تحدث الطبيب رافاييل بيتي في مقابلة أجراها مع"Sud-Radio"، عن الوضع "الكارثي" في غزة، قائلاً: "نضع المصاب الذي لا يزال على قيد الحياة على الأرض، ولأننا لا نملك الوقت الكافي لمحاولة إنقاذ ساقه، نقوم ببترها لنتحرك بشكل أسرع، ونترك المصابين الأكثر خطورة يموتون، لأننا نعلم أن علاجهم سيستغرق وقتاً طويلاَ".
وصف "برنامج الأغذية العالمي" الأوضاع في غزة بأنها" كارثة إنسانية غير مسبوقة "، مُحذراً من كارثة المجاعة وسط انتشار الأمراض في القطاع الفلسطيني المحاصر. لكن "المذبحة" مستمرة أمام أنظار الجميع، كما يقول الطبيب الفرنسي رافائيل بيتي الذي عاد من مهمة في غزة، في مقابلة أجرتها إذاعة الجنوب "Sud-Radio".
في غزة، "الأمر كارثي، لم أر ذلك من قبل"
يصف رافائيل بيتي، الطبيب ورئيس قسم التدريب والشؤون الإنسانية في منظمة "مهاد" غير الحكومية: "الوضع في غزة بالكارثي، مؤكدأً أنه لم يسبق له رؤية ذلك من قبل".
إنه أحد الأطباء الغربيين القلائل الذين تمكنوا من الذهاب إلى قطاع غزة، مهمة شبه مستحيلة، يقول بيتي: "لم تحصل أي منظمة غير حكومية دولية على ترخيص، لقد ضمت أهم المنظمات غير الحكومية في العالم صوتها لتقول إنه من غير المقبول ألا يُسمح لنا بالقيام بعملنا، هذا يحدث للمرة الأولى. لقد مررنا بجمعية أمريكية حصلت على التراخيص اللازمة، كنا سبعة فرنسيين، فمن المهم جداً دعم هؤلاء السكان".
وعن الوضع في المستشفيات يقول: "إنه أمر كارثي، لم أر ذلك من قبل. فينما كانت الحشود تتدفق. وحين رأى الناس أننا أجانب، رحبوا بنا ترحيباً حاراً، وخرج جميع موظفي المستشفى، وسألونا: هل سمح لكم الإسرائيليون بالدخول؟ .
"تجريد السكان من إنسانيتهم" في غزة
يصف رافائيل بيتي الوضع الإنساني في غزة بألم قائلاً: "تدفق الجرحى مستمر، يُطلق عليهم النار لاصابتهم، بشكل رئيسي في الرأس. المستشفى مكتظ، والموارد ليست كافية. يعمل الأطباء على استقرار حالتهم وعلاجهم في آن واحد. نضع المصاب الذي لا يزال على قيد الحياة على الأرض، ولأننا لا نملك الوقت الكافي لمحاولة إنقاذ ساقه، نقوم ببترها لنتحرك بشكل أسرع، ونترك المصابين الأكثر خطورة يموتون، لأننا نعلم أن الأمر سيستغرق وقتاً طويلاً . لقد تركناهم يموتون دون أن نعطيهم أي مهديء للألم، أينما ذهبت، كنا نرافق المرضى الذين لم نتمكن من علاجهم، نضع المخدر في الوريد وندعهم يموتون ببطء".
إما فيما يتعلق بالوضع خارج المستشفى فيقول، "تم تجريد السكان من إنسانيتهم، القمامة تتكدس، لا يتمكن الناس من الاستحمام، وهناك عدد قليل جداً من المراحيض. يصطف السكان للحصول على الخبز، أو لمحاولة شحن هواتفهم او البحث على إشارة، وهناك باعة متجولون، يبيعون علب اللحوم والجبن والخضروات، لكن لم يعد بامكان أحد شراء أي شيء... انهم يعتمدون بشكل كامل على المساعدات الدولية".
" إسرائيل لا تحترم القانون الإنساني الدولي"
ويستأنف الدكتور بيتي حديثه مؤكداً أن سكان قطاع غزة المحاصر يعيشون في ظروف مُهينة، لذلك، "بدأوا يقتربون أكثر وأكثر من أعضاء حماس، لأنهم يعتقدون أنهم محميون. لقد نُصب لهم فخاً. لا شك أن سلب كرامة الناس أسوأ من القتل".
"لقد ذهبت إلى رفح عدة مرات، ذهبت لرؤية رئيس بلدية رفح"، يوضح رافائيل بيتي، الذي يضيف أنه التقى بوزير الصحة، "وهو رجل مثير للإعجاب يحاول الحفاظ على نظام صحي معقد" .
وأردف: "نظراً لسلوك إسرائيل فإن الوضع لا يمكن أن يتحسن، لقد هجَّرَ الإسرائيليون 1,200,000 شخص. إذا قرر نتنياهو مهاجمة رفح حقاً، إذا فكر في مهاجمة رفح، فيمكننا اتهامه، بالرغبة في القتل، الرغبة الحقيقية بارتكاب مذبحة للسكان. فكيف يمكن العثور على أعضاء حماس من بين نحو مليون و400 ألف شخص، هذا يعني اللجوء إلى قتل الجميع".
ويؤكد رافائيل بيتي أن إسرائيل خسرت الحرب: "لقد خسرت إسرائيل الحرب منذ أربعة أشهر، لأن حماس لا تزال موجودة ، المقاومة تواصل القتال، عدم احترام حكومة إسرائيل للقانون الإنساني الدولي، تجعل إسرائيل منبوذة في المجتمع الدولي. فهي لم تعد تحترم أي قانون أو أي نظام دولي. لقد ذهبت إلى مناطق الحرب لمدة ثلاثين عاماً، لم يسبق لي أن تحدثت عما حدث فيها، كما أتحدث الآن عما يجري في غزة ؟"
ويختتم رافاييل بيتي حديثه بمخاطبة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون: "هناك مليون و 400 ألف شخص عالقون في هذا الفخ، إنه أمر غير مقبول. سيد ماكرون، يجب أن تكون فرنسا قادرة على تميزها بقيمها الإنسانية، والأمر متروك لك لحماية السكان، وإطلاق سراح الرهائن، على فرنسا التميز بهذا الاتجاه بدلاً من صمتها".
وقد أدى القصف الإسرائيلي المتواصل لقطاع غزة، إلى مقتل أكثر من 28 ألفاً و340 بينما ارتفع عدد المصابين إلى 67 ألفاً و984 منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.