في صفقة محتملة.. إيران تبحث عن مساعدة الصين لزيادة دقة مراقبتها للأهداف العسكرية في الشرق الأوسط

منذ 3 أشهر 38

تسعى إيران إلى إبرام صفقات مع شركتين صينيتين للأقمار الصناعية بهدف تزويدها بقدرات محسنة لترسانتها من الصواريخ الباليستية.

ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" نقلا عن مسؤولين أمنيين غربيين، أن إيران طلبت من الصين دعمها في مجال الأقمار الصناعية بهدف تعزيز قدراتها في المراقبة عن بعد وجمع المعلومات الاستخباراتية، بما في ذلك إمكانية الحصول على صور عالية الدقة لأهداف عسكرية في إسرائيل ومناطق أخرى في الشرق الأوسط.

وقد شهدت الفترة الأخيرة بحسب مسؤولين غربيين وشرق أوسطيين، تبادل الوفود بين الحرس الثوري الإيراني والشركات الصينية المعنية، والتي تختص في تصنيع وتشغيل أقمار صناعية مزودة بكاميرات متطورة.

وقال المسؤولون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم لمناقشة معلومات استخباراتية حساسة، إن "سعي إيران للتعاون مع الشركتين يتم مراقبته عن كثب بسبب المخاوف من أن أي اتفاق قد يعزز بشكل كبير قدرة إيران على التجسس على المنشآت العسكرية الأميركية والإسرائيلية، بالإضافة إلى المنشآت العسكرية للدول العربية المنافسة في الخليج الفارسي".

وتقدم الشركات الصينية المعنية أقمارا صناعية مزودة بأجهزة بصرية حساسة تفوق في دقتها أقمار إيران الحالية.

وتأتي هذه الزيارات في سياق العلاقات الوثيقة بين بكين وطهران، والتي تعززت بعد توقيع اتفاقية التعاون السياسي والاقتصادي الممتدة لـ 25 عاما بين وزيري خارجية البلدين قبل ثلاث سنوات.

وسعت إيران سابقا للحصول على مساعدة من روسيا لتطوير شبكة من أقمار المراقبة التي تسيطر عليها طهران، وقد توسعت هذه المساعدة مع اعتماد روسيا على إيران كمورد للطائرات المسيرة الهجومية المستخدمة في حربها ضد أوكرانيا.

ويحذر تقييم سري، اطلعت عليه صحيفة "واشنطن بوست"، من أن الصفقة مع الصين قد تمنح إيران قدرة محسنة على تحديد الأهداف لترسانتها من الصواريخ الباليستية، بالإضافة إلى تزويدها بأنظمة إنذار مبكر لرصد الهجمات الوشيكة.

وقد تكون إيران بعد ذلك قادرة على تزويد حلفائها، مثل الحوثيين في اليمن الذين شنوا هجمات صاروخية على الشحن التجاري في البحر الأحمر، أو الفصائل السورية والعراقية المسؤولة عن هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ على القواعد العسكرية الأميركية في المنطقة، بمعلومات استخباراتية مستمدة من الأقمار الصناعية.

وذكر المستند أن إيران زودت مثل هذه المجموعات سابقا بصور أقمار صناعية تم شراؤها من الصين.

ورغم عدم وجود تقارير عن اتفاق رسمي حتى الآن، إلا أن التقييم وصف علاقة مزدهرة بين طهران وشركة "تشانغ قوانغ لتكنولوجيا الأقمار الصناعية"، حيث شهدت الفترة الأخيرة عدة تبادلات للوفود وإقامات طويلة لعملاء ومسؤولي الحرس الثوري الإيراني في الصين.

وتصنع شركة "تشانغ قوانغ"، التي تتخذ من مدينة تشانغتشون في مقاطعة جيلين شمال شرق الصين مقرا لها، أقمارا صناعية صغيرة ومنخفضة التكلفة تعرف بـ"مكعبات"، مزودة بمعدات بصرية قادرة على إنتاج صور بدقة تصل إلى 30 سنتيمترا. وهي قدرة تضاهي قدرة أكثر شركات الأقمار الصناعية التجارية الأميركية والأوروبية تطورا. 

وينتج قمر "خيام" الإيراني، وهو قمر صناعي للاستشعار عن بعد، صورا بدقة تصل إلى حوالي متر واحد.

وذكر التقييم أن المسؤولين الإيرانيين كانوا يسعون أيضا إلى إبرام ترتيبات تجارية مع شركة "مينو سبيس تكنولوجي" التي تتخذ من بكين مقرا لها، والتي تصنع أقمار الاستشعار عن بعد من سلسلة "تايجينغ"، وشاركوا في تبادل الوفود معها.

ولا تخضع أي من الشركتين الصينيتين لعقوبات اقتصادية أمريكية أو دولية. ومع ذلك، تواجه قوة القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، وهي وحدة النخبة المسؤولة عن العمليات الخارجية، عقوبات أمريكية متعددة.

لم ترد شركتا "تشانغ قوانغ" و"مينو سبيس" على رسائل البريد الإلكتروني التي طلبت التعليق. كما لم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك على طلب للحصول على معلومات حول التواصل مع الشركات الصينية.

تورطت شركة تشانغ قوانغ في جدل العام الماضي بعد تقارير تفيد بأنها قدمت خدمات وصور أقمار صناعية لمجموعة المرتزقة الروسية "فاغنر".

وقد ربطت التقارير الشركة باتفاقية قيمتها 30 مليون دولار وقعها مسؤولو "فاغنر" في نوفمبر 2022، بعد تسعة أشهر من بدء الغزو العسكري الروسي الكامل لأوكرانيا.

علقت الصين، أحد أهم شركاء إيران العسكريين تاريخيا، معظم مبيعات الأسلحة إلى طهران حوالي عام 2005، حيث شددت الدول الغربية العقوبات على البرنامج النووي الإيراني المتوسع بسرعة. 

وتحسنت العلاقات مع بكين تدريجيا على مدى العقد الماضي، بدءا من اتفاقية صينية في عام 2015 لتزويد إيران بتكنولوجيا الملاحة القائمة على الأقمار الصناعية والتي سمحت لطهران بتحسين دقة صواريخها وطائراتها بدون طيار.

العديد من المكونات الإلكترونية للطائرات الإيرانية منشأها الصين. بموجب اتفاقية 2021، التزمت الدولتان بإجراء تدريبات وتطوير مشترك مستقبلي للطائرات ذات الأجنحة الثابتة والمروحيات.

وأصبحت الصين الآن أكبر عميل لإيران في مجال المنتجات البترولية، وازدهرت التجارة بين البلدين، حيث ارتفعت إلى 32 مليار دولار العام الماضي. لكن هذا الرقم ضئيل للغاية.