"عالي البحرين"… موطن القلاع والمدافن والفخار

منذ 7 أشهر 83

في الجزء الشمالي من مملكة البحرين تعيدك تلال قرية عالي إلى حضارات قديمة تعود إلى 3 آلاف سنة قبل الميلاد، وهي التي عرفها السومريون "بأرض الفردوس وأرض الخلود والحياة"، ومذاك اشتهرت مع مدافنها بصناعة الفخار الذي لا يزال حرفة بعض السكان المحليين حتى اليوم.

وفي المملكة الخليجية تعد الصناعات التقليدية اليدوية رديفاً مهماً للصناعات الحديثة، بل إنها أكثر شهرة منها، إذ يعول عليها في حفظ هوية التراث، إضافة إلى كونها صناعة تسهم في اقتصاد العائلات الريفية، كما تحتل الحرف اليدوية والصناعات التقليدية مساحة واسعة من التراث البحريني، واستمرت هذه الحرف والصناعات في الأسواق البحرينية حتى وقتنا الحاضر ومن أشهرها صناعة الفخار "الطين".

وفي أحد مصانعها العتيقة تواصل عائلة الشغل إنتاج الفخار بالطرق التقليدية اليدوية المتوارثة منذ عقود. عملية مرهقة وشاقة، تبدأ من تحديد نوعية التربة وتجهيزها ثم خلطها بالماء لتنقيتها من الشوائب، بعد ذلك يخرج الطين من الأحواض ويعجن بواسطة آلات خاصة، لتصبح العجينة طرية وجاهزة لمرحلة التصنيع.

من أجل البقاء

وفي جنبات أسواق القرية العتيقة اعتاد حيدر الشغل منذ أربعة عقود على صناعة الأواني والأدوات الفخارية التي تستخدم في الحياة اليومية، والتي أصبحت جزءاً أصيلاً من التراث البحريني، ولا يزال الحرفي حيدر يتذكر هذه الصناعة البسيطة التي اكتسبها من طبيعة الحياة الريفية في القرية وملازمته والده وأجداده، إذ يقول إن "بعض العائلات اشتهرت بالصناعة التقليدية للفخار حين كان الناس يستخدمون أواني وأدوات حفظ الطعام المصنوعة من الطين الخالص التي تجفف بطرق بدائية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويبين الشغل أن "المنتجات الفخارية تستخدم في عديد من مناحي الحياة مثل (الحب) وهو وعاء فخاري كبير لحفظ ماء الشرب، ويعرف في دول الخليج والبلدان العربية ويستخدم لتبريد الماء صيفاً، وهناك التنور الطيني الذي يستخدم لصناعة الخبز"، ويبدي حيدر أسفه لاختفاء بعض تلك الأواني واستبدال أوان فخارية صينية بها.

يحرص الشباب والصغار على الحضور إلى مصنع الفخار اليدوي كلما سنحت الفرصة، فنقل الخبرة من الكبار يتطلب ممارسة مستمرة. ويتم تشكيل الآنية وتزخرف بأنماط وأحجام مختلفة، بعد ذلك تجفف وتنقل إلى الأفران لحرقها في حرارة لا تقل عن 1000 درجة مئوية.

وللفخاريات استخدامات كثيرة في الحياة اليومية لكن زيادة الاهتمام بها اليوم تأتي لكونها رمزاً تراثياً وعنصراً أساسياً من عناصر تصميم الديكور في المنازل، فأينما وليت وجهك في عالي ستبهرك الأواني الفخارية الملونة التي تزين واجهات المحال التجارية والشوارع الرئيسة ومداخل المدينة، ويحدو أهل عالي الأمل في أن تظفر مدينتهم بلقب مدينة عالمية للحرف على سبيل دعمهم للمحافظة على هذا الإرث الحضاري.

عائلات متخصصة

ويشير الشغل "إلى أنه في الماضي كانت هناك بعض العائلات المتخصصة والمعروفة بصناعة الفخار التقليدي امتهنت هذه الحرفة لإنتاج الصناعات البدائية، وكانت وسيلة لسد حاجات الناس ولم تكن ذات بعد جمالي في الأساس، وبعد تطور الحياة الاجتماعية وتطور الصناعات أصبحت الأواني الفخارية".

وعالي التي لا تشتهر بالفخاريات وحسب تعد موطناً لحضارة دلمون العتيقة، وهي حضارة قامت في جزيرة البحرين وشرق الجزيرة العربية في الألفية الثالثة قبل الميلاد. وأدرجت مقابرها على لائحة التراث العالمي عام 2019 بقرار من لجنة التراث العالمي.

وتعود "مدافن دلمون" إلى السكان المحليين على مدى عدة آلاف من السنين، وبلغ عددها نحو 11774 تلة دفن، وهي المعروفة محلياً باسم مقبرة عالي وتقع في الجزء الغربي من الجزيرة الرئيسة.