تناولت ماريا مشروباً مؤلفاً من بذور الأفوكادو وأنواع نباتية ذات فوائد طبية في محاولة لإنهاء حملها، لكنها فشلت في ذلك... فالإجهاض غير مسموح قانوناً في فنزويلا بينما وحدهم الأثرياء مُتاحة لهم وسائل إنهاء الحمل لكن بشكل سرّي.
تعيش ماريا وهي أم لخمسة فيما لا تزال في السادسة والعشرين، في فقر مدقع عند إحدى صديقاتها في حي فقير من العاصمة كراكاس.
وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، تقول الشابة التي رغبت في إبقاء كنيتها طي الكتمان في بلد كاثوليكي محافظ ويعاقب على الإجهاض بالسجن لمدة قد تصل إلى ست سنوات "قد تخسر المرأة حياتها أثناء الولادة".
إلا أنّ القانون ينص على عقوبات مخففة إذا كان الإجهاض يرمي إلى الحفاظ على "شرف" المرأة وأسرتها، ويسمح بإنهاء الحمل إذا كان ذلك ضرورياً لإنقاذ حياة الأم، على عكس بلدان أخرى مثل السلفادور وهندوراس ونيكاراغوا.
وتقول ماريا "لم أعد أرغب في إنجاب مزيد من الأطفال". وتعيش ابنتاها اللتان تبلغان ثلاث سنوات وعشرة أشهر معها، بينما يعيش أولادها الثلاثة الآخرون، وهم توأمان في التاسعة وفتاة تبلغ خمس سنوات، مع والدتها وجدتها.
وتشير الشابة إلى أنها حاولت الإجهاض في حملها الثالث، مضيفةً "حاولت إنهاء الحمل من خلال تناول بذور الأفوكادو وعلاجات منزلية، لكنّني فشلت في ذلك".
وتتابع "يبدو أنّ تناول مشروبات عشبية يجعل الطفل يخرج من دون بقاء مخلفات للحمل"، موضحةً أنها حصلت على هذه الوصفة من صديقة استخدمت هذه الطريقة لإنهاء حملها ونجحت في ذلك.
وتضيف "إنّ الإجهاض من خلال حبوب يتسبب بترك مخلفات الحمل في جسدي (...) وسيدرك الأطباء أنني أجهضت (...) وفي هذا البلد لا يمكننا أن نخضع لهذه العملية تحت طائلة السجن".
وتشير الامم المتحدة إلى أنّ نحو نصف حالات الحمل في مختلف أنحاء العالم غير مرغوب فيها و60 % منها ينتهي بالإجهاض.
"ليس أولوية"
لا تنشر فنزويلا أرقاماً عن عمليات الإجهاض لكنّ ما هو مؤكد أنّ البلد الذي يضم نحو 30 مليون نسمة بعيد جد عن الانضمام إلى موجة التحركات المؤيدة للإجهاض التي اكتسحت أميركا اللاتينية خلال السنوات الأخيرة.
وإنهاء الحمل عملية قانونية في الأرجنتين وكولومبيا وكوبا والمكسيك وأوروغواي، إلا أنه لم يكن أولوية في فنزويلا خلال السنوات الأربعة والعشرين التي سادت فيها التشافيزية.
وكان البرلمان وغالبية أعضائه ممّن يؤيدون الحكومة، أعلن عام 2021 أنه سيقرّ تشريعات في شأن هذه القضية، لكن مذّاك لم يُحرَز أي تقدم. ويقول مدير منظمة "بلافام" غير الحكومية التي توفر نصائح في شأن المسائل الجنسية والإنجابية بيلمار فرانشيسكي "إن الإجهاض ليس أولوية، ولا حتى النساء اللواتي يتوفين خلال خضوعهن لهذا الإجراء الطبي" سرّاً.
وفي العام 2020، أوقفت معلمة وسُجنت تسعة أشهر لمساعدتها فتاة تبلغ 13 عامًا على الإجهاض بعد تعرضها للاغتصاب. وفي أيار/مايو، فككت الشرطة "عصابة يُزعم أنها تروّج للإجهاض غير القانوني" لكنّها كانت في الواقع مجموعة نسوية ترافق النساء الراغبات في الخضوع للإجهاض.
ورغم ذلك، تتكاثر التظاهرات المؤيدة للإجهاض في البلاد، لكن بالمقدار نفسه الذي تنتشر فيه التحركات المعارضة لهذا الإجراء الطبي، على غرار مسيرة في كراكاس روّجت لها الحركات الإنجيلية وشارك فيها أخيراً مئات الأشخاص.
ولا تجري المستشفيات الرسمية عمليات إجهاض، على عكس المراكز الخاصة التي قد تصل كلفة الإجهاض فيها إلى ألف دولار.
واكتشفت زارينا، وهي موسيقية تبلغ 35 عاماً، أنها حامل رغم تناولها حبوباً لمنع الحمل. وأجهضت ضمن عملية كلّفتها 500 دولار. وتقول غير راغبة في ذكر كنيتها حتى لا تدخل السجن، وفق قولها، "شعرت بأنه تم إنقاذي".
من جهتها، تقول كيتسي مدينا (40 عاماً) التي خسرت جنينها في الأسبوع التاسع من حمل لم تكن ترغب فيه "مهما كان عمر المرأة، سيتم الاشتباه دائماً في أنها خضعت لعملية إجهاض".