تحتفل عفراء السوادي بعيد ميلادها الأول يوم الثلاثاء، بغياب مظاهر الاحتفال من موسيقى وهدايا وكيكة عيد الميلاد، لأنه كان يوما أليما، حيث الزلزال المدمر الذي ضرب سوريا وتركيا وتسبب بمقتل جميع أفراد عائلتها.
اشتهرت عفراء بوقتها حين تم انتشالها من تحت أنقاض منزلها في بلدة جندريس شمال سوريا. وهي لا تزال مرتبطة بوالدتها عن طريق الحبل السري. نجت الطفلة بأعجوبة كبيرة بعد بقائها لنحو 20 ساعة إلى جانب والدتها المتوفية قبل أن يتم انقاذها.
أطلق عليها الأطباء في البداية اسم "آية"، ثم أطلق عليها أقاربها الذين تبنوها اسم "عفراء" تخليداً لذكرى والدتها.
عفراء هي الفرد الوحيد الذي بقي على قيد الحياة من عائلتها التي قتلت في الزلزال المدمر إلى جانب نحو 59 ألف شخص.
وهي واحدة من مئات الأطفال الذين تيتموا أو انفصلوا عن عائلاتهم بسبب الكارثة، بالإضافة إلى العديد من الأطفال الذين فقدوا آباءهم في الحرب الأهلية التي اندلعت في سوريا منذ ما يقرب من 13 عامًا.
وبعد مرور عام، بدأ هؤلاء الأطفال في التكيف مع واقعهم الجديد، حيث يعيش معظمهم الآن مع أقاربهم وأسرهم الجديدة، بينما انتهى الأمر بأعداد أقل في دور الحضانة أو دور الأيتام.
ويقول ولي أمرها خليل السوادي إن أمنيته الوحيدة في عيد ميلادها بسيطة: "التعليم."
الالتحاق بالمدارس في شمال غرب سوريا يعتبر ترفا، حيث يعتمد 90% من السكان على المساعدات من أجل البقاء.
وقال السوادي: "أتمنى عندما تكبر عفراء أن تحصل على أعلى مستوى من التعليم، ليس مثل أطفالي أو هذا الجيل الذي فقد كل شيء".
ووفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة أو اليونيسف، تم العثور على حوالي 542 طفلا "غير مصحوبين ومنفصلين" في المناطق المتضررة من الزلزال في جميع أنحاء سوريا.
وتقول السلطات المحلية في شمال غرب سوريا إن ما لا يقل عن 537 طفلاً فقدوا أحد والديهم بسبب الزلزال، على الرغم من أن 61 طفلاً فقط من هؤلاء قد فقدوا أمهاتهم وأبيهم. ومن المرجح أن يكون الرقم الحقيقي أعلى.
ياسمين
كانت ياسمين شحود في الحادية عشرة من عمرها عندما وقع الزلزال.
وكانت عائلتها قد نزحت من مسقط رأسها في معرة النعمان إلى بلدة أرمناز في شمال غرب سوريا، على بعد حوالي 70 كيلومتراً.
وفي 6 فبراير/شباط، انهار منزلهم، وحوصرت تحت الأنقاض لمدة 20 ساعة قبل أن يقوم عمال الإنقاذ بإخراجها.
تحطمت ذراع شحود وساقها، وساءت حالتها الصحية حيث تحتاج إلى عدة عمليات جراحية.
خلال الأسابيع القليلة الأولى، لم يكن لدى أحد الجرأة ليخبر الفتاة المصابة بجروح بالغة أن عائلتها قد ماتت.
تقول الأخصائية الاجتماعية في الجمعية الطبية السورية الأمريكية، غيثه الإبراهيم، "بعد كارثة الزلزال الذي وقع في 6 شباط/فبراير 2023، استقبلت مرافق الجمعية الطبية السورية عدداً كبيراً من الأطفال الأيتام الذين فقدوا ذويهم".
وبقيت الفتاة عدة أشهر في دار للأيتام لتكون قريبة من المستشفى ولأنها تحتاج إلى علاج طبيعي مكثف.
وهي تعيش الآن مع جدها وخالتها وعمها وأبناء عمومتها وعادت إلى المدرسة، على الرغم من أنها لا تزال تمشي بصعوبة.
وتأمل في النهاية أن تصبح صيدلانية.
هناء
في بلدة حارم في محافظة إدلب، حيث تعيش هناء شريف البالغة من العمر 8 سنوات الآن مع عائلة جدها وعمها، توفي والداها وشقيقتها في الزلزال، وظلت هناء محاصرة تحت الأنقاض لمدة 33 ساعة.
في البداية، اعتقد الأطباء أنه يجب بتر يدها.
وقال عمها علي شريف: "بدأت هناء تسأل عن أهلها، والدتها وأبوها، وبدأنا نخبرها شيئًا فشيئًا أنهم ذهبوا إلى الجنة. وبدأت تتقبل الأمر".
وأضاف: "لقد حاولنا جاهدين أن نعيد ابتسامتها. لقد حاول جدها وجدتها وعمتها الكثير".