أكملت الهيئة العامة للاستعلامات مشروعاً ضخماً للتحول الرقمي من أجل إنقاذ ثروة وطنية من الوثائق والمصادر المصورة سينمائياً والمكتوبة تتضمن سجلاً تاريخياً لا يقدر بثمن للأحداث السياسية والاجتماعية والثقافية في مصر منذ عام 1952، وكذلك من أجل امتلاك وتطوير أدوات رقمية حديثة لمخاطبة الرأي العام العالمي، وبناء صورة حقيقية إيجابية عن مصر في الإعلام الدولي، وقطع الطريق أمام أية محاولات تشويه سياسات مصر ومواقفها، إضافة إلى توفير مصادر موثوقة للبيانات والمعلومات الحديثة والتاريخية عن مصر، أمام الباحثين والإعلاميين المصريين.
وقال الكاتب الصحفي ضياء رشوان رئيس الهيئة، إن العمل في هذا المشروع استمر لمدة (5) سنوات وشارك فيه العديد من المتخصصين والخبراء من الهيئة وخارجها، إضافة إلى التعاون مع كل من مدينة الانتاج الاعلامي ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
وأشار رشوان إلى أن هذا المشروع يتكون من ثلاثة عناصر متكاملة هي على النحو التالي:
المشروع الأول والأهم هو إنقاذ الرصيد التاريخي من أفلام "جريدة مصر السينمائية المصورة" التي كانت تصدر أسبوعياً وتذاع بين فقرات العروض في دور السينما المصرية متضمنة توثيقاً للأحداث السياسية والاجتماعية والثقافية في مصر على مدار الأسبوع، على مدى عشرات السنين، حيث بدأ صدور الجريدة لأول مرة منذ ما يقرب من مائة عام.
وقد تم الاحتفاظ بهذه الثروة السينمائية على أفلام سينما "نيجاتيف" موزعة لدى العديد من الجهات حيث تعرض بعضها للتشتت والتلف نتيجة التخزين ومرور السنين إلى أن بدأت "هيئة الاستعلامات" مشروع إنقاذ هذه الثروة الوطنية.
انقاذ 2391 فيلماً:
وقال ضياء رشوان إن المهمة الأولى تمثلت في جمع وحصر وتصنيف هذه الأفلام وتقييم حالتها الفنية وما تحتاجه من إجراءات لاستعادة قيمتها وصلاحيتها للاستخدام، مشيراً إلى أن الجهود المكثفة للهيئة أدت إلى حصر( 2391 ) فيلماً على عدة مراحل، اشتملت على الأعداد الاسبوعية لجريدة مصر السينمائية الناطقة (كما كانت تسمى)، إلى جانب عشرات الأفلام التسجيلية النادرة التي أخرجها كبار مخرجي السينما في مصر منهم: عاطف سالم، وعز الدين ذو الفقار، وصلاح التهامي (أبو السينما التسجيلية في مصر)، وحسين حلمي المهندس، ويوسف مرزوق، وغيرهم كثيرون.
واشتملت هذه الأفلام على سلسلتين تسجلان بالتفصيل مراحل بناء السد العالي، وهما: سلسلة أفلام "مذكرات مهندس"، وسلسلة أفلام تسجيلية بعنوان "باقي من الزمن “، إلى جانب أفلام أخرى عن: إنقاذ معابد فيلة، الأزهر الشريف، أرض الخلود، وعشرات من الموضوعات الأخرى.
كما تضمنت أعداد الجريدة السينمائية التي تم العثور عليها وإنقاذها، تسجيلات سينمائية لأحداث تاريخية في مصر.
فمن العهد الملكي يوجد عدد من الجريدة السينمائية عن استقبال الملك فاروق للملك عبد العزيز ال سعود ملك السعودية عند زيارته لمصر في يناير (1946)، ثم مشهد مغادرة الملك فاروق عقب ثورة (1952).
ومن الأحداث المهمة أيضاً ضمن محتويات الجريدة السينمائية، وقائع العدوان الثلاثي على مصر وخطاب الرئيس جمال عبد الناصر على منبر الجامع الأزهر (1956)، وكذلك استقبال الرئيس عبد الناصر لقادة وزعماء العالم في مصر مثل: الزعيم السوفيتي خروتشوف(1964)، والهندي نهرو(1957)، واليوغسلافي تيتو(1956) وشخصيات عالمية عديدة منهم العالم البرت اينشتاين وغيرهم كثيرون.
كما تابعت أعداد الجريدة السينمائية أحداث مصر المتتالية، مثل رد الفعل الشعبي على تنحي الرئيس عبد الناصر (1967)، وجنازته (1970)، وزيارة الرئيس السادات للقدس (1977) ولحظة اغتياله، ثم جنازته (1981) وغيرها من الأحداث التي تصور تفاصيل الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في مصر أسبوعياً.
كما تضم محتويات الجريدة السينمائية النسخة الأصلية للأغنية الوطنية: "وطني الأكبر" لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب ومجموعة الفنانين، والتي أخرجها عز الدين ذو الفقار لجريدة مصر السينمائية وانتجتها "مصلحة الاستعلامات" عام(1960) بتكلفة مالية إجمالية بلغت (8932) جنيهاً حسبما تقول البيانات المدونة على اسطوانة الفيلم السينمائي للأغنية، الذي سجل عليه أيضاً أن المخرج عز الدين ذو الفقار والمصور وحيد فريد والفنانين: محمد عبد الوهاب ونجاة وعبد الحليم وشادية وصباح وفايدة ووردة شاركوا متطوعين ولم يتقاضوا أية أجور عن هذه الأغنية.
التحويل الرقمي للأفلام السينمائية:
تم توقيع اتفاق بين الهيئة العامة للاستعلامات والشركة المصرية لمدينة الانتاج الإعلامي في شهر ديسمبر 2018 لاستخدام الامكانات الفنية المتقدمة للمدينة في إنقاذ هذه الثروة الفيلمية وتحويلها إلى وسائط حديثة، وتضمن المشروع فحصاً فنياً دقيقاً للأفلام وإخضاعها لعمليات غسيل كيميائي ومسح ضوئي ومعالجة للعيوب بواسطة خبراء، وترميم الصورة في كثير من النسخ، وتصحيح الألوان ثم تحويل هذه الأفلام إلى الصيغة الرقمية (4K).
ووجه ضياء رشوان الشكر للكاتب الصحفي عبد الفتاح الجبالي رئيس مجلس إدارة مدينة الانتاج الإعلامي ولكل الخبراء في المدينة الذين شاركوا في هذا المشروع الوطني منذ عام 2018.
وأنشأت هيئة الاستعلامات مركزاً مجهزاً بالمواصفات العلمية لحفظ الأفلام الأصلية واقتناء نسخ الجريدة السينمائية على الوسائط الحديثة واتاحتها للاستخدام في مركز توثيق الجريدة المصورة في مقر الهيئة بمدينة نصر بعد القيام بعملية رصد وفهرسة أكاديمية لمحتويات أعداد الجريدة.
في الوقت نفسه، يجري حاليا إنقاذ عشرات الآلاف من الصور الفوتوغرافية في الهيئة العامة للاستعلامات والتي تمثل أرشيفا تاريخيا لكل أوجه الحياة في مصر والشخصيات الفاعلة في كل مجالات السياسة والمجتمع والفنون والثقافة والحياة العامة وغير ذلك، حيث يجري فحصها ومعالجتها فنيا وتحويلها للحفظ والاستخدام من خلال تكنولوجيا المعلومات الحديثة.
مستودع رقمي للمصادر الإعلامية الوطنية:
واكبت الهيئة العامة للاستعلامات منذ عام 2018، توجه الدولة نحو التحول الرقمي، خاصة أن أدوار ومهام الهيئة في مجال الإعلام الخارجي والداخلي وحفظ واتاحة المعلومات تتطلب استخدام الوسائل الرقمية الحديثة للارتقاء بمهام العمل.
وقال الكاتب الصحفي ضياء رشوان رئيس الهيئة، إنه في هذا الإطار، تم بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، إنجاز مشروع المستودع الرقمي لإعلام مصر الرسمي ليكون بمثابة منصة متطورة لتوثيق وحفظ واتاحة كل ما يصدر عن قطاعات الهيئة العامة للاستعلامات من مواد إعلامية، وكذلك ما يصدر عن المؤسسات والوزارات والمجالس النيابية وجهات الدولة الرسمية من بيانات وإصدارات إعلامية وتدفق إخباري.
وأضاف رئيس هيئة الاستعلامات أن المستودع الرقمي يحتوي حالياً من أنجاز مراحله الأولى على ملايين المواد الإعلامية التي تشمل أرشيف هيئة الاستعلامات الذي تضم أكثر من مليون وثيقة ذات أهمية تاريخية وبحثية عالمية بعد تحويلها إلى الوسائط الرقمية الحديثة إضافة إلى ما تصدره الهيئة في مجال المعلومات من نشرات دورية (نحو 46 نشرة يومية واسبوعية أو شهرية) إضافة إلى عشرات الكتب المترجمة (نحو 200 كتاب مترجم في السنوات الست الأخيرة)، كما يضم المستودع ما يتم رصده بشأن النشاط الحكومي، وما ينشر في وسائل الاعلام المحلية والعالمية، ويتم ترجمته في إطار "جريدة الجرائد العالمية" إضافة إلى الإصدارات الإعلامية الموجهة للرأي العام الداخلي والخارجي.
كما يضم المستودع إصدارات قطاع الإعلام الخارجي الموجهة إلى الرأي العام في الخارج والداخل مثل الدوريات الأكاديمية التي تم استحداثها مثل: دراسات في حقوق الإنسان (باللغات العربية والانجليزية والفرنسية) ودورية "آفاق عربية وإقليمية"، ودورية "آفاق آسيوية" (باللغات العربية والانجليزية والصينية)، وكذلك دورية موجهة "لأبناء الوطن في الخارج" (باللغات العربية والانجليزية والفرنسية) بالإضافة إلى أكثر من (100) كتاب صدرت بالعديد من اللغات الأجنبية في مقدمتها كتاب "مصر" (كتاب يضم معلومات شاملة جامعة بالكلمة والصورة عن كل ما تعلق بمصر في الماضي والحاضر) والذي تُرجم إلى 13 لغة عالمية، وسلسلة "كتب "مصر في 10 سنوات" (16 كتاباً) وسلسلة كتب انجازات شعب (6 كتب باللغات العربية والانجليزية والفرنسية) وكذلك (32) كتاباً توثق لعلاقات مصر مع الدول الأفريقية صدرت بعدد (10) لغات عالمية وأفريقية إلى جانب اللغة العربية، وكذلك كتاب سنوي يوثق لزيارات السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي الخارجية، ولقاءاته الدولية (10 إصدارات للسنوات العشر) إضافة إلى الإصدارات الأخرى باللغات المختلفة ورقياً والكترونياً والتي توزع جميعها مجاناً.
وأضاف الكاتب الصحفي ضياء رشوان أن المستودع الرقمي يضم أيضاً سجلاً شاملاً لنشاط قطاع الإعلام الداخلي بالهيئة الذي عقد في الشهور الأخيرة مئات الندوات وورش العمل والنشاط الميداني والمكتبي، شارك فيها مئات الآلاف من المواطنين من كافة المستويات التعليمية والفئات العمرية، وتناولت موضوعات وطنية شاملة منها: الانتخاباتالرئاسية والمشاركة السياسية والتوعية بشأن موقف مصر من القضايا الإقليمية، وقضايا مجتمعية مثل الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، وتشجيع الاقبال على المنتجات المحلية، وتشجيع الشباب على العمل الحر والصناعات الصغيرة، ومكافحة زواج القصر، ومخاطر الزواج المبكر، وغيرها من القضايا المحلية خاصة في المناطق الريفية والنائية.
في الوقت نفسه فإن المستودع الرقمي يقوم بتلقي وجمع وتصنيف وحفظ ما يصدر عن مجلسي الشيوخ والنواب، والمواقع الرسمية الحكومية للوزارات والهيئات ويتم إتاحة كل ذلك للإعلاميين والراغبين في الاستفادة من هذه المصادر.
وأشار ضياء رشوان إلى أن مشروع "المستودع الرقمي للإعلام المصري الرسمي" يتضمن العديد من المراحل التالية التي يتواصل العمل فيها والتي تشمل التوسع في المصادر التي يتم التعامل معها، وكذلك الأعوام التاريخية من الصحفالمصرية الصادرة في النصف الأول من القرن العشرين وغير ذلك من المصادر.
مواقع الكترونية متطورة:
أما المشروع الثالث من مشروعات التحول الرقمي بالهيئة العامة للاستعلامات، فيقول رئيس الهيئة ضياء رشوان إنه يتعلق بتطوير المواقع الالكترونية للهيئة الموجهة للداخل والخارج، حيث تمت عدة مراحل لتطوير الموقع الرسمي للهيئة والذي يتحدث إلى العالم باسم مصر في كافة المجالات ويصدر بخمس لغات هي: العربية والانجليزية والفرنسية والاسبانية والصينية حيث اكتملت أحدث مراحل التطوير من حيث المحتوى والتكنولوجيا المستحدثة ووسائل حفظ واسترجاع المعلومات وسوف يتم اطلاقها قريباً بالتعاون مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.
كما تم في عام 2019، وبالمواكبة مع رئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي للاتحاد الافريقي إطلاق موقع "مصر - أفريقيا" الذي يصدر بعدد (9) لغات هي: العربية والانجليزية والفرنسية والإسبانية والصينية والهوسا والسواحيلية والأمهرية والبرتغالية، ويتم تحديثه منذ إصداره على مدار الساعة يومياً بأكثر من (50) تقريراً ومادة عن مصر والدول الأفريقية.
كما تم إطلاق موقع "دراسات في حقوق الإنسان" باللغات العربية والانجليزية والفرنسية، ليكون بمثابة منصة لتصحيح مفاهيم حقوق الإنسان ونشر الدراسات العلمية والتقارير في هذا المجال لتأكيد المفهوم الشامل لحقوق الإنسان السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والرد على ما يثار في هذا المجال من أكاذيب وادعاءات.
واختتم الكاتب الصحفي ضياء رشوان تصريحه بالتأكيد على أن التطوير التكنولوجي والرقمي في هيئة الاستعلامات متواصل في اتجاهات عديدة للاستفادة من أحداث ما ينتجه العلم في تطوير الرسالة الإعلامية للهيئة في الداخل والخارج وتعزيز دورها وتحقيق الأهداف الوطنية التي تعمل من أجلها، مشيراً في هذا الصدد إلى أن الهيئة بصدد التخطيط لإطلاق منصة عالمية بعدد كبير من اللغات الأجنبية وتكنولوجيا حديثة وخدمات تفاعلية لبناء صورة مصر في الخارج وابرازمواقفها السياسية ومسيرة التنمية بها، والترويج للسياحة والاستثمار والتعاون مع كل الدول والشعوب الأخرى.