لأول مرة منذ 470 يومًا، يظهر أطفال غزة غير مثقلين بأكياس الطحين التي يحملونها على أكتافهم، يبتسمون للمصور وهم يهرعون لوضعها في صناديق السيارات، بينما يحكم الرجال ربط البطانيات والفرش النظيفة حتى لا يطيح بها الهواء، منهمكين في تجهيز أغراضهم وكأنهم يسابقون الزمن بوجهة واضحة.
في ساعات مبكرة من يوم الأحد، ومع سريان الهدنة في غزة، سقطت صفة "نازح" عن آلاف الفلسطينيين الذين تجهزوا للعودة إلى منازلهم في شمال القطاع المنكوب، أو ما تبقى منها.
وشرع المئات منهم بتفكيك الخيام، فتكدست الأغراض من مؤن وبطانيات وملابس على الأرض، وفصلت كل عائلة حاجياتها، بينما شوهد آخرون يشقون طريقهم للعودة راجلين، وبعضهم يرفع علامة النصر ويهتف لحماس.
كما بدت الأصوات مغايرة في المخيم، إذ سُمع في مقطع الفيديو شاب يقول عن أحدهم: "انكتب له عمر جديد"، أي أن الحياة منحته فرصة جديدة للعيش بلا غارات أو نزوح، بينما رد آخر على سؤال طفل تسكنه الدهشة: "يعني رايحين عالشمال؟" بالإيجاب.
وفي وقت لاحق، رافقت عدسة الكاميرا بعض الفلسطينيين الذين وصلوا إلى بيوت شبه مدمرة، وبدأوا بنفض الغبار عنها وجمع الزجاج والحجارة المهدمة، وسط أحياء سُوِّيت بعض مبانيها بالكامل.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر قد أعلن في مؤتمر صحفي صباح يوم الأحد أن البلاد دخلت في مرحلة "مؤقتة" لوقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أنه سيتم النظر في المرحلة الثانية ابتداءً من اليوم السادس عشر من الهدنة.
وأشار ساعر إلى أن إسرائيل "دفعت ثمنًا باهظًا" للوصول إلى الصفقة، قائلاً إنها "لسوء الحظ لم تحقق أهدافها المتمثلة بالقضاء على حماس."
من جهتها، أعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 46,913 قتيلًا على الأقل و110,750 جريحًا منذ 7 أكتوبر 2023، وذلك بعدما أودى قصف إسرائيلي صباح اليوم بحياة 19 فلسطينيًا على الأقل.