تُعتبر منطقة البحر الأبيض المتوسط من أكثر الممرات المائية دموية بالنسبة للمهاجرين، الذين يحاولون العبور نحو أوروبا.
في ليل 13-14 حزيران/ يونيو الجاري، انقلب قارب صيد انطلق من طبرق في ليبيا باتجاه السواحل الإيطالية، إلا أنه غرق قرب اليونان وعلى متنه 750 شخصًا بينهم عشرات الأطفال.
وحتى الآن، تم إنقاذ 104 أشخاص فقط ويتضاءل الأمل في العثور على ناجين آخرين مع مرور الوقت.
وهذه المأساة الجديدة تحمل في طياتها أكثر من جانب جديد، أولًا بسبب جنسية الناجين، إذ إن معظمهم من مصر وسوريا وباكستان، على عكس ما جرت العادة بأن يكونوا من أفريقيا جنوب الصحراء.
ولفترة طويلة، كان الطريق الذي يسلكه السوريون والباكستانيون هو طريق البلقان. لكن تعدّد عمليات الصدّ من قبل خفر السواحل اليوناني - وهي ممارسة غير قانونية بموجب القانون الأوروبي - دفع هؤلاء اللاجئين إلى البحث عن طرق جديدة.
فرضت ليبيا بطبيعة الحال، بسبب موقعها الجغرافي، نفسها كبوابة إلى أوروبا. لذا، يصل معظم المهاجرين السوريين والباكستانيين عبر الجوّ إلى بنغازي، متوجهين إلى طرابلس ومن بعدها إلى إيطاليا.
تغير طرق الهجرة
ووفق المنظمة الدولية للهجرة، فإن المهاجرين، وبسبب الإجراءات الحكومية الليبية، بدأوا يسلكون مسارات مختلفة عن طرابلس، إذ اعتمدوا على الانطلاق من مدينة برقة في الشرق حيث المراقبة الحكومية أقل.
ولمواجهة هذا الواقع، توجه المشير خليفة حفتر، رجل شرق ليبيا القوي، إلى إيطاليا في أيار/ مايو الماضي، لمقابلة رئيسة الحكومة جورجيا ميلوني بحثا عن وسائل جديدة لمواجهة الهجرة غير الشرعية.
عند عودته، أُعيد آلاف المصريين إلى بلادهم، بحسب السلطات في بنغازي. ويؤكد فلافيو دي جياكومو من المنظمة الدولية للهجرة أن "هناك شائعات عن زيادة الاعتقالات في برقة من قبل قوات المشير حفتر".
بناء على ذلك، فإن شقّ طرق جديدة إلى أوروبا يعرّض المهاجرين إلى مخاطر جديدة، خاصة وأن سفن الصيد المستخدمة للعبور والقادرة على نقل عدة مئات من الأشخاص متهالكة كثيرًا.
كما أن عدم الاستجابة التي يُتهم بها حرس السواحل الأوروبي يزيد من معاناة المهاجرين الذي يواجهون الموت فور حصول أي طارئ.
قبل حادث غرق السفينة الأخير هذا، أحصت المنظمة الدولية للهجرة 1039 حالة وفاة في البحر الأبيض المتوسط منذ بداية العام، ما يشير إلى مأساة حقيقة قد تتفاقم إن لم يتم اتخاذ الخطوات المناسبة.