منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، عملت 34 دولة على إنتاج القنابل العنقودية.
تسلّم الجيش الأوكراني قنابل عنقوديّة كانت الولايات المتحدة تعهّدت تزويده بها لدعم هجومه المضادّ لاستعادة مناطق تسيطر عليها القوات الروسيّة، وفق ما أكّد مسؤولون في واشنطن وكييف.
وقال قائد الجيش الأوكراني أولكسندر تارنافسكي في مقابلة مع قناة "سي إن إن" الأميركيّة "حصلنا عليها للتوّ ولم نستخدمها بعد، لكنّها قادرة على تغيير (ساحة المعركة) جذريًّا". وتعهدت أوكرانيا باستخدام القنابل فقط لتفريق تجمعات الجنود الروس.
من جهتها استنكرت روسيا هذه الخطوة، وحذّر وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، الخميس، من أن موسكو قد تلجأ إلى نشر أسلحة مماثلة إذا استخدمتها أوكرانيا.
في ظل هذه التطورات وهذا الجدل المستعر يبدو استخدام هذه القنابل ليس جديداً في ساحة المعركة الأوكرانية الروسية. فوفقاً للجنرال باتريك رايد المتحدث باسم البنتاغون فإن الروس استخدموا بالفعل الذخائر العنقودية في المعركة مع أوكرانيا، ووفقاً لمرصد الألغام الأرضية والقنابل العنقودية فإن أوكرانيا هي الدولة الوحيدة في العالم التي استُخدمت فيها الذخائر العنقودية منذ أغسطس 2022. استخدمت روسيا هذه القنابل على نطاق واسع منذ غزوها لأوكرانيا في 24 شباط/ فبراير 2022، بينما يبدو أن القوات الأوكرانية استخدمتها ثلاث مرات على الأقل في الحرب، وفقاً للمرصد.
يذكر أن آخر استخدام مسجل لهذه الذخائر قبل الحرب الأوكرانية كان في سوريا في آذار / مارس 2021.
ما القنابل العنقودية وكيف تعمل؟
الذخائر العنقودية هي ذخائر تُسقط من الطائرات أو تُطلق من الأرض أو البحر لتنفتح في الجو مسقطة بدورها عشرات أو مئات من القنابل الصغيرة على مساحات شاسعة قد تصل إلى مساحة عدة ملاعب كرة قدم مجتمعة.
عند ارتطامها بالأرض أو بأي جسم آخر من المفترض أن تنفجر القنابل الصغيرة، ولكن نسبة كبيرة -تصل إلى 40%- منها لا تنفجر فوراً، خاصة إذا هبطت على أرض رطبة أو ناعمة، مما يبقي خطر انفجارها قائماً في أي لحظة بمجرد التقاطها أو المشي عليها مما قد يتسبب بتشويه أو قتل الكثيرين، دون تفرقة بين عسكريين أو مدنيين أو أطفال. وهي بهذا تشابه طريقة عمل الألغام الأرضية وتتسبب بكوارث مشابهة في المناطق التي أسقطت عليها، مما يجعل الكثير من المناطق المستهدفة غير صالحة للعيش.
هناك أنواع عديدة من الذخائر العنقودية. وفقاً لمرصد الذخائر العنقودية، فإن ما مجموعه 34 دولة طورت أو أنتجت في وقت واحد أكثر من 200 نوع من الذخائر العنقودية.
من يصنعها؟
منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، عملت 34 دولة على إنتاج القنابل العنقودية.
في الوقت الحالي لا تزال 16 دولة تنتج هذه الذخائر أو تحتفظ بحق إنتاجها مستقبلاً، في حين امتنعت 18 دولة عن الإنتاج سواء بعد الانضمام إلى اتفاقية الذخائر العنقودية أو قبل.
تشمل قائمة المنتجين الحاليين البرازيل والصين ومصر واليونان والهند وإيران وإسرائيل وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية وباكستان وبولندا ورومانيا وروسيا وسنغافورة وتركيا والولايات المتحدة.
في حين تشمل قائمة المنتجين السابقين الأرجنتين -التي لم توقع على الاتفاقية ولكنها تخلت عن الإنتاج- وأستراليا وبلجيكا والبوسنة والهرسك وتشيلي وكرواتيا وفرنسا وألمانيا والعراق وإيطاليا واليابان وهولندا وسلوفاكيا وجنوب إفريقيا وإسبانيا والسويد وسويسرا والمملكة المتحدة.
مستخدمة رغم الحظر..
في عام 2008 وقعت 107 دولة في العاصمة النرويجية أوسلو على اتفاقية نصت على حظر الذخائر العنقودية، بما يشمل الإنتاج والتخزين والاستخدام. والتزمت 111 دولة منضمة إلى الاتفاقية منذ عام 2010 -عندما دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ- بهذا الحظر، في حين لا تعد الاتفاقية ملزمة لـ 12 دولة وقعت على الاتفاق دون مصادقة.
جدير بالذكر أن دولاً كبرى و دولاً تشهد صراعات ساسية وعسكرية لم توقع أو تصادق على الاتفاقية بما فيها روسيا والولايات المتحدة والصين والهند وباكستان وأوكرانيا وإيران، ودول في الشرق الأوسط كإسرائيل والسعودية والإمارات ،ودول في آسيا وشمال أفريقيا وأوروبا الشرقية.
أين استخدمت أول مرة ومن استخدمها؟
استخدمت القنابل العنقودية للمرة الأولى خلال الحرب العالمية الثانية من قبل ألمانيا والاتحاد السوفييتي على حد سواء. في عام 1943 ألقت طائرة ألمانية أكثر من 1000 قنبلة من طراز إس دي تو SD-2، والمعروفة بالقنبلة الفراشة، على ميناء غريمسبي في المملكة المتحدة.
في حين ألقت القوات السوفيتية في الاتحاد السوفيتي ذخائر عنقودية على المدرعات الألمانية. واستخدمت القوات الألمانية قنابل الفراشة إس دي ون SD-1 وإس دي تو SD-2 ضد المدفعية في معركة كورسك.
ومن حينها حتى اليوم استخدمت هذه القنابل في أماكن شتى في العالم أبرزها فيتنام ولاوس وكمبوديا وأفغانستان ولبنان وسوريا والبوسنة والهرسك والشيشان وكرواتيا والعراق والكويت والسعودية وإسرائيل وليبيا والسودان.
أين تعد مشكلة قائمة حتى اليوم؟
إضافة إلى استخدامها في المعركة الروسية الأوكرانية، الاستخدام الأكبر والأبرز في السنوات الأخيرة شهدته سوريا. فرغم نفي الحكومة امتلاك أو استخدام ذخائر عنقودية، لكن جيشها مسؤول عن الجزء الأكبر من أكثر من 630 هجمة بالذخائر العنقودية سُجلت في الفترة من 2012 إلى منتصف 2018 وفقاً لمرصد الذخائر العنقودية.
كذلك اليمن حيث استخدم التحالف المسلح بقيادة السعودية القنابل العنقودية بشكل متكرر في مناطق مأهولة بالسكان في 2015-2017. ووفقاً للمرصد فإنه ربما شهد عام 2018 هجمات كذلك إلا أن تحديات التوثيق وجمع الأدلة جعلت من الصعب تسجيل وتأكيد الهجمات.
وثقت هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية وغيرهما ما لا يقل عن 23 هجمة بالذخيرة العنقودية أثناء النزاع.
ما زالت عدة دول تعاني من مخلفات هذه القنابل وآثارها التي تمتد لسنين طويلة، من هذه الدول أفغانستان وألمانيا والعراق وليبيا ولبنان وجزر فوكلاندوفيتنام وسوريا واليمن وغيرها.