبي، لذا ربما يكون قد ضُرب بألة حادة ما، وخصوصا لأننا حتى الآن نحن في انتظار علماء المصريات يخبروننا من أين أتت هذه الندبة والجرح لأنه كبير، وبالتالي من الممكن جدا أن يكون قد مات الملك وهي لا تزال في طور الالتئام".
ويتساءل بسام الشماع "هل قُتل هل اُغتيل توت عنخ أمون في هذا السن؟ وخصوصا في حساسية الموقف السياسي في وقت حكمه؟"، وما لبث المؤرخ أن يستطرد بالقول: "أنا لا استبعد هذا أبداً".