ملخص
خلال شهر رمضان تنتشر بسطات العصائر في أرجاء الأحياء اللبنانية ويلجأ الشباب لإقامتها تأميناً لدخل إضافي على نحو موسمي
ما إن يهل هلال شهر رمضان حتى تنتشر "بسطات العصائر" في أنحاء الأحياء والأسواق الشعبية اللبنانية. وتعد مدينة طرابلس شمال البلاد مدينة رمضانية بامتياز تعكس الطقوس والتقاليد المتوارثة في الطعام والشراب منذ أكثر من 100 عام. حيث يتمسك أبناؤها بقائمة لا تتزحزح لمكونات المائدة. ويستغل الشباب هذا الأمر، ليقدموا على بسطاتهم خيارات متنوعة.
البسطة الرمضانية المتجددة
تحولت "بسطات العصائر" إلى فرصة لمواجهي البطالة في لبنان، الذين يجدون في الموسم الرمضاني فرصة لهم لتحقيق دخل خاص بهم. ويختصر قصة فاضل تجربة المئات من الشباب، فهو لا يمتلك عملاً ثابتاً، ويعاني آثار الأزمة الاقتصادية والانهيار المالي، لذلك قرر إقامة بسطة لبيع العصير الطبيعي.
يروي أنه "منذ العام الماضي، بدأ التفكير جدياً بإقامة بسطة لعصر البرتقال والجزر، وبيعها للصائمين، ولكنه تردد بعض الشيء خوفاً من تأثير الغلاء"، هذا العام، قرر الشاب العشريني بدء رحلة بسطة العصير. وفي اليوم الأول من رمضان، قصد سوق الخضراوات المركزي لشراء صناديق الفواكه الطازجة.
يشير إلى أن "الأسعار ارتفعت قليلاً مع بدء شهر الصوم، إلا أنه قرر بيوم تجريبي، وعصر كميات محدودة". شكلت نتيجة اليوم الأول حافزاً للاستمرار، حيث ضاعف الكمية في اليوم بعد أن باع القوارير في اليوم الأول من الشهر الفضيل، وأضاف إلى الليمون والجزر بعض الأصناف الإضافية التي سأل عنها الزبائن، على غرار الجلاب والتوت الذي يصنعه متخصصون.
البسطات في كل مكان
لا تغادر البسطات حياً من الأحياء، ففي كل زاوية من زوايا مدينة طرابلس، تجد بسطات العصائر الرمضانية. في إحدى زوايا منطقة السرايا العتيقة، يسابق الشاب راضي الوقت لتحضير عصائر الإفطار. يبدأ بغسل الليمون والجزر والتفاح قبل القيام بتقشيرها، وإزالة الأوساخ عنها. يتعاون مع اثنين من أشقائه في تحضير العصير الطبيعي.
يلفت راضي إلى "إقبال عدد كبير من الشباب لإقامة بسطات العصير، والاستثمار في الشهر الفضيل، لأن الغالبية أصبحت عاطلة عن العمل. ويفضل أرباب العائلات القيام بعمل مستقل، وتحقيق دخل له ولعائلته من مبادرات صغيرة"، يشير إلى أن "الفضل يعود إلى البسطة في ستر العائلات، وعلى سبيل المثال فإن البسطة التي يعمل عليها، تحقق دخلاً جيداً له، ولاثنين من أشقائه المشاركين له".
يعتقد الشاب أن "غالبية البسطات تبيع عصيراً طبيعياً غير مغشوش ومن دون إضافات، الزبون ذكي ولن يعود مجدداً إلى من يستغله".
يضيف، "نبيع الناس ما نشربه في منازلنا نحن وأطفالنا"، ناصحاً الناس بشراء العصير الطبيعي، و"يعود ذلك إلى أسباب متعددة، أولها أن القنينة رخيصة نسبياً لقاء 100 ألف ليرة لبنانية، فهي من جهة أرخص من المشروبات الغازية، ومن أخرى مفيدة للجسم".
يقارن راضي بين العام الماضي، ونظيره الحالي "في هذا العام تراجعت الأسعار لأننا نشهد حالياً موسم البرتقال والجزر. بينما في الأعوام السابقة، كانت الأسعار مرتفعة لأنها خضراوات مثلجة والعرض قليل".
هوية رمضانية
لا تكتمل السفرة الرمضانية إلا بأصناف محددة من الشراب. يأتي في مقدمها التمر الهندي وعرق السوس والخروب، إضافة إلى الجلاب. وتكتسب بعض البسطات بعداً تاريخياً، وتحول البعض منها إلى جزء من المشهد العمراني العام على غرار بسطة الخروب التي تعود إلى النصف الأول من القرن الـ20 في طرابلس. يصطف الزبائن أمام البسطة لشراء عبوات الخروب والتوت، ويعزو هؤلاء السبب إلى أن "ليس هناك مثيل للخروب الطرابلسي وطعمه الحلو لذيذ للغاية، ويمنح الطاقة للجسم".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ليس بعيداً من بائع الخروب، يطل بائع عرق السوس الأشهر في طرابلس، تشد أصوات الأطباق النحاسية التي يحملها، ويعزف عليها خلال مسيره في السوق. يجول الرجل الخمسيني في أرجاء الأحياء الشعبية، منادياً بأعلى صوته، ومشجعاً المارة لخوض تجربة الشراب التقليدي الذي يسهر على تجهيزه لشهر رمضان المبارك.
في المقابل، تفضل كثير من العائلات تحضير الشراب الرمضاني في المنزل وتحديداً الجلاب المكثف، الذي تضاف إليه المكسرات والزبيب، إضافة إلى شراب "قمر الدين" المصنوع من المشمش المجفف، حيث تقطع الألواح إلى قطع صغيرة، يضاف إليها الماء الساخن عند الإفطار، ويحرك قليلاً، ويترك إلى فترة السحور. حيث يقدم كشراب وحده أو يتناوله الصائم مع الجبن.