في ليلة موسيقية لن ينساها زوار معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ 43 التي انطلقت تحت شعار «هكذا نبدأ»، قدّم الموسيقار العالمي عمر خيرت - بصحبة فرقته الموسيقية - باقة من أجمل مقطوعاته التي حملت معها ذكرياتٍ وألحاناً كانت وما زالت عالقةً في وجدان الجمهور العربي الذي تفاعل بحماسٍ مع كل مقطوعة صدح بها بيانو خيرت ومن خلفه الأوركسترا، في أجواءٍ جمالية ميزت تلك الحفلة الموسيقية التي يعزفُ فيها عمر خيرت لأول مرة في إمارة الشارقة.
ذكريات الشاشة والأوقات الجميلة
خلال زمن الحفل لم تهدأ قاعة الاحتفالات بمعرض الشارقة الدولي للكتاب، ما بين تصفيق إيقاعي مع الأوركسترا، وترديد نغمي خلف ما يُعزف، فموسيقى خيرت بالنسبة لجمهور المعرض ليست مجرد موسيقى، بل هي قصص وشخصيات عاشوا وتفاعلوا شعورياً معها عبر شاشات التلفاز على مدار سنوات كثيرة، وقد بدا هذا واضحاً بتفاعلهم المدهش مع مقطوعة «قضية عم أحمد»، التي عادت بالحضور إلى تلك الدراما الشهيرة، كذلك أثارت مقطوعة «ليلة القبض على فاطمة»، في نفو سهم مشاعر قوية شوهدت على وجوههم، باستحضارهم دراما الفيلم وأحداثه المشوقة. ومع عزف «خلي بالك من عقلك»، امتلأت القاعة بالبهجة، وجاءت مقطوعة «اللقاء الثاني» وكأنها الاستراحة، إذ أخذت المستمعين لعوالم حُلمية جميلة هادئة.
أداء ممتع وأصيل
تميز أداء عمر خيرت في حفله بتقديمه بعض التوزيعات الموسيقية الجديدة، أضافت لمسة رائعة على بعض المقطوعات، وكذلك أكسبت الحدث خصوصيةً، ومن الملفت للانتباه أيضاً؛ إبداع خيرت في إدخال صولوهات لآلات مثل العود والكمان والهارب، ما أضاف ثراءً وجمالاً للألحان المقدمة، ففي البداية حاور الهارب البيانو خالقاً عمقاً روحانياً جميلاً، ملأ القاعة بالسكينة، ثم أضاف العود بُعداً شرقياً مميزاً عندما عزف منفرداً في بداية إحدى المقطوعات.
حوارية لا تنسى
المميز كذلك في حفل عمر خيرت قدرته الاستثنائية على جعل البيانو نقطة الانطلاق والإلهام لبقية الآلات الموسيقية، ففي كل مقطوعة قدمها خيرت في حفله، كان البيانو يفتتح بجملة موسيقية، لتتبعه الكمنجات في استكمال هذه الجملة بنعومة، ومن ثم تأتي آلات النفخ مثل الأبواق لتضيف العمق والقوة، ومن خلف الجميع الطبول تخلق جواً مهيباً، هذا الكونشيرتو الرائع بين البيانو منفرداً وبقية الآلات في الأوركسترا خلق في قاعة الاحتفالات بمعرض الشارقة الدولي للكتاب حواراً مذهلاً بين الآلات، جسد قصة أو مشهداً حيّاً، خطّ تفاصيله كل شخص على حدة في القاعة، بما يتوافق مع شعوره وذكرياته وذائقته الخاصة.
في ختام الحفل واصل الجمهور التصفيق لدقائق عديدة، ممتلئين بشعور عميق بالسعادة، والتقدير للفنان الذي أحبوه وعاشوا مع موسيقاه أجمل الأوقات والذكريات.