استشارات متعلقة
تاريخ الإضافة: 3/4/2024 ميلادي - 24/9/1445 هجري
الزيارات: 37
♦ الملخص:
فتاة أوقفت حياتها على خدمة أمها المقعدة، يسيء إخوتها معاملتها فيضربونها ويهينونها، وتحاول زوجاتهم إفساد أي محاولة لإتمام زواجها، حتى تأخرت بها سن الزواج، ولما مات أبوها، وأصبحت تأخذ جزءًا من معاشه، قررت أخذ قرضٍ لتأمين سكنٍ لها، لكنها لم تستطع ذلك؛ لأن إحدى أخواتها طلبت منها مبلغًا لقضاء حاجة لها، وهي تسأل: هل هي آثمة بأخذ ذلك القرض؟
♦ التفاصيل:
أنا فتاة في منتصف الثلاثينيات، أُصيبت أمي بشلل نصفي أقعدها منذ كنت في الرابعة من عمري، وتولى أخواتي مسؤوليتها حتى تزوَّجْن جميعًا، ومنذ الخامسة عشرة من عمري وأنا في خدمتها وخدمة أبي وإخوتي الذكور الذين كانوا يضربونني كثيرًا حتى تزوجوا، ولم أعُد أخدم إلا والديَّ، أشكو إليكم تدخُّل عائلتي في حياتي؛ فقد خطبني أكثر من شخص، لكن تعنُّت أبي وتدخُّل عائلتي يُفسد الأمر في كل مرة، حتى تقدم إليَّ رجل يعمل مدير مطاعم لفندق مشهور في الكويت، فاتفقت زوجة أخي مع أخي على إفساد الأمر، وبعد فسخ الخطبة، قررت إيقافهما عند حدِّهما، فلما جاء أخي إلى بيتنا وضربني، سببتُه، واتصلت بزوجته وسببتها، وفي اليوم التالي أتى بيتنا وكسر الباب، وقام بضربي أمام زوجته، فحررتُ محضرًا في قسم الشرطة، لم أتنازل عنه إلا من أجل دموع أمي المسكينة، واشترطت ألَّا تدخل زوجتُه البيتَ، وقد كان، ثم إنني تركت البيت لمدة سنة، عمِلت كجليسة مسنة؛ كي أجد مكانًا يؤويني، وفي تلك السنة قامت إحدى أخواتي المتزوجات بخدمة أمي، حتى ألحَّت عليَّ إحداهن أن أعود إلى المنزل؛ لأن خدمة أمي صعبة جدًّا، فعُدت إلى المنزل، وكنت أتقاضى جزءًا من معاش أبي – لأنه مات في تلك السنة - وجزءًا آخر من معاش أمي، وكي أؤمِّن نفسي، فكرت في تأمين مسكنٍ لي، عن طريق قرض أخذته، وبعد أخذي القرضَ، طلبت مني إحدى أخواتي ثلاثين ألف جنيه، كي تقضي حاجة لها، ثم تردها لي، فلم أستطع توفير المسكن، فهل أنا آثِمة بأخذ هذا القرض؟ وكيف أُكفِّر عن هذا الذنب؟ يعلم الله كم عانيت في بيت أهلي، حتى دراستي الجامعية لم أُكملها.
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين؛ أما بعد:
فأسعدكِ الله - يا بنتي - في الدنيا والآخرة، وأسأل الله أن يوفِّقَكِ لكل خير.
وأنا أقرأ استشارتكِ أعجبني فيكِ بِرُّكِ بوالديكِ، والتفاني في خدمة والدتكِ المقعَدة، واعلمي يا بنتي أن برَّ الوالدين من أعظم إعانة العبد وتوفيقه في الدنيا والآخرة، وهو سبب لمغفرة الذنوب؛ للحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله عنه قال: ((أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إني أصبتُ ذنبًا عظيمًا، فهل لي من توبة، قال: هل لك من أمٍّ؟ قال: لا، قال: هل لك من خالة؟ قال: نعم، قال: فبَرَّها))؛ [صحيح الترمذي].
وهنا يا بنتي أنصحكِ بالآتي:
• على الإنسان ألَّا يستسلم لظروفه الحالية، وينتظر الفَرَج، بل عليه أن يبادر ويغيِّر من حاله إلى أفضل حال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11]؛ ولذا عليكِ أن تبحثي عن وظيفة مناسبة لكِ، أو تكملي الدراسة الجامعية، ولو عن بُعْدٍ، أو أن تحضري بعض الدورات المتخصصة في الحاسب واللغة أو غيرها، خاصة ما تتطلبه الوظائف عندكم.
• تقرَّبي أكثر من أخواتكِ، وكوني صديقة محبَّبة لهم، أما إخوانكِ فمن كان قريبًا منكِ، فتقرَّبي منه أكثر وأكثر؛ فإنهم سند لكِ في هذه الحياة، ومن كان قاسيًا عليكِ، فاجعلي العلاقة معهم سطحية.
• لا تُغْلِقي باب الزواج، فالدنيا ما زالت بخير، وبإذن الله يتقدم لكِ رجل صالح ذو خلق، تكوِّنين معه أسرة صالحة، فلا تيأسي، وادعي الله دائمًا بالتوفيق والسداد والنجاح.
• لا ترضَي من إخوانكِ قلة الاحترام والإهانة والضرب، وإن حصل، فباب المحاكم موجود، وخُذِي حقَّكِ منهم، لكن لا تمنعيهم من زيارة الوالدة وبِرِّها، فلهم حقٌّ في ذلك.
• أنتِ أخذتِ القرض من باب البحث عن بيت جديد، فالأصل أن توثِّقي هذا الدَّين على أختك، ثم تحددي موعد السداد، حتى لا ينقلب عليكِ إخوانكِ مستقبلًا، ويطالبوكِ بالسداد، ويتهموكِ بتضييع المال.
• حاولي أن تنسَي الماضي، وتفتحي صفحة جديدة مع نفسكِ ومع المجتمع، واهتمي بذاتكِ وصحتك، وتذكري دائمًا من هم أقل منكِ صحة ومالًا من الناس، فأنتِ أفضل منهم بكثير، تفاءلي بالخير يا بنتي، واجعلي إيمانكِ بالله قويًّا، وتذكري أن الله لا يضيع من أحسن عملًا.
أسأل الله العظيم أن يهدي قلبكِ لكل خير، وأن يفتح لكِ بركات الأرض والسماء، وأن يمتِّعكِ بصحتك، وصلى الله على سيدنا محمد.