رحل مؤسس ورئيس تحرير صحيفة السفير اللبنانية، التي كانت واحدة من أبرز الصحف العربية، طلال سلمان، الجمعة 25 أغسطس/آب 2023 عن 85 عاماً، بعد مسيرة إعلامية حافلة بالإنجازات، عايش خلالها أحداثاً وشخصيات لا حصر لها.
ذكرت وسائل إعلامية وأصدقاء للصحافي الكبير أن المنية وافته في أحد مستشفيات بيروت حيث كان يعالج بعد تدهور صحته خلال الاشهر الأخيرة. وكتبت "الوكالة الوطنية للإعلام" في لبنان :"توفي اليوم ناشر صحيفة "السفير" طلال سلمان، بعد مسيرة إعلامية حافلة بالنجاحات".
كما نعته أغلب وسائل الإعلام االعربية على مواقع التواصل الاجتماعي، وكتب وزير الاعلام اللبناني زياد المكاري على منصة إكس (تويتر سابقاً) : "الكبير طلال سلمان العابر بقلمه للمناطق ستبقى ذكراه خالدة وتاريخه العريق صفحة لن تطوى في تاريخ الصحافة اللبنانية".
وقال الإعلامي جورج قرداحي ووزير الإعلام السابق: "رحل الأستاذ.. علم من رجالات الإعلام الكبار في بلادي، حمل قلمه ومضى.. صوت من لا صوت لهم".
ووصف الصحافي اللبناني ونائب رئيس التحرير السابق لصحيفة الأخبار اللبنانية بيار أبي صعب رحيله بنهاية العصر الذهبي.
ولد طلال سلمان في بلدة شمسطار في شرق لبنان العام 1938، بدأت مسيرة طلال سلمان الصحافية في نهاية الخمسينيات من القرن الماضي، وهو "واحد من متخرجي بيروت، عاصمة العروبة"، كما وصف نفسه في سيرته.
وأصدر في العام 1974 العدد الأول من جريدة "السفير" في بيروت، وكانت صحيفة يومية حملت شعار "صوت الذين لا صوت لهم"، وعُرفت بمواقفها المناصرة للقضايا العربية، لا سيما القضية الفلسطينية.
ولسنوات طويلة، كتب افتتاحية في صحيفة "السفير" التي أصبحت سريعاً مختبرا مهماً لمختلف الأفكار والاتجاهات الفكرية والسياسية، ونجحت على مدى 40 عاماً في إيجاد موقع لها في لبنان والعالم العربي.
كاتت السفير مرجعاً لكثيرين لتحليل وفهم ما يجري في لبنان والعالم العربي. الأمر الذي جعلها تجربة نادرة في الصحافة العربية. وجمعت أسماء لامعة في الفكر والأدب مثل عبد الرحمن منيف وسعد الله ونوس وطارق البشري ورفعت السعيد وغيرهم.
أجرى طلال سلمان لقاءات مع العديد من الزعماء والقادة العرب، ويقول بعض الذين عملوا معه إنه كان "من آخر من يغادر مكاتب الصحيفة" ليلاً ليتأكد من أن كل شيء يسير على ما يرام، كان لطيفاً وقريباً من العاملين معه، متضامناً معهم وداعماً لهم الى أقصى حدّ.
ولطالما حظي طلال سلمان بتقدير كبير بين الإعلاميين والسياسيين والرأي العام، حتى بين الذين اختلف معهم في الرأي. وكان يعرف بافتتاحياته المدوية وآرائه غير المهادنة.
في 14 تموز/يوليو 1984 تعرض لمحاولة اغتيال أمام منزله في رأس بيروت فجراً تركت ندوباً في وجهه وصدره. وكانت سبقتها محاولات لتفجير منزله، وكذلك عملية تفجير لمطابع "السفير" في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 1980.
في الرابع من كانون الثاني/يناير 2017، أقفل طلال سلمان جريدة "السفير"، بسبب صعوبات مادية خصوصاً. وكانت تلك ضربة كبيرة للإعلام اللبناني الذي عرف على مر سنوات بتنوعه وحريته، وشكل علامة فارقة بين الدول العربية الأخرى.
واختار سلمان افتتاحية العدد الأخير تحت عنوان "لعلها تكون أطيب تحية وداع"، وجاء فيها: "يحق لنا أن نلتقط أنفاسنا لنقول ببساطة وباختصار وبصدق: شكراً".
بعد إغلاق السفير، بقي طلال سلمان يكتب عبر موقع حمل اسمه واسم "على الطريق"، وهو كان عنوان زاويته الأسبوعية في الجريدة.
وله مؤلفات عدة من بينها "مع فتح والفدائيين" (1969)، و"إلى أميرة اسمها بيروت" (1985)، و"الهزيمة ليست قدراً" (1995)، و"هوامش في الثقافة والأدب والحب (2001)، و"كتابة على جدار الصحافة" (2012).