محكمة العدل الدولية هي الجهاز القضائي الرئيسي للأمم المتحدة، وتتولى المحكمة الفصل طبقا لأحكام القانون الدولي في النزاعات القانونية التي تنشأ بين الدول، وتقديم آراء استشارية بشأن المسائل القانونية التي قد تحيلها إليها أجهزة الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة.
وفى هذا الإطار أوضح أحمد عادل جابر عضو لجنة فلسطين بنقابة المحامين، من يتوجب عليه تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية؟ حيث تنص المادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة على أن أحكام محكمة العدل الدولية مُلزمة لأطراف النزاع، وأنه إذا لم تنفذ، يتعين اللجوء إلى مجلس الأمن، الذي يجوز له تقديم توصيات أو إصدار قرار بالتدابير الواجب اتخاذها لتنفيذ الحكم.
وأضاف عضو لجنة فلسطين بنقابة المحامين، في تصريح خاص لـ "اليوم السابع" أنه منذ يوم الإثنين 19 فبراير 2024، ولمدة 6 أيام بدأت أولى جلسات الاستماع التاريخية أمام محكمة العدل الدولية حول شرعية احتلال إسرائيل لفلسطين منذ 75 عامًا، بناءً على طلب قدمته الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر عام 2022 للحصول على رأي استشاري من المحكمة فيما يخص العواقب القانونية لما تتبعه إسرائيل من سياسات وممارسات في فلسطين المحتلة، وشاركت مصر في الرأي الاستشاري الذي طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة بهذه المذكرة والمرافعة التي تضمنت الدفوع والأسانيد القانونية لتأكيد اختصاص المحكمة بمنح الرأي الاستشاري في تلك المسألة، ومن الناحية الموضوعية تأكيد عدم شرعية ممارسات الاحتلال الإسرائيلي الممنهجة ضد حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وغير القابلة للتصرف.
وأشار إلى أن المرافعة ركزت في متنها على الدفع بالأسانيد والحجج القانونية تجاه أربعة موضوعات رئيسية، أولاً: تأكيد اختصاص محكمة العدل الدولية بمنح الرأي الاستشاري في الممارسات الإسرائيلية في الأراضى الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، وثانيا: استبيان الآثار القانونية المترتبة عن الإحتلال الإسرائيلي الذي طال أمده بالمخالفة لقانون الحرب والمبادئ التي تحكم مشروعية استخدام القوة، فضلاً عن الآثار القانونية الخاصة بحظر الاستيلاء على الأراضي بالقوة، ومبدأ حق تقرير مصير الشعوب، وحظر العنصرية والفصل العنصري، وثالثاً: دحض المبررات القانونية الخاصة باستخدام مبدأ الدفاع عن النفس، والضرورة الأمنية أو العسكرية، ورابعاً: ملخصاً للآثار القانونية الناشئة عن الممارسات الإسرائيلية.
وعن أهمية هذه المذكرة والمرافعة الشفهية هذه المرة تحديداً، أكد عضو لجنة فلسطين بنقابة المحامين، أنه من خلال الفتوى المطلوبة من الجمعية العامة للأمم المتحدة، يمكننا فهم أن محكمة العدل الدولية مطالبة بتحديد الآثار القانونية لانتهاكات الاحتلال الإسرائيلي لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وهو حق أصيل ضمنته كافة المواثيق والمعاهدات الدولية، ومنها العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966 والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966، والبرتوكول الإضافي الأول لعام 1977 المتعلق بضحايا النزاعات المسلحة غير الدولية، إلى جانب البتّ في مدى قانونية الاحتلال الإسرائيلي من الأساس.
ونوه إلى أن هذه هي المرة الأولي التي يُطلب فيها من هيئة قضائية دولية البتّ في شرعية الاحتلال الإسرائيلي، وبالتالي فالمحكمة وهي بصدد البحث في انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي تخرجه من عبائته المؤقتة والتزاماته كسلطة قائمة بالاحتلال إلى جانب طول أمد هذا الاحتلال، وهو ما يخرجه عن مشروعيته المقررة وفقًا لأحكام القانون الدولي التي نظمت حالة الاحتلال باعتباره حالة مؤقتة.
واستطرد حديثه قائلا أنه اذا كان رأي المحكمة غير ملزم للأجهزة التنفيذية للأمم المتحدة، لكن له حجة قانونية والتزام أخلاقي لدى الدول، بمعنى إذا تباينت المواقف واختلفت الآراء بشأن قضية أو أزمة ما فالأمر الفصل هنا يكون رأي محكمة العدل الدولية التي تنظر في تطبيق مبادئ القانون الدولي، وسيكون من الصعب على أي دولة أن تخالف هذا الرأي الاستشاري وفقًا لالتزاماتها الأخلاقية أمام العالم أجمع، ويمكن أن تصبح هذه الفتاوى في نهاية المطاف جزءًا من أعراف القانون الدولي، وهي ملزمة قانونًا للدول.
ولذلك فإن الرأي الإستشاري لمحكمة العدل الدولية هذه المرة سوف يساهم في فضح وإدانة الكيان المحتل عالميا ويعتبر وسيلة ضغط لحل الدولتين على أساس حدود 1967 وقيام دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية.