فرت أسرة نيكيتين من البلاد في آذار/ مارس 2022 حين اقتربت القوات الروسية من العاصمة. رافقهم إلى الحدود، لكنه عاد بعد ذلك إلى كييف.
يعمل بترو نيكيتين على بعد مئات الكيلومترات خلف خط المواجهة في أوكرانيا، ولكن لا تكاد توجد لحظة في يومه لا يشعر فيها بآثار الحرب.
بصفته جراحا في مستشفى عسكري في كييفل، واجه نيكيتين الصراع الدموي منذ اليوم الأول من الغزو الروسي قبل حوالي 14 شهرًا.
فمع نقص الموظفين في المستشفيات العسكرية بسبب سحب الأطباء للعمل في المستشفيات الميدانية القريبة من الجبهة، أخبر الجراح البالغ من العمر 59 عامًا وكالة أسوشييتد برس أن عمله أصبح منهكًا.
وقال، وهو يقف خارج غرفة العمليات بينما يواصل فريقه عملهم على مريض: "أنا أعمل فقط".
وأضاف: "لا أفعل شيئًا آخر في حياتي الآن. لا أرى أطفالي الذين تم إجلاؤهم، ولا أرى زوجتي التي تم إجلاؤها. أعيش وحدي وكل ما أفعله هو علاج الجرحى ".
صدمات نفسية
فرت أسرة نيكيتين من البلاد في آذار/ مارس 2022 حين اقتربت القوات الروسية من العاصمة. رافقهم إلى الحدود، لكنه عاد بعد ذلك إلى كييف.
في حين أن أوكرانيا لا تعلن عن أرقام القتلى والجرحى من الجنود، إلا أنه وفقًا لبعض التقديرات الغربية، فقد تكبدت البلاد أكثر من 100000 ضحية في الحرب مع روسيا.
ويبدأ نيكيتين عادة في العمل في الساعة 7:45 صباحًا، ثم يبقى حتى انتهاء العمل وأحيانًا لا يغادر حتى الساعة 11 مساءً تقريبًا.
ونظرًا لأن الحرب في الأسابيع الأخيرة قد دخلت مرحلة أكثر ثباتًا حيث يستعد كلا الجانبين لهجمات الربيع المحتملة، فقد انخفض عبء عمله إلى حوالي ثلاث عمليات جراحية يوميًا.
وبدلاً من جروح الطلقات النارية، فإن الجروح التي تسببها انفجارات الألغام الأرضية والمدفعية والقنابل اليدوية هي الأكثر شيوعًا، والتي كثيرًا ما تسبب أضرارًا لأجزاء كثيرة من الجسم.
والأكثر تعقيدًا، وفق الطبيب، هو تلف الأنسجة الرخوة والعظام والهياكل التي تربط الأعصاب والأوردة المعروفة باسم الحزم الوعائية العصبية.
وقال نيكيتين إن التعامل مع هذه الجروح هو الأصعب بالنسبة لفريقه، لأنه على الرغم من أنهم يحاولون دائمًا إنقاذ ساق أو ذراع الجندي، إلا أنهم يضطرون أحيانًا إلى بترها.
وأضاف: "نحاول إنقاذ هذه الأطراف أولاً، لكن في بعض الأحيان يتعين علينا إجراء عمليات بتر. من الصعب بشكل خاص القيام بذلك مع الشباب الذين أصيبوا بصدمات نفسية خلال هذه الحرب."
"المدينة تحترق"
المستشفى العسكري هو واحد من عدة مستشفى في كييف.
قال نيكيتين إن المرضى الذين يستقبلهم، هم أولئك الذين يعانون من الإصابات الأكثر تعقيدًا.
وحاليًا، أصيب معظم المرضى في القتال من أجل مدينة باخموت وأماكن أخرى في منطقة دونيتسك، وكذلك المناطق الشمالية والشمالية الشرقية من تشيرنيهيف وسومي، اللتين تتعرضان للقصف بشكل منتظم.
وكان ميكيتا، أحد مرضى نيكيتين الذي أجريت له عملية جراحية مؤخرًا، من مواطني باخموت وأصيب في أسفل ساقه أثناء القتال من أجل مسقط رأسه، واحتفل بعيد ميلاده العشرين بعد فترة وجيزة من الجراحة في المستشفى.
وأخبر المواطن الأوكراني وكالة أسوشييتد برس أن ذاكرته الأخيرة عن باخموت ما زالت تشكل صورة "مروعة" في ذهنه.
وقال من سريره في المستشفى: "إنها المدينة التي أمضيت فيها طفولتي، المدينة مدمرة. المدينة تحترق".
بالمقارنة مع الإصابات الشديدة التي عانى منها بعض المرضى في المستشفى، فإن جرح ميكيتا نفسه لا يبدو شديدًا، لكن نيكيتين قال إنه لا يزال هناك احتمال أن يفقد أسفل ساقه.
ولم تنجح محاولات ترقيع الجلد على الجرح حتى الآن، وكان الأطباء يستعدون للمحاولة مرة أخرى هذا الأسبوع للمرة الأخيرة.