علميًا.. كيف تتدرّب كي تكون أكثر لطفًا مع نفسك؟

منذ 11 أشهر 132

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- من خلال تغيير سرديّتك وتضمينها أنماط تفكير أكثر إيجابية، يمكن لكلماتك أن تساعد على تحويلك إلى شخص أكثر لطفًا وتعاطفًا.

الدماغ يميل إلى التركيز على التجارب السلبية

وقد يكون الناقد الداخلي في دماغنا قوي بحيث من الصعب تجاهله. قد يخبرنا بأنّنا لا نستحق إنجازاتنا، أو يحثّنا على التفكير بسيناريوهات من أجل القيام بعمل أفضل.

لقد تطوّرت أدمغتنا كي تركّز أكثر على التجارب غير السارة أكثر من تلك الجيدة. وإذا أصبح توبيخ نفسك جزءًا روتينيًا من حياتك، فإن هذه التعليقات القاسية والمسيئة يمكن أن تؤثر سلبًا على احترامك لذاتك، وتزيد من قلقك عند أداء مهمة ما. الحديث السلبي مع النفس يمكن أن يؤدي أيضًا إلى تفاقم الاكتئاب.

حول هذا الموضوع قالت الدكتورة كاثرين فرانسين، الأستاذة المساعدة في علم النفس بجامعة لونغوود في فرجينيا، إن الأمر سيستغرق وقتًا، حوالي شهرين، لتدريب عقلك على التراجع عن عادة التحدث بشكل سلبي مع نفسك. ولفتت إلى أنه كلما قمنا بتدريب أدمغتنا على ممارسة إظهار اللطف تجاه أنفسنا، أصبح من الأسهل إسكات الناقد الداخلي مرة واحدة وإلى الأبد.

الأساليب المدعومة بالعلم لممارسة اللطف الذاتي

إن ناقدك الداخلي متغلغل في عقلك، لكن يمكنك التحكم بمساحة عقلك من خلال ممارسات اليقظة الذهنية والتأمل.

وأوصت فرانسين بالتأمل المحب واللطيف، وهي ممارسة موجهة حيث يتم استخدام الكلمات والصور لتعزيز المشاعر الإيجابية والتعاطف تجاه الذات.

وأوضحت فرانسين: "الأمر بسيط مثل المشي في الهواء الطلق لـ10 دقائق خلال استراحة الغداء والاستماع إلى بودكاست للتأمل". عند دمجه مع العلاج السلوكي المعرفي (أحد أشكال العلاج بالكلام الذي يعلمك تحديد وتغيير الأفكار والسلوكيات السلبية)، يمكن للتأمل المحب واللطيف تنشيط مناطق الدماغ المشاركة في معالجة المشاعر والتعاطف. وقد يترجم ذلك بانخفاض التوتر وزيادة المشاعر الإيجابية.

وقالت فرانسين أنّ "كل هذه الأمور ستزيد من إحساسك بالرفاهية، وتحسّن من قدرتك على الشعور والتفكير بلطف".

في حين أنّ التأمّل قد يقلّل من كمية الحديث السلبي عن النفس، إلا أنه قد يظهر من وقت لآخر. وأشارت الدكتورة كارلا ماري مانلي، عالمة النفس الإكلينيكي، ومؤلفة الكتاب التالي: "فرحة الحب الناقص"، إلى ضرورة التوقف والاعتراف بأننا نختبر أحد أنماط التفكير السلبية هذه. وقالت: "لا تصدر أحكامًا لأن ذلك لا يؤدي إلا للمزيد من السلبية، لكن لاحظ ببساطة أنك لا تتعاطف مع نفسك الآن". 

ما أن تعترف بالسردية النفسية السلبية لذاتك، تنصح مانلي وفرانسين بالتحدث إلى نفسك كما تفعل مع شخص عزيز عليك. على سبيل المثال، أشر إلى المهام التي أنجزتها على قائمة المهام الخاصة بك اليوم، عوض توبيخ نفسك لعدم العمل بجدية كافية وإنجازها كاملة.

إن استخدام اسمك أو الإشارة إلى نفسك بصيغة الغائب يوفر مسافة نفسية بين استجاباتك المعتادة للنقد الذاتي، ما يمنحك قدرة أفضل على التحكم بعواطفك. بالإضافة إلى ذلك، من المرجح أن يشعر الناس بمزيد من التعاطف عند صياغة الموقف كما لو جاء صديقك المفضل ليتحدث معك عن صراع في حياته.

الذكريات اللطيفة وإخبار نفسك بشيء لطيف عن نفسك يمكن أن يساعد في اللطف الذاتي أيضًا. إذا كنت بحاجة إلى مساعدة على التفكير في بعض الأمور، فاستلهم من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي تنشر غالبًا تأكيدات إيجابية مثل "أنا أستحق الأشياء الجيدة" أو "اليوم سيكون يومًا جيدًا". قد يبدو الأمر مبتذلاً بداية، لكن فرانسين قالت إن تكرار التأكيدات الإيجابية يمكن أن يسهل تطوير مونولوغ داخلي إيجابي.

امنح نفسك الوقت لإسكات ناقدك الداخلي

تذكر أنه كي تصبح لطيفًا مع نفسك لن يحدث بين عشية وضحاها؛ إنها ممارسة يومية. ولهذا السبب أكدت مانلي على ضرورة جدولة "مهلات لطيفة" منتظمة. إن الحصول على استراحة لمدة 15 دقيقة لقراءة كتاب أو الجلوس في صمت أو المشي يكفي لإعادة ضبط نفسك والشعور بمزيد من الحضور عندما تشعر بالتوتر أو الإرهاق.

وأضافت مانلي: "إننا غالبًا ما نعطي الأولوية لأن نتصرّف بطيبة مع الآخرين ونضع احتياجاتهم قبل احتياجاتنا". لكن إذا لم نعتنِ بأنفسنا جيدًا، جسديًا وعاطفيًا، فكيف يمكننا أن نتوقع أن نُظهر هذا الأمر للآخرين؟