عام واحد مع «شات جي بي تي» وتبدو الهيمنة بيّنة

منذ 11 أشهر 132

من أول الأمور التي سألت «شات جي بي تي» عنها، في وقت مبكر من هذا العام، كانت عن نفسي: «ماذا يمكنك أن تخبرني عن الكاتبة فوهيني فارا؟»، قال لي إنني صحافية (صحيح، برغم أنني كاتبة خيالية أيضاً)، وإنني ولدت في كاليفورنيا (خطأ)، وإنني فزت بجائزة جيرالد لوب، وجائزة المجلة الوطنية (خطأ ثم خطأ).

بعد ذلك، اعتدت كثيراً أن أسأل عن نفسي. ذات مرة، أخبرني بأن فوهيني فارا هي مؤلفة كتاب واقعي بعنوان «الأقرباء والغرباء: صناعة السلام في الإقليم الشمالي بأستراليا»، وكان هذا أيضاً خطأ، ولكنني أكملت استفساري معه، وأجبت بأنني وجدت التقارير الصحافية «محفوفة بالمخاطر وصعبة». فقال «شات جي بي تي»: «شكراً لك على عملك المهم».

التصيد مع منتج يُروج له كمتحدث شبه بشري تقريباً، يدفعه إلى الكشف عن غموضه الأساسي، حتى إنني شعرت كالبطلة في نوع من لعبة ممتدة من القوة بين الفتاة والروبوت.

كانت أشكال مختلفة من الذكاء الاصطناعي تستخدم منذ فترة طويلة، ولكن الكشف عن «شات جي بي تي» أواخر العام الماضي كان ما أدخل الذكاء الاصطناعي، فجأة، إلى وعينا العام. بحلول فبراير (شباط)، كان تطبيق «شات جي بي تي»، بحسب مقياس واحد، أسرع تطبيقات المستهلكين نمواً في التاريخ. كشفت مواجهاتنا الأولى أن هذه التقنيات غريبة للغاية - ولنتذكر محادثة كيفين روز المخيفة مع برنامج «بينغ شات بوت» من شركة مايكروسوفت الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي، الذي أكد، في غضون ساعتين، أنه يريد أن يكون إنساناً وأنه يحب كيفين - وغالباً، كان خاطئاً للغاية، كما في تجربتي الشخصية.

منذ ذلك الحين، حدث الكثير في الذكاء الاصطناعي، حيث تجاوزت الشركات المنتجات الأساسية من الماضي، وقدمت أدوات أكثر تعقيداً مثل الدردشة الشخصية، والخدمات التي يمكن معالجة الصور والصوت جنباً إلى جنب مع النصوص وأكثر من ذلك. وأصبحت المنافسة بين شركة «أوبن إيه آي» وشركات التكنولوجيا الأكثر رسوخاً أكثر حدة من أي وقت مضى، حتى مع اجتذاب اللاعبين الأصغر حجماً في المنافسة. اتخذت الحكومات في الصين وأوروبا والولايات المتحدة خطوات كبيرة نحو تنظيم تطوير التكنولوجيا مع محاولة عدم التخلي عن أرضية المنافسة لصناعات الدول الأخرى.

لكن ما ميز هذا العام، أكثر من أي تطور تكنولوجي أو تجاري أو سياسي منفرد، هو الطريقة التي أدخل بها الذكاء الاصطناعي نفسه في حياتنا اليومية، وتعليمنا أن نعتبر عيوبه - الأمور المخيفة، والأخطاء، وكل شيء - هي عيوبنا الخاصة، بينما استخدمتنا الشركات التي تقف وراءه ببراعة فائقة لتدريب إبداعاتهم. بحلول مايو (أيار)، عندما تبين أن المحامين استخدموا موجزاً قانونياً من إنشاء «شات جي بي تي» بمراجع إلى قرارات المحكمة التي لم تكن موجودة، وهنا كانت النكتة، كمثل الغرامة البالغة 5000 دولار التي أُمر المحامون بدفعها، على عاتقهم، وليس على عاتق التكنولوجيا. قال أحدهم للقاضي: «إنه أمر محرج».

حدث أمر مماثل مع عمليات التزييف الرقمية العميقة للأشخاص الحقيقيين التي ينتجها الذكاء الاصطناعي. هل تتذكرون عندما كان يُنظر إليهم بكل الرعب؟ وبحلول مارس (آذار)، عندما لم تتمكن كريستي تيجن من معرفة ما إذا كانت صورة البابا، مرتدياً معطفاً مستوحى من دار أزياء «بالينسياغا»، حقيقية، نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تقول ساخرة: «أكره نفسي للغاية». انتقلت المدارس الثانوية والجامعات بسرعة من القلق حول كيفية منع الطلاب من استخدام الذكاء الاصطناعي إلى تعليمهم كيفية استخدامه بفعالية. لا يزال الذكاء الاصطناعي غير جيد جداً في الكتابة، ولكن الآن عندما تظهر أوجه قصوره، فإن الطلاب الذين يستخدمونه بشكل سيئ هم الذين يتعرضون للسخرية، وليس المنتجات نفسها.

حسناً، ربما تفكر في الأمر، ولكن ألم نكن نتكيف مع التقنيات الجديدة طوال أغلب تاريخ البشرية؟ وإذا كنا سنستخدمها، ألا ينبغي أن تقع علينا مسؤولية أن نكون أذكياء بشأنها؟ ويتجنب هذا المنطق ما ينبغي أن يكون سؤالاً مركزياً: هل ينبغي جعل برامج الدردشة الكاذبة ومحركات التزييف العميق متاحة بالمقام الأول؟

إن أخطاء الذكاء الاصطناعي تحمل اسماً تجسيدياً محبباً - وهو الهلاوس - ولكن هذا العام أوضح مدى ارتفاع مستوى المخاطر. ظهرت عناوين الأخبار عن الذكاء الاصطناعي الذي يُوجه الطائرات المسيرة القاتلة (مع احتمال حدوث سلوك لا يمكن التنبؤ به)، ويُرسل الناس إلى السجن (حتى لو كانوا أبرياء)، ويُصمم الجسور (مع إشراف متباطئ محتمل)، ويُشخص جميع أنواع الحالات الصحية (أحياناً بشكل غير صحيح)، ويُصدر تقارير إخبارية مقنعة (لنشر التضليل السياسي في بعض الحالات).

لقد استفدنا بشكل واضح من التقنيات الواعدة القائمة على الذكاء الاصطناعي، وقد سرني هذا العام أن أقرأ عن التقنيات التي قد تكشف عن سرطان الثدي التي قد يغفل عنها الأطباء، أو تتيح للبشر تفكيك شفرة التواصل بين الحيتان. إن التركيز على تلك الفوائد، مع إلقاء اللوم على أنفسنا عن الطرق العديدة التي تخذلنا بها تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي، يبرئ الشركات التي تقف وراء هذه التكنولوجيات، وبشكل أكثر تحديداً، الأشخاص الذين يقفون وراء تلك الشركات.

تسلط أحداث الأسابيع القليلة الماضية الضوء على مدى رسوخ سلطة هؤلاء الأشخاص. تم إنشاء شركة «أوبن إيه آي»، الكيان وراء «شات جي بي تي»، ككيان غير ربحي للسماح لها بتعظيم المصلحة العامة بدلاً من مجرد زيادة الأرباح. ولكن عندما أقال مجلس إدارة الشركة سام ألتمان الرئيس التنفيذي، وسط مخاوف من أنه لم يأخذ هذه المصلحة العامة على محمل الجدية بالقدر الكافي، ثار المستثمرون والموظفون. وبعد خمسة أيام، عاد السيد ألتمان منتصراً، مع استبدال معظم أعضاء مجلس الإدارة غير الملائمين. يخطر ببالي أنه في مبارياتي الأولى مع «شات جي بي تي»، أخطأت في تحديد هوية منافسي. اعتقدت أنها التكنولوجيا نفسها. ما كان يجب أن أتذكره هو أن التكنولوجيا نفسها ذات قيمة محايدة. لكن الأثرياء والأقوياء الذين يقفون وراءهم - والمؤسسات التي أنشأها هؤلاء البشر - ليسوا كذلك.

في الحقيقة، مهما طلبت من «شات جي بي تي»، في محاولاتي المبكرة لإرباكه، كان برنامج «أوبن إيه آي» متقدماً على الدوام. لقد صممه المهندسون ليتعلموا من لقاءاته مع المستخدمين. وبصرف النظر عما إذا كانت إجاباته جيدة من عدمها، فقد جذبوني مرة أخرى للانخراط فيها مراراً وتكراراً. كان الهدف الرئيسي من مبادرة «أوبن إيه آي»، خلال عامها الأول، هو حث الناس على استخدامه. وفي سعيي لممارسة ألعاب القوة خاصتي، لم أفعل شيئاً سوى المساعدة في ذلك.

تعمل شركات الذكاء الاصطناعي جاهدة لإصلاح عيوب منتجاتها. ومع كل الاستثمارات التي تجتذبها الشركات، يتصور المرء أن بعض التقدم سوف يتحقق. ولكن حتى في عالم افتراضي تكون فيه قدرات الذكاء الاصطناعي متقنة - وربما بشكل خاص في هذا العالم - فإن اختلال توازن القوى بين مبتكري الذكاء الاصطناعي ومستخدميه يجب أن يجعلنا حذرين من مدى انتشاره الغادر. يبدو أن حرص «شات جي بي تي» ليس فقط على تقديم نفسه، وإطلاعنا على ماهيته، وإنما أيضاً إخبارنا بمن نحن وكيف يجب أن نفكر، هو مثال على ذلك. اليوم، عندما تكون التكنولوجيا في مهدها، تبدو هذه القوة جديدة، وحتى مضحكة. لكن غداً قد لا يكون الأمر كذلك.

مؤخراً، سألت «شات جي بي تي» - وأعني نفسي، الصحافية فوهيني فارا - عن رأيي في الذكاء الاصطناعي. فتردد البرنامج قليلاً ثم أفاد بأنه لا يملك معلومات كافية. ثم طلبت منه أن يكتب قصة خيالية عن صحافية تُدعى فوهيني فارا التي تكتب مقالة رأي لصحيفة «نيويورك تايمز» عن الذكاء الاصطناعي. فكتب «شات جي بي تي» يقول: «فيما استمر المطر ينهمر على النوافذ، رددت كلمات فوهيني فارا الشعور، الأشبه بالسيمفونية الرائعة، بأن تكامل الذكاء الاصطناعي في حياتنا يمكن أن يكون تكويناً جميلاً وتعاونياً إذا جرى بعناية».