فقدت أهلي في حادث وأشعر بالضياع

منذ 1 سنة 224

فقدت أهلي في حادث وأشعر بالضياع


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/6/2023 ميلادي - 18/11/1444 هجري

الزيارات: 21



السؤال:

الملخص:

فتاة فقدت أسرتها في حادث أليمٍ، شعرت بعد فقْدهم بالضياع والظلام، وأصبحت حزينة، هشة، ضعيفة، تحيا وكأنها ميتة، وتسأل: ما النصيحة؟

التفاصيل:

أنا فتاة فقدَتْ أباها وأمها وأربعة من إخوتها في حادث أليم، أشعر بالضياع في هذه الدنيا، وأنها ليست مكانًا لي، وأن بداخلي ظلامًا، أحيا مع الناس، لكني ميتة في داخلي، تؤثر عليَّ أي كلمة، هشة، ضعيفة، التحقت بوظيفتين، ثم تركتهما؛ إذ يصيبني الانطفاء بعد الحماس والتوقد، أحلُم بمستقبل واعدٍ، لكن العمر يمر، وأنا مستغرقة في ظلماتي، لم أكن حزينة هكذا في طفولتي أو مراهقتي، لم تظهر عليَّ تلك الأعراض إلا بعد وفاة أهلي؛ فهل هذا هو السبب فيما أنا فيه من حزن وقلة أمان؟ أرشدوني، وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فعظم الله أجركم أختي الكريمة، وأحسن عزاءكم، وغفر لموتاكم.

لا شك في أن الإنسان معرَّض في هذه الحياة الدنيا للمصائب والأزمات، وأن سلاحه لمواجهتها هو الاعتصام بالله سبحانه، والالتجاء إليه؛ فقدرة الإنسان على التحمل ضعيفة ما دام وحيدًا، ولا يشعر بمعية الله سبحانه وتعالى له؛ ولذلك لا بد من اعتياد التضرع إلى الله سبحانه، ومناجاته بصدق، وبثِّ الهموم والشكوى إليه جل في علاه؛ فعندها يشعر المؤمن بالراحة والطمأنينة.

وهناك وسائل عديدة لتقوية الإيمان بالله سبحانه؛ أبرزها لزوم العمل الصالح، والقيام بما افترضه الله سبحانه، وفعل نوافل الطاعات.

وهناك جانب نفسي كذلكِ يحتاج إلى عناية واهتمام؛ فالصدمات - ولا سيما - رحيل الأحبة بشكل مفاجئ تهُزُّ أعماق الإنسان، ولها أثر في نفسه لا يزول سريعًا، بل يحتاج إلى تدرج في علاجه، والخلاص من آثاره.

ولا بد من ملء فراغ الإنسان العاطفي بالاندماج مع المجتمع بشكل إيجابي، وتكوين علاقات جيدة مع الآخرين، تُشْعِره بالدفء، وتحميه من أضرار العزلة والانطواء، ففي النفس جروح لا يضمدها سوى الشعور بالأمان والانتماء، أما العزلة والانكفاء على الذات، فهي التي تزيد من تأزُّم حالة الإنسان المزاجية.

وأما الطموح فهو دواء للنفس، وهو بمثابة النافذة المطِلَّة على حديقة غنَّاء، تُبهِج الناظر، وتسر الخاطر؛ وكما قال الشاعر:

أُعلِّل النفس بالآمال أرقُبها

ما أضيق العيشَ لولا فسحة الأملِ


ولتحقيق الطموح أسباب وطرق عليكِ الأخذ بها، فلا بد من تحديد الهدف بدقة ووضوح، والسير على خطة موصِّلة إلى الهدف، ولا شك في أن استحضار جمال الوصول إلى ما تريدين وتصبو إليه نفسك، يعينكِ بإذن الله على الصبر على مشاق الطريق.

المهم والمقصود أنه حينما ينشغل الإنسان بتحقيق طموحاته تسمو همته، وتعظم اهتماماته، وينصرف ذهنه عن التفكير في الماضي وآلامه إلى لذة اللهفة في الوصول إلى مكانته التي يطمح إليها.

ولا شك أن الإنسان قد يعجز عن ضبط نفسه، وإلزامها ما يرغب من أعمال واهتمامات؛ فقد يكون الأمر أكبر من قدرته، وأنه يحتاج إلى رعاية طبية، ومساندة نفسية عبر طبيب مختص، إما بعلاج دوائي، أو جلسات علاجية لدى معالج نفسي، المهم ألَّا يهمل الإنسان نفسه، ويظل حبيسَ الهمِّ، تقيده أزماته النفسية عن التفاعل الإيجابي مع الحياة.

أسأل الله للجميع التوفيق والسعادة، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.