دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أعلنت شركة تصنيع الدواء "فيرتيكس" (VERTEX) الثلاثاء، أنّ دواءً تجريبيًا لتخفيف الألم حقّق الهدف الأساسي المرجو في المرحلة الأخيرة من التجربة السريرية، ما يمهّد الطريق للحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) هذا العام، وربما توفير بديل للمواد الأفيونية من دون أن يشكّل عقارها الجديد خطرًا على السلامة.
وأفادت الشركة في بيان صحفي، أنّ الدواء الذي تنتجه شركة "Vertex Pharmaceuticals" تحت اسم "VX-548"، تفوّق على الدواء الوهمي لجهة تخفيف الألم بعد نوعين من الجراحة: شدّ البطن (abdominoplasty)، واستئصال الورم (Bunionectomy)، مع ملف تعريف أمان مماثل. وقد أظهرت دراسة أصغر في المرحلة الثالثة لتخفيف الآلام الحادة شملت مجموعة واسعة من الحالات، سلامة الدواء وفعاليته.
وبالمقارنة مع العلاج الأفيوني بيتارترات الهيدروكودون/ الأسيتامينوفين أي المزيج الذي يشكل الفيكودين، فشل الدواء بتحقيق هدف الفعالية الفائقة. لكنه أظهر راحة مماثلة لتلك التي تمنحها المواد الأفيونية بحسب مقياس تقييم الألم الرقمي (Numeric Pain Rating Scale).
وقال الدكتور ديفيد ألتشولر، رئيس الأبحاث لدى شركة "Vertex"، إنّ هذه النتائج بالإضافة إلى نتائج التجارب السابقة، تشير إلى أنّ "VX-548" لديه "ملف غير مسبوق ومقنع كخيار للأشخاص الذين يعانون من آلام حادة". وأفادت الشركة أنّها ستقدّم طلبًا للحصول على موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية بحلول منتصف عام 2024.
أول فئة جديدة لأدوية الألم الحاد
وفي بيان للشركة، أفادت الدكتورة جيسيكا أوزوالد، الطبيبة المساعدة بطب الطوارئ وطب الألم في جامعة كاليفورنيا سان دييغو، والعضو في اللجنة التوجيهية للألم الحاد لدى "فيرتيكس"، أنه في حال نجح (هذا الدواء)، فسوف يمثل أول فئة جديدة من أدوية الألم الحاد منذ أكثر من عقدين.
وأوضح ألتشولر لـCNN أن "التحدي الذي تواجهه المواد الأفيونية لا يتّصل بعدم نجاحها، بل يكمن في أنها تترافق مع مجموعة من التداعيات تتمحور حول السلامة، والقدرة على التحمّل، واحتمالية الإدمان".
ويعمل "VX-548" بطريقة مغايرة عن المواد الأفيونية، إذ يحد الألم في الجهاز العصبي المحيطي عوض التأثير على الدماغ. ويستهدف بنية تسمّى قناة الصوديوم، وتحديدًا تلك المعروفة باسم "NaV1.8". وقد أظهرت نتائج الأبحاث في علم الوراثة أنّ الأشخاص الذين لديهم طفرات في جينات قناة الصوديوم الأخرى، "NaV1.7"، قد يعانون من اضطرابات الألم لأنهم قد يشعرون بألم أكثر أو أقل ممّا ينبغي.
وكتب الدكتور ستيفن واكسمان، مدير مركز أبحاث علم الأعصاب والتجديد بكلية الطب في جامعة ييل، بمجلة نيو إنغلاند الطبية في أغسطس/ آب، أنّ هناك تسع قنوات صوديوم في المجمل، لكن معظمها يضطلع بوظائف أخرى في الجسم.
وأشار ألتشولر إلى أن "NaV1.7 وNaV1.8 يعملان فقط في الأعصاب الطرفية والألياف الحساسة للألم".
لم تنجح المحاولات السابقة التي أقدمت عليها شركات أخرى لتطوير أدوية الألم التي تستهدف "NaV1.7"، لكن ألتشولر أشار إلى أنّ الأدوية الأخرى ربما لم تستهدف قناة الصوديوم على وجه التحديد بشكل كافٍ، وهذا الأمر لا ينطبق على "VX-548" و"NaV1. 8". ولفت إلى أن شركة "فيرتكس" تعمل أيضًا على أدوية المرحلة المبكرة التي تستهدف "NaV1.7".
تحقيق الهدف الرئيسي من التجربة
في النتائج التي تم نشرها الثلاثاء، سجلت "فيرتكس" أكثر من 1100 شخص خضعوا لعملية شد البطن، وعدد مماثل ممن خضعوا لعملية استئصال الورم، وقُدم الدواء لهؤلاء عبر الفم، أولاً بجرعة 100 ملليغرام، ثم بجرعات توازي نصف هذا الحجم كل 12 ساعة، لغاية 36 ساعة بعد الجرعة الأولى، فيما أُعطي بيتارترات الهيدروكودون/ الأسيتامينوفين كل ست ساعات على مدار 42 ساعة.
تمثّل الهدف الرئيسي للدراسة بتخفيف الألم على نحو أفضل من العلاج الوهمي على مقياس يُعرف باسم مجموع فرق شدة الألم الذي يتراوح بين 0 و48 ساعة، أو "SPID48". سجل "VX-548" رقم 118.4 على هذا المقياس، مقارنة بـ70.1 للعلاج الوهمي لدى مرضى شدّ البطن، و99.9 مقابل 70.6 لدى مرضى استئصال الورم، ما حقّق الهدف الرئيسي للدراسة بسهولة.
وبالمقارنة مع الدواء الأفيوني، استنادًا إلى هذا المقياس، حقق "VX-548" نتيجة أفضل لدى مرضى شدّ البطن بمقدار 6.6 نقطة، لكنه لم يكن مختلفًا بما يكفي للوصول إلى دلالة إحصائية. وكانت نتيجته أقل بـ20 نقطة من المواد الأفيونية لدى مرضى استئصال الورم.
وعلى مقياس مختلف، أظهر مقياس تقييم الألم الرقمي، "VX-548" ومقارن المواد الأفيونية انخفاضات مماثلة: 47% و43% على التوالي، لدى مرضى شدّ البطن الذين بدأوا بمتوسط تصنيف للألم قدره 7.3 و7.4. وبعد 48 ساعة، أبلغ المرضى الذين تناولوا دواء "VX-548" عن انخفاض متوسّط قدره 3.4 نقطة، في حين أفاد المرضى الذين تناولوا الدواء الأفيوني عن انخفاض متوسّط الألم بقدر 3.2 نقطة.
وبالنسبة للمرضى استئصال الورم، سجّلت نسبة تراجع الألم لديهم تباعًا 51٪ و 53٪.
الحصول على الضوء الأخضر
وأفادت شركة "Vertex" أنّ دواءها كان جيد التحمل بالمجمل، أما الأحداث السلبية الشائعة مثل الغثيان، والصداع، والإمساك، والدوخة، فكانت أندر عند تناول الدواء، مقارنةً بمجموعات العلاج الوهمي أو المواد الأفيونية.
تتبع هذه النتائج تلك المستخلصة من دراسة منتصف المرحلة التي أجريت في ديسمبر/ كانون الأول، على "VX-548" بحالة ألم مختلف ناتج عن الاعتلال العصبي المحيطي السكري. وأعلنت شركة "Vertex" الثلاثاء، أنها تهدف للحصول على موافقة واسعة النطاق لنوعَي الألم.