السؤال:
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته من فضلكم ترتبت علي حوالي 36 يوما لم اقضها خلال الست سنوات الماضية حيث سنة 2018 علي 6 ايام وسنة 2019 ستة أيام وسنة 2020 ستة ايام وسنة2021 ستة أيام وسنة 2022 ستة ايام وسنة 2023 ستة ايام. كيف احسب فدية التاخير خلال هذه السنوات؟ وجزاكم الله خيرا
الإجابة:
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:
فقد اتَّفَق العلماءُ على وُجُوب القضاءِ على كلِّ مَن أفطر في رمضان لعُذْر شرعيٍّ؛ مِنْ مرَضٍ، وغيره - إن كان قادرًا على الصيام - قبل مجيء رمضان التالي؛ لحديث عَائِشة - رضي الله عنها - قالت: ((كَانَ يَكُونُ عَلِيَّ الصَّومِ من رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إِلَّا في شَعْبَانَ))؛ متفقٌ عليه.
وقال الشوكاني في "نيل الأوطار": "وَفِي الْحَدِيثِ دَلَالَةٌ عَلَى جَوَازِ تَأْخِيرِ قَضَاءِ رَمَضَانَ مُطْلَقًا؛ سَوَاءٌ كَانَ لِعُذْرٍ، أَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ، أَعْنِي قَوْلَهُ: "وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ": قَدْ جَزَمَ بِأَنَّهَا مُدْرَجَةٌ جَمَاعَةٌ مِنْ الْحُفَّاظِ؛ كَمَا فِي الْفَتْحِ، وَلَكِنَّ الظَّاهِرَ اطِّلَاعُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ؛ لَا سِيَّمَا مَعَ تَوَفُّرِ دَوَاعِي أَزْوَاجِهِ إلَى سُؤَالِهِ عَنْ الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ، أَعْنِي جَوَازَ التَّأْخِيرِ مُقَيَّدًا بِالْعُذْرِ الْمُسَوِّغِ بِذَلِكَ". اهـ. موضع الحجة منه.
أما كونكِ - أيتُها الأختُ الكريمةُ - قد أخَّرْتِ القضاءَ كلَّ هذه السنوات، فهذا لا يخلو من حالَيْنِ:
الأول: أن يكون تأخُّركِ عن القضاء لعُذر مقبولٍ شرعًا؛ كالمرض، ونحوه، فلا إثم عليكِ - إن شاء الله - في التأخير؛ لأنكِ معذورةٌ، وليس عليكِ إلا القضاءُ فقط، ولا تجب عليكِ كفارةٌ، فتقضي عدد الأيام التي أفطرتِها.
الثاني: أن يكونَ تأخيرُ القضاء بدون عُذرٍ، فحينئذ يجب عليكِ التوبةُ إلى الله - تعالى - توبةً نصوحًا، وتعزمين على عدم العوْد إلى ذلك، مع القضاء، وقد أوجب الجمهورُ الكفارةَ، وهي إطعامُ مسكينٍ؛ خلافًا للحنفيَّة، فلم يوجبوا إلا القضاءَ فقط، وقول الجمهورِ أحوطُ.
جاء في "المغني" لابن قدامة: " وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ صَوْمٌ مِنْ رَمَضَانَ، فَلَهُ تَأْخِيرُهُ مَا لَمْ يَدْخُلْ رَمَضَانُ آخَرُ؛ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ قَالَتْ: ((كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصِّيَامُ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَمَا أَقْضِيه حَتَّى يَجِيءَ شَعْبَانُ))؛ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلَا يَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُ الْقَضَاءِ إلَى رَمَضَانَ آخَرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - لَمْ تُؤَخِّرْهُ إلَى ذَلِكَ، وَلَوْ أَمْكَنَهَا لَأَخَّرَتْهُ، وَلِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ مُتَكَرِّرَةٌ، فَلَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُ الْأُولَى عَنْ الثَّانِيَةِ، كَالصَّلَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ، فَإِنْ أَخَّرَهُ عَنْ رَمَضَانَ آخَرَ نَظَرْنَا؛ فَإِنْ كَانَ لِعُذْرٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا الْقَضَاءُ، وَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، فَعَلَيْهِ مَعَ الْقَضَاءِ إطْعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ، وَبِهَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَابْنُ عُمَرَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَمُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وَمَالِكٌ، وَالثَّوْرِيُّ، وَالْأَوْزَاعِيُّ، وَالشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ.
وَقَالَ الْحَسَنُ، وَالنَّخَعِيُّ، وَأَبُو حَنِيفَةَ: لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ صَوْمٌ وَاجِبٌ، فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ فِي تَأْخِيرِهِ كَفَّارَةٌ، كَمَا لَوْ أَخَّرَ الْأَدَاءَ، وَالنَّذْرَ". اهـ.
وعليه فيجب عليك المسارعة في قضاء الأيام التي عليك، مع كفارة إطعام مسكين عن كل يوم وجبة واحدة من الطعام المعلوم عندكم،، والله أعلم.