عرفت حقيقته قبل الزواج

منذ 2 أشهر 66

عرفت حقيقته قبل الزواج


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/9/2024 ميلادي - 15/3/1446 هجري

الزيارات: 17


السؤال:

الملخص:

فتاة عرفت شابًّا عن طريق موقع للزواج، أخلاقه سيئة، لكنه وعدها أن يتغير بعد الزواج، وتقدم إليها، فوافقت، ثم اتضح أنه يريد أن يتزوجها بالوكالة عن طريق السفارة، وألَّا يدفع إلا مهرًا قليلًا، ولا يقيم وليمة عُرس، وقد قبِلت الفتاة بذلك، لكنَّ سوء أخلاقه، وإهانته لها ولأهلها، وطعنه بشرفها، جعلها لا تستطيع تحمُّله؛ فابتعدت عنه، والآن تشعر بالحزن والحسرة، وفقدانها عفة الفتاة المسلمة؛ لتواصلها مع شابٍّ غريب، وتسأل: ما النصيحة؟

التفاصيل:

السلام عليكم.

أنا فتاة أبلغ من العمر الثامنة والعشرين، تعرفت على شابٍّ عن طريق أحد مواقع التعارف للزواج الإسلامي، أسأل الله أن يغفر لي ذنبي، في البداية بدا لي صاحبَ دين وخُلُقٍ، لكن مع مرور الوقت اكتشفتُ فيه صفات سيئة؛ كالتكاسل عن العمل، والعصبية الزائدة، وعدم التحكم في انفعالاته، وقد علمت أن علاقته بوالده ليست جيدة، وعندما سألت عنه، أُخبِرْتُ أن أهله وإخوته أناسٌ طيبون ومحترمون، أما هو فيقوم بإثارة المشاكل يوميًّا في البيت لأمور تافهة، وهو لا يهتم لجرح الآخرين مهما كانت مكانتهم، كلما قررت أن أبتعد وأمضِيَ في سبيلي، يجد طريقة ما ويتواصل معي، ويخبرني أنه سوف يتغير ولن يؤذيني، وفي كل مرة أُعطيه فرصة دون جدوى، فابتعدت عنه لأشْهُرٍ، قام بعدها بمراسلتي، ليخبرني برغبته في الزواج مني، وأنه حصل على وظيفة، فأخبرته أن ذلك وحده غير كافٍ لبناء الأسرة، ولاستقامة الحياة الزوجية إذا لم يكن هناك احترام متبادل، ومودة، ورحمة، وإلا فشِلَ الزواج لا محالة، فوعدني بالمعاملة الحسنة، فأعطيته فرصة أخرى، لكنه سرعان ما عاد إلى سيرته السيئة، حينها قررت أن أقطع عنه كل الطرق، لكنني بعد أيام فوجئتُ باتصاله بوالدي يطلبني منه، لم أفرح، بل أحسست كأنه يحاصرني ويضعني أمام الأمر الواقع، ولم أستطع أن أصارح أهلي بما يفعله معي، واكتفيت بالموافقة، ولوَهْلَةٍ اعتقدت أنه تغيَّر، وأنني سوف أعيش حياة كريمة معه، في البداية أقنعني أن طبيعة عمله لا تسمح له بالسفر، ومن ثَمَّ فسيتم الزواج بالوكالة عن طريق السفارة، فأقنعت أهلي بذلك، ثم طلب مني أن أحدِّد مهرًا، وعندما حددت مبلغًا ليس بالكثير، غضِبَ، واتهمني بالسعي خلف الماديات، وأجبرني على التنازل عن نصف المبلغ الذي طلبته، ثم لما رغبت إليه في أن نقيم شيئًا يسيرًا كنوع من إشهار عقد القران وفق الشرع؛ كوليمة مثلًا، غضِب، وقال: "لا أريد حفلات ولا معاصيَ"، حاولت أن أقنعه بأن الدين لا يتناقض مع الفرحة، وأنه ليس بالضرورة أن تكون بالمعاصي، وما فهِمته من كلامه أنه يريد أن نتزوج عن طريق السفارة، ثم يحوِّل لي مهري، ويحجز لي تذكرة طيران لأسافر عنده، مع تنازلي عن حقوقي الشرعية، فأي زواج هذا الذي يتم دون أن يكون زوجي حاضرًا فيه، دون أي معالم للفرح؟ أليس من حقي كفتاة مسلمة أن أفرح بزواجي بما يرضي الله؟ حاولت إقناع نفسي أنه سيعوضني بعد الزواج، ثم أرسل لي مبلغًا صغيرًا لإتمام الإجراءات من جواز السفر وغيرها، ومنذ استلمت المبلغ، زادت معاملته لي سوءًا؛ فأصبح يشتمني بعبارات بذيئة ورخيصة، ويقذف في عِرْضي، ويشتم أهلي، لا يهتم لمشاعري، بل لا يوجد كلمة تتسبب في أذية نفسية لي إلا وقد قالها، يقوم بمقارنتي بغيري من البنات، ويقول لي: "مَن تظنِّين نفسكِ؟ لا جمال، ولا أخلاق، ولا دين، ولا شرف، ومع كل ذلك مغرورة، احمَدي الله أنني رضيت بكِ (حتى الكلب لا يرضى بكِ)"، وأنَّ في مقدوره أنْ يتزوج فتاة أصغر وأجمل مني بكثير، حافظة لكتاب الله، ذات خُلُقٍ، منقبة، ولا تشترط مهرًا إلا سورة من القرآن الكريم، أو خاتمًا، وعندما أقول له: "هل ترضى ذلك لأختك؟ يقول لي: هذا واقعكِ، يجب أن أذكِّركِ به؛ لكي تعرفي حجمكِ، ولا تذكري أختي على لسانكِ، ولا تقارني نفسكِ بها، هي أفضل منكِ أخلاقًا وأدبًا، وليس لديها تطبيقات، ولا تراسل رجلًا غريبًا، وليس لديها علاقات سابقة"، صبرت كثيرًا على أذيته، حاولت أن أقنعه بطريقة ليِّنَةٍ أنه يجرحني، وأن ما يفعله ليس من صفات الزوج المسلم الصالح، لكنه لا يعترف بخطئه قط، بل يحمِّلني مسؤولية غضبه دائمًا، لم أعُدْ قادرة على تحمُّل الإهانات؛ فقطعت علاقتي به، وقد حاول التواصل معي، لكني تجاهلته، والآن يقتلني شعور الندم والحسرة، أحسست كأن الله عاقبني بهذا الشخص، وأقول لنفسي: لو كنت مثل أخته، لَرَزَقَني الله زوجًا صالحًا دون عناء، ودون أن أخسر كرامتي، الحزن يغمر قلبي، فهل سيغفر الله لي؟ هل سيرزقني زوجًا صالحًا؟ العمر يمضي بي، ولم يأتِ نصيبي، كل ما كنت أرغب فيه هو أن أعفَّ نفسي، وأن يكون لديَّ أسرة صغيرة، لكن من المؤكد أن أحلامي لن تتحقق مع مثل هذا الشخص؛ فقد جعل حياتي جحيمًا وأنا بعيدة عنه، فكيف وأنا أعيش معه تحت سقف واحد؟ أحس أنني فقدت كرامتي وعِفَّتي كفتاة مسلمة؛ لتواصلي مع شاب غريب، وأرجو أن يغفر الله لي، وأستعيد عفتي، ولقد أصبحت – والله - أستحيي أن أسأل ربي أن يرزقني زوجًا صالحًا، أرجوكم، انصحوني.

الجواب:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ابنتي الكريمة، أسأل الله العظيم أن يفرِّجَ همَّكِ، وأن يرزقكِ زوجًا صالحًا، وأن يوفقكِ لكل خير، وبعدُ فإن لي معك وقفاتٍ:

البركة والتوفيق من الله سبحانه؛ لذا عليكِ دائمًا أن تسألي الله التوفيق والبركة في كل شيء، ولا تنسَيِ البحث عن أسباب البركة؛ ومنها تقوى الله والإيمان به؛ قال تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96].

الإنسان من طبيعته الخطأ؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((كل ابن آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوَّابون))؛ [رواه أحمد]، لكن العيب في الاستمرار على الخطأ؛ ولذا جميل من المسلم أن يعترف بخطئه، ثم يتركه ويعود إلى الحق.

يا بنتي، ابتعدي عن المواقع المشبوهة التي تُفسِد أكثر من أن تصلح، فكثيرٌ منها يجمع بين جنباتها السوء والتعارف بين الجنسين ومعصية الله، وأنصحكِ بالالتحاق بحِلَقِ الذكر ودروس العلماء؛ ففيها تتعرفين على نساء صالحات، يدلُّونكِ على الخير.

الله سبحانه رزقنا العقل، حتى نفرِّقَ بين الخطأ والصواب، بين الجميل والقبيح، بين الحلال والحرام؛ ولذا يا بنتي عندما رأيتِ تكرار الخطأ من هذا الرجل، لماذا ترجعين إليه؟ وأنتِ تعرفين سوء خُلُقِهِ.

على المسلم أن يحمَدَ الله ويشكره، إذا منَّ عليه بنعمة كريمة، وإذا حفِظه من الشرور، وإذا أبعده عن مصيبة تجعله يندم طول عمره؛ لذا فاحمدي الله واشكريه على أن صَرَفَكِ وأبْعَدَ قلبكِ عنه، وأنكِ عرفتِ حقيقته قبل الزواج والارتباط به.

يا بنتي، إذا أحب الله عبدًا ابتلاه، والأنبياء هم صفوة الناس والمجتمع، وهم أحب الخلق إلى الله، ومع ذلك هم أشد الناس بلاء؛ قال صلى الله عليه وسلم في صحيح الجامع: ((أشدُّ الناس بلاءً الأنبياء، ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلَى الناس على قدر دينهم، فمن ثخُن دينه اشتد بلاؤه، ومن ضعُف دينه ضعُف بلاؤه، وإن الرجل لَيُصيبه البلاء حتى يمشي في الناس ما عليه خطيئة))؛ لذا فاصبري واحتسبي الأجر، وما تدرين لعل الله أراد لكِ خيرًا وأنتِ لا تعلمين.

تذكري أن الله غفور رحيم، إذا حقَّق المسلم أركان التوبة، تاب الله عليه وغفر له، وأبدل سيئاته حسنات، فلا تقنُطي من رحمة الله، فالله كريم وحليم وغفور وشكور.

يا بنتي، ما زلتِ فتاة شابة، وما تدرين متى يأتي رزقكِ، وأنصحكِ أن تهتمي بأربعة أمور؛ وهي:

دينكِ: قوِّي إيمانكِ بربكِ، واهتمي بصلاتكِ وعفافكِ وحجابكِ، وخوفكِ من الله.

مالكِ: حاولي أن تجدي لكِ وظيفة أو مشروعًا صغيرًا؛ حتى تنفقي على نفسكِ وتحفظي كرامتكِ.

أسرتكِ: قوِّي علاقتكِ بأسرتكِ ومجتمعكِ وأقربائكِ، وذلك بالأخلاق الفاضلة والمعاملة الحسنة.

جمالكِ وصحتكِ: اهتمي بنفسكِ وصحتكِ، وجمالكِ ولباسكِ.

وتذكَّري أن الرجال يرغبون في هذه الصفات الأربع من المرأة؛ كما قال صلى الله عليه وسلم: ((تُنكَح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفَر بذات الدين، ترِبت يداك))؛ [صحيح البخاري].

لا تتركي الدعاء الصالح، وألحِّي على الله سبحانه، بأن يرزقكِ زوجًا وذرية صالحة، فالله لا ينسى عباده.

أسأل الله العظيم، رب العرش العظيم، أن يهدي قلبكِ لكل خير، وأن يرزقكِ زوجًا وذرية صالحة، وصلى الله على سيدنا محمد.