عزلة إجبارية بسبب قلة المال

منذ 1 سنة 242

عزلة إجبارية بسبب قلة المال


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 19/7/2023 ميلادي - 2/1/1445 هجري

الزيارات: 13



السؤال:

الملخص:

شاب يشكو قلة ذات اليد، سلك طرقًا شتى لتحصيل المال، لكنه لم يُوفَّق، وبسبب قلة المال، أصبح معزولًا عزلة إجبارية في بيته؛ فأصابه رهاب اجتماعي، وهو يسأل: ما الحل؟

التفاصيل:

أنا شابٌّ محافظ على الصلاة في المسجد، وبارٌّ بوالديه، والحمد لله، اجتمعت الهموم عليَّ من كل حدب وصوب؛ من قلة الرزق والتوفيق؛ فكلُّ باب أطرقه – وما تركت بابًا إلا وطرقته – ما يلبث أن يُغلق في وجهي، فكلما وجدت عملًا، وجدت أبواب النجاح تغلق مصاريعها في وجهي، أدت قلة ذات اليد إلى انعزالي في بيتي؛ حيث إن الخروج يحتاج مالًا – ولو قليلًا - لا أملكه، فأصبحت في عزلة إجبارية؛ فأصابني الرهاب الاجتماعي لشدة الوحدة، أريد أن أعود إلى الحياة دون رهاب، فما العلاج؟ وجزاكم الله خيرًا.

الجواب:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

فقد شدَّ انتباهي في عباراتك - أخي الكريم - الصمودُ والرغبة في النهوض، وخَوضُ غمار الحياة، وهذه نعمة عظيمة، وتدل على صلابة نفسية وتماسُك داخلي.

وما دامت الهمة مُشتعلة، والأمل بالله موجودًا، وصلتُك بالعظيم سبحانه في حالٍ جيدة، فأنت في خيرٍ من أمرك بإذن الله تعالى.

ذلك أن للنجاح في الحياة عواملَ داخليةً وخارجية، والذي في وُسْعِ الإنسان هو العوامل المتعلقة بذاته من هِمَّة وتوقُّد، ورغبة في السعي الحثيث؛ لتحقيق الطموحات والارتقاء بالذات، أما العوامل الخارجية، فهي كالبحر له مدٌّ وجزر، وحينما تُقبِل عليك الحياة وتتهيأ لك الظروف، فلا بُد أن تكون مستعدًّا لها، وآخذًا بعُدَّتِك وعتادك للخوض في غمارها، وتُلامُ حينما تتكاسل وتُضيع الفُرص التي لا تُطِلُّ برأسها عليك كثيرًا في هذه الحياة، وهذا لا يعني أنه حينما تُعانِدُك الظروف وتهُب رياحُها بالاتجاه المعاكِس لرغباتك أنك معفِيٌّ من مواجهتها، فاليأس لن يُضفِي عليك سوى المزيد من التقهقُر والرجوع إلى الوراء.

وكأني بك - أخي الكريم - تسأل وتقول: وماذا أفعل؟ أريد خطوات عملية، ولن يكفيني مجرد التشجيع؛ فأقول:

الخطوة الأهم هي سؤالُ الله التوفيقَ والسعادة، والتماس دعاء الوالدين، والحمد لله الذي وفَّقك لبرِّهما، فلا تُفوِّت على نفسك هذا السلاح الذي تواجه به مشاقَّ الحياة؛ فدعاء الوالد لولده مما تُرجى إجابتُه، وقد شاهدنا أثره على كثير ممن حولنا، فالدعاء يُهيئ لك أسبابًا، ويفتح لك أبوابًا مُغلقة.

ثم بعد ذلك عليك تحديد الأهداف بوضوح، والاهتمام في تحديدها وفقًا لقدراتك، ويمكن الاستفادة من البرامج والأطروحات المتاحة في وسائل التواصل، استَفِدْ منها؛ فهي توسِّع مداركك، وتُبصِّرُكَ بأمورٍ قد تجهلُها.

وربما من أسباب إغلاق الأبواب التي ذكرت في سؤالك، أنك ربما حصرت ذاتك في اختيارات معينة، لا تتناسب مع قدراتك، أو أن الفُرَص فيها قليلة وشحيحة، وبناءً على ذلك فلا بُدَّ من النظرة الشمولية في اختيار مجالات تحصيل الرزق، والاستعداد لها بالدراسة التي تناسبها.

وخلاصة القول في مسألة العمل والرزق: سِرْ في الحياة مستعينًا بالله، متوكلًا عليه، آخذًا بالأسباب، تتعامل بمرونة مع أحداث الحياة، وحينما تجد أنك مجبَرٌ على التوقف في مجال، فعليك الاتجاه مباشرة إلى طريقٍ آخَرَ تلتمس فيه الرزق، والتوفيق بيد الله سبحانه.

وكذلك لا تُهمِل التواصل الاجتماعي، وتكوين علاقات جيدة مع الآخرين، وكيف تكتسب مهارات التواصل وأنت منعزل عن الآخرين، منكفئ على نفسك؟! ولك أن تعلم أنَّ الرهاب الاجتماعي اضطراب نفسي، وله مؤشرات وأعراض؛ كظهور الخوف أو القلق المبالغ فيه أثناء المواقف الاجتماعية، وعند التعامل مع الغرباء أو الحديث معهم، وتجنُّب المواقف التي قد تكون فيها محور الاهتمام، بالإضافة إلى الأعراض الجسدية التي تصاحب الشعور بالإحراج؛ مثل: احمرار الوجنتين، أو التعرق، أو الرعشة، أو ارتجاف الصوت، أما ما ذكرت من أعراض، فهي تُنبِئ عن رغبتك في العُزلة؛ بسبب الخذلان والصدمات المتعلقة بتكوين المستقبل، وتحصيل الرزق.

أسأل الله للجميع التوفيق والسعادة، والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.