صداقة الدكتور أحمد أبو الغيط مثل مصادقة موسوعة، أو مكتبة وطنية. كلما عرفت شيئاً غابت عنك أشياء. وكلما أتيت على ذكر كتاب لمؤلف ما، اتصل يضيف جميع مؤلفات الكاتب وينصح بما يجب قراءته من أعماله، وما لا يستحق القراءة. الأسبوع الماضي وتحت عنوان «الإمبراطور وبليد الذهن» جئت على ذكر المؤرخ البريطاني بول جونسون، ورأيه في نابوليون وجورج واشنطن، أول رئيس أميركي، كما قلت إنه كان عادلاً مع العرب في كتابه عن العدوان الثلاثي في السويس.
اتصل الأمين العام كالمعتاد، وقال لي إن ثمة قراءة ناقصة في الموضوع. فالرجل الأكثر غزارة بين المؤرخين البريطانيين عاد فاتخذ موقفاً شديد السوء من المسلمين بعد أحداث 11 سبتمبر (أيلول) في نيويورك، ودعا إلى إعادة استعمارهم من جديد، ووضعهم تحت الوصاية الغربية إلى أن يتحضروا!
لكن هذا الخطأ – قال الأمين العام – لا يمحو قيمة بول جونسون العامة. ولا بد في (المحبر) من قراءة أهم وأجمل كتبه «تاريخ زماننا». كالعادة سجلت عنوان الكتاب من أجل طلبه من السادة «أمازون» إخوان، فهم بين الشركات القليلة التي لا تزال تقبل التعاطي مع لبنان، شرط أن يكون ذلك «بالفريش دولار» أو «الدولار الطازج»، هو أحد الأسماء التي أعطاها بهلوان البنوك المركزية في التاريخ، رياض سلامة. ومنها أيضاً «الدولار الجمركي»، والدولار الدولار، الذي يساوي صفراً عند الناس وثورة عند سحرة المصارف وسعر الصرف.
دعنا من سادة الخراب ولنعد إلى الرقي الثقافي. قال الأمين العام إن أهمية بول جونسون ليست فقط كونه مؤرخاً مغزاراً، بل تعدديته. لقد وضع 50 كتاباً في الفنون والآداب ونهوض الأمم وسقوط الأمم والطغاة والسمحاء ومولد الحداثة و«الأزمان الحديثة» وغيرها... الخ.
تأتي مكالمات الدكتور أبو الغيط عادة في الصباح، إذ يقتطع الوقت من الساعة المخصصة للرياضة اليومية. كما تأتي المكالمة عن طريق سكرتيرته ناهد مع كل لياقات مصر و«ممكن سيادتك أحولك الأمين العام»؟
أول من أمس، في التاسعة مساء وليس في التاسعة صباحاً. والرقم الشخصي وليس رقم الأمانة العامة. ورسالة وليست مكالمة. ونصها: «قرأت الآن في نيويورك تايمس أن بول جونسون توفي يوم الخميس 12 يناير (كانون الثاني) في منزله في لندن عن 94 عاماً... كنا نتحدث عنه يوم الجمعة سوياً».