عراقيون يدخنون بملايين الدولارات يوميا وتحذيرات من "سجائر سامة"

منذ 5 أشهر 96

ملخص

يشير اقتصاديون إلى أن السجائر تستورد من منافذ غير رسمية بينما إقليم كردستان لديه زراعة ومعامل للتبوغ لكن لا يسمح لها بالدخول لبقية أنحاء العراق ودعوا إلى تكامل اقتصادي بين الإقليم وبقية المحافظات.

أعلنت وزارة الصحة العراقية أن 20 في المئة من العراقيين البالغين يدخنون، فيما أشارت إلى أن الإنفاق الكلي على التدخين يصل إلى ستة مليارات دينار يومياً (4.5 مليون دولار)، غير أن الأمر الخطر يتمثل في دخول سجائر من دون فحص، تحوي مواد سامة.

ويأتي الإعلان الحكومي بعد الانتشار الواسع للتدخين، لتصل التقديرات غير الحكومية إلى أن نصف الشعب العراقي يدخن من جميع الأعمار، سواء كان سجائر التبغ أو السجائر الإلكترونية أو الأراجيل، مما يؤدي إلى إنفاق مبالغ هائلة تذهب غالبيتها إلى خارج العراق، لكون غالبية السجائر ذات مناشئ أجنبية، وتدخل بطرق غير مشروعة.

20 في المئة يدخنون

ويقول معاون مدير برنامج مكافحة التبغ في وزارة الصحة وسيم كيلان في تصريح صحافي، إن "20 في المئة من العراقيين الذين بلغوا الـ18 أو أكثر يدخنون السجائر بجميع أنواعها، فيما يعاني من 40 إلى 50 في المئة من التدخين السلبي بسبب تعرضهم غير المباشر إلى دخان التبغ"، مبيناً أن "الغالبية العظمى من المدخنين من الرجال، وفق إحصائية 2019 وهي آخر إحصائية أجريت، وسنجري إحصائية أخرى هذا العام بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية".

وأضاف أن "الإنفاق على التدخين وفق إحصائية وزارة التخطيط عام 2020 يبلغ ثلاثة مليارات دينار في اليوم الواحد، وهناك أرقام تشير إلى أكثر من هذا الرقم، وتصل إلى ستة مليارات دينار يومياً (4.5 مليون دولار)، وبذلك هناك مبالغ هائلة تخرج خارج العراق لشراء التبع ومنتجاته.

مواد سامة

وأشار كيلان إلى أن "غالب هذه المنتجات تدخل بصورة غير مشروعة وغير خاضعة للسيطرة النوعية، وتم تشخيص وجود مواد سامة وأخرى مخدرة في السجائر العادية والإلكترونية والمعسل"، مبيناً أن "السجائر الإلكترونية تحوي 127 مادة سامة، بينها الرصاص والنيكل والكروم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتابع "تم اكتشاف مواد مخدرة بمنتجات التبغ ومنها الحشيش، ورصدنا تعاطياً لمنتجات التبغ بأعمار صغيرة خصوصاً في المدارس ومن ضمنها الابتدائية". وأضاف "نتوقع تسجيل حالة وفاة كل 10 دقائق، كما أن التدخين مبكراً يؤثر في نمو الدماغ".

ولفت إلى أن "هناك صعوبات تعترض تطبيق قانون مكافحة التبغ كونه غير قابل للتطبيق، ولكن هناك مشروع قانون جديداً في البرلمان للحماية من أضرار التبغ، فيه آليات واضحة للتطبيق"، مشيراً إلى أن هناك ضعفاً في تطبيق القانون .

454 مليون دولار

ومن جهته، توقع المتخصص في الشأن الاقتصادي صفوان قصي أن يكون الإنفاق الشهري على شراء التبوغ نحو 600 مليار دينار (454 مليون دولار)، فيما أشار إلى أن غالبية السجائر تصل إلى العراق من طريق التهريب.

وقال قصي "الاستثمار الأمثل للموارد المتاحة يحتاج إلى السماح لمعامل إقليم كردستان لإنتاج السجائر وضخها في الأسواق المحلية، لا سيما أن زراعة التبوغ موجودة في الإقليم ويمكن الاستفادة من معامله في إنتاج التبغ، لضمان عدم ذهاب مبالغ التدخين إلى خارج العراق".

وشدد على ضرورة إجراء حملات توعية عن أضرار التدخين ومشكلاته، مضيفاً "نلاحظ أن هناك عراقيين يخرجون من الحالة النفسية السيئة من خلال التدخين، وأعتقد أن هذا مرض في حاجة إلى علاج، ونحتاج من وزارة الصحة وبقية الوزارات تطبيق شروط صارمة بضرورة منع التدخين أثناء العمل وداخل سيارات الأجرة، وزيادة الجمارك على السجائر المستوردة مع السماح للسجائر المحلية".

ودعا قصي إلى آلية واضحة لتنظيم العلاقة بين الإنتاج والاستهلاك، وكذلك التوعية على مستوى المدارس والجامعات والدوائر، ووضع عقوبات على المدخنين في الأماكن العامة، منوهاً بالحاجة إلى تنظيم عملية تدخين السجائر لأنها تسهم في التلوث وتضر بصحة الإنسان وتؤدي إلى خسائر اقتصادية للفرد المدخن، لما ينفقه من مبالغ على شراء السجائر أو التبوغ المستخدمة في الأراجيل وحتى السجائر الإلكترونية، وزيادة الاستثمار بالترفيه والرياضة كونهما من الأمور الصحية".

وعن الإنفاق العام على التبوغ بيَّن قصي أنه "إذا افترضنا أن نصف الشعب العراقي مدخن سواء سجائر أو أراجيل، وأن معدل الاستهلاك للفرد هو دولار واحد، فإنه يعني أن هناك 20 مليون دولار سنحرقها يومياً"، مرجحاً أن يصل عدد المدخنين في العراق إلى 50 في المئة إذا ما أضفنا الذين يدخنون بالسر، ومنهم الأحداث، مما يعني أن من 500 إلى 600 مليون دولار تحرق شهرياً" .

منافذ غير رسمية

وأشار قصي إلى أن "السجائر تستورد من منافذ غير رسمية، وأن إقليم كردستان لديه زراعة ومعامل للتبوغ إلا أنه لا يسمح لها بالدخول إلى بقية أنحاء العراق، لذلك نحتاج إلى تكامل اقتصادي بين الإقليم وبقية المحافظات".

وشدد على ضرورة الامتثال للقوانين والسيطرة على المنافذ ومنع التهريب وشراء السجائر من مناشئ رصينة، تقلل من الآثار السلبية التي تتركها السجائر.

وكان العراق ينتج عدداً من أنواع السجائر يستورد موادها الأولية من الخارج باسم سجائر سومر، وكان الإنتاج ضخماً إذ كان يغطي العراق بكامله، إلا أن هذه المعامل توقفت عن العمل بعد عام 2003 إبان الغزو الأميركي على العراق، ثم عادت إلى العمل مجدداً عام 2013 إلا أن إنتاجها ظل محدوداً ولم تستطع منافسة الإنتاج الأجنبي.

ويقول علي فاضل، 54 سنة، إنه يدخن ثلاث علب سجائر يومياً، وينفق ما يقارب 2500 دينار (دولارين) على شرائها، ولم يترك التدخين على رغم محاولات عديدة من أسرته لإثنائه.

ويضيف فاضل وهو موظف ويبلغ راتبه الشهري 710 آلاف دينار أن "10 في المئة من راتبي ينفق على التدخين إلا أنني لا أستطيع أن أتركه لأنه يهدئ أعصابي".