ملخص
في السعودية تم تطبيق عقد القران الإلكتروني، إذ تبدأ العملية عادة بتقديم الطلب إلى الجهات المختصة عن طريق المنصات الإلكترونية، ثم تحدد الجهات موعداً عبر الإنترنت لعقد الجلسة الرسمية لتتم قراءة العقد بحضور الشهود وتوقيع الأطراف.
في إحدى محافظات السعودية، كان أبو خالد يفكر بجدية في زواج ابنه خالد، لكن كثيراً ما كانت إجراءات الزواج مهمة شاقة تتطلب الوقت والجهد، بخاصة لمن يسكن مناطق بعيدة من الدوائر الحكومية التي تستلزم مراجعتها، لكن مع التطور التكنولوجي الحديث والتحول الرقمي أصبحت الأمور أسهل وطاول اليسر إجراءات الزواج.
سمع أبو خالد عن إمكان عقد القران إلكترونياً الذي عممته البلاد عام 2021 على جميع مناطقها بعد ما عملت عليه بصورة تدريجية لضمان جودته، من خلال المنصات التي أطلقتها وزارة العدل، وفتحت آفاقاً جديدة للعائلات إذ أصبح بإمكانهم إنهاء جميع الإجراءات من منازلهم وطلب المأذون من أقرب منطقة لهم.
تتضمن مراسم عقد القران التقليدي في العالم العربي إجراءات قانونية مهمة تهدف إلى تنظيم العلاقة بين الزوجين وضمان حقوقهما، لكن في السعودية تم تطبيق عقد القران الإلكتروني، إذ تبدأ العملية عادة بتقديم الطلب إلى الجهات المختصة عن طريق المنصات الإلكترونية، ثم تحدد الجهات موعداً عبر الإنترنت لعقد الجلسة الرسمية لتتم قراءة العقد بحضور الشهود وتوقيع الأطراف، مما يمثل إشكالية في حال انقطاع الاتصال بالإنترنت ومدى وجود مأذون إلكتروني، وكذلك الدور الذي يقوم به المأذون الشرعي المكلف بالمنطقة.
عقد القران التقليدي يتميز بهيبته
وعقد الزواج بطريقته التقليدية القديمة يتطلب إجراءات عدة في أكثر من مكان تستلزم مراجعتها لتسجيل وقائع الزواج في السعودية، كمراجعة المحكمة لتوثيق العقد ومراكز الفحص الطبي لمعرفة نتائج الفحص والأحوال المدنية لتسجيل واقعة الزواج، لكن مع عقد القران الإلكتروني تغير الأمر، وأصبحت الإجراءات أكثر سلاسة ويسراً على السعوديين.
ويذكر أمين الفيفي وهو مأذون شرعي أن التغييرات بدأت في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2021 ضمن جهود وزارة العدل السعودية للتحول الرقمي بهدف تحسين سرعة وجودة الخدمة وربطها مباشرة بالأحوال المدنية، لافتاً إلى أن الإجراءات التقليدية كانت تتم يدوياً بحضور الأطراف والمأذون الشرعي مع تقديم الوثائق الورقية والمراجعات الشخصية.
وأشار الفيفي إلى أنه على رغم ذلك هناك نسبة من العائلات تفضل الأسلوب التقليدي في عقد القران لأنه يتميز عن الإلكتروني بالتواصل المباشر بين الأطراف كافة والمأذون لضمان الشفافية في عقد الزواج.
وتحدث المأذون الشرعي عن أحد المواقف لتوثيق العقد إلكترونياً، فذكر أنه عند توثيقه في بيت إحدى العائلات كانت شبكة الإنترنت غير متاحة في جهازه وبعد محاولات فاشلة، اضطر إلى أن يطلب من العائلة الاتصال بشبكة المنزل حتى يتم عقد القران، مضيفاً "قلت للعائلة إذا كان هناك اتصال بالإنترنت عقدنا، وإذا لم يتوافر فلن نعقد".
وأكد الفيفي أن إجراءات العقد الإلكتروني تتميز بسرعتها، كما أن التحقق الرقمي يقلل من أخطاء إدخال البيانات، لكن "هناك بعض التحديات متمثلة في نقص الخبرة التقنية لدى بعض المستخدمين، وقلق بعض الأسر حول أمان وخصوصية البيانات".
وعن ضمان صحة عقد الزواج الإلكتروني، يقول الفيفي إن المصادقة الثنائية لهوية الأطراف باستخدام نظام (OTP) والربط مع السجلات الحكومية للتأكد من البيانات وإشراف المأذون الشرعي إلكترونياً عند الحاجة كلها تحقق صحة عقد الزواج.
وعلى رغم أن التقنية أصبحت تقوم بالإجراءات التي كانت من مهمات المأذون فإن دوره لم يلغَ، بل أصبح مشرفاً على العملية، مما يؤكده الفيفي قائلاً "مع تطور التكنولوجيا، ستصبح العقود الإلكترونية هي القاعدة، مما يوفر وقتاً وجهداً للأطراف، لكن دور المأذون الشرعي لن يختفي بل سيصبح إشرافياً".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
أحمد العبدالسلام وهو مأذون شرعي أيضاً، وضع الطريقتين في مقارنة وقال إن "عقد القران التقليدي يرهق المأذون في تعبئة البيانات ومراجعتها لتجنب الأخطاء، بينما الإلكتروني أسهل وأسرع"، منوهاً كذلك بأن الطريقة التقليدية في التصديق والتوثيق تستوجب الذهاب إلى المحكمة والانتظار حتى يتم تصديق العقد، لكن الإلكترونية يتم التصديق فيها مباشرة عن طريق الجوال.
وتابع العبدالسلام أن "عقد الزواج التقليدي كان عبارة عن دفتر كبير يقوم المأذون بتعبئة البيانات فيه والعقد عبارة عن دفتر صغير يحصل عليه الزوج بعد تعبئة البيانات، ويتميز حمله والمحافظة عليه الاعتزاز بذكرى بداية تكوين الأسرة، كما أنه شيء ملموس لديه إحساس بشعور هيبة العقد والتفاعل معه من قبل الزوجين".
ويعتقد المأذون الشرعي بأن التحدي هو فتح النظام الخاص بالعقد ومعرفة خانات تعبئة البيانات والتزام جميع أنظمة العقد لأنه عند أي خطأ قد يضطرون إلى تعبئتها من جديد، مما يستهلك وقتاً أكبر.
مستقبل المأذون
ويؤيد العبدالسلام هذا التطور لأنه سيسهم في بناء مستقبل للسعوديين يتماشى مع رؤية البلاد وسيسهل على المستخدمين معاملاتهم، مشدداً في الوقت نفسه على أهمية وجود المأذون في هذه العملية.
وما زالت وزارة العدل السعودية تضمن المأذون الشرعي كخطوه أساسية لإتمام الزواج، بعد إنهاء المتطلبات إلكترونياً، وتنبه صاحب الطلب بإمكان التوجه إلى عقد الزواج واختيار المأذون المطلوب للتحقق النهائي من المتطلبات وسماع موافقة الزوجة على عقد النكاح شفوياً تحت مسؤوليته، وإثبات ذلك من خلال النظام الإلكتروني، بحسب تعميم أصدرته وزارة العدل للمأذونين الشرعيين.