صدام في المعتقل الأميركي: يكتب أحلامه ويستذكر المتنبي

أعلنت رغد، نجلة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، عن بدء نشر بعض من مذكرات والدها التي كتبها أثناء فترة احتجازه من قبل القوات الأميركية.

وأثار الخبر الذي يأتي بعد نحو 18 عاماً من وفاة صدام، الذي أعدم في ديسمبر (كانون الأول) 2006، اهتماماً وتفاعلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي.

وكتبت رغد صدام، في منشور عبر حسابها الرسمي على منصة "إكس" تخاطب والدها، "اليوم قررت أن أبدأ نشر جزء صغير من مذكراتك بطريقتي، لأن دور النشر لديها محاذير من نشرها، وسيكون اليوم مهماً لكثير من محبيك وحتى لغيرهم".

وأضافت، "إليهم نهدي مذكراتك الخاصة التي كتبتَها أثناء وجودك بالمعتقل الأميركي في العراق. لك يا أبي كل الإجلال والتقدير أيها البطل المقدام، إلى جنات الخلد أيها العلم العالي".

معتقل الأحلام والأشعار

أرفقت رغد 40 صورة قالت إنها "جزء بسيط جداً" من مذكرات والدها الرئيس بخط يده مع هاشتاغ #صدام_حسين في الأسر. وتُظهر الأوراق كيف كان صدام يكتب أحلامه على الورق محاولاً العثور على تفسير لها. يقول، "تراني أفسر ما أرى في المنام على هوى نفسي، إن الله وحده يعلم ما في الغيب، وبإمكان الإنسان أن يستنتج ولكن لا شيء يقين وهو في بطن الغيب".

كما يمكن أن نلمح أيضاً بعضاً مما كان يدور في ذهن صدام أثناء احتجازه في ما يشبه اليوميات، خصوصاً في ما يتعلق بمرضه. يكتب، "جاءني في الصباح الطبيبان معاً: أليس وكولديرز، وبعد الفحص علق أليس متعجباً كيف أتصرف بهدوء ومن غير (تشكي) بينما هنالك مرضى من أبسط أعراض المرض تراهم (متهالكون) ويتشكون وكأنهم في طريقهم إلى الموت.. ابتسمت ولم أعلق (بشيئ)". 

فضلاً ذلك يسجل صدام في الأوراق التي نشرتها رغد خاطرات شعرية سنحت له في المعتقل، منها قول أبي الطيب المتنبي، "كل حلم أتى بغير اقتدار/ حجةٌ لاجئٌ إليها اللئام. من يهن يسهل الهوان عليه/ ما لجرحٍ بميتٍ إيلام".

وكانت محكمة عراقية حكمت في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، بالسجن 7 سنوات غيابياً على رغد، ابنة الرئيس العراقي الراحل، بتهمة "الترويج إعلامياً" لحزب "البعث".

ويعاقب القانون الذي أقره البرلمان العراقي، بالسجن لمدد مختلفة تصل إلى 15 عاماً كل من ينتمي لحزب "البعث" أو يمجده أو يروج له. كما يحظر القانون "حزب البعث والكيانات المنحلة والأحزاب والأنشطة العنصرية والإرهابية".

خلال مقابلة تلفزيونية عام 2021، قالت رغد صدام حسين رداً على سؤال عما إذا كان العراق أفضل زمن حكم والدها، "أسمع من كثير من الناس أنه نعم، وقتنا وقت عز، كان الناس يعيشون بعز، بتقدير عال، لا أحد يقدر أن يسيء إليهم". مضيفة، "بشكل عام طبعاً، البلد كان بلداً مستقراً وثرياً".

وتحدّثت كذلك عن والدها وأشقائها ومرحلة حكمه. وقالت، "والدي لم يكن عاشقاً للحروب، فهو يجبر على اتخاذ القرار أمام نفسه، ومسؤوليته هي أمام شعبه".

وتقيم رغد وشقيقتها رنا وأولادهما في عمان منذ يوليو (تموز) 2003 بعد أشهر من سقوط نظام صدام حسين في العراق، وقتل شقيقاهما عدي وقصي على يد الجيش الأميركي.

زعيم في حفرة

وكانت الولايات المتحدة غزت العراق في مارس (آذار) 2003، حيث قال الرئيس جورج دبليو بوش إنه يريد إنهاء "دعم صدام حسين للإرهاب".

بعد سقوط بغداد، غادر الرئيس العراقي وعائلته العاصمة إلى محافظة الأنبار، وتعرضت المضافة التي لجأوا إليها إلى قصف أميركي، قتل على إثره بعض مضيفيه. وتفرق من تبقى من عائلة صدام حسين داخل وخارج العراق بعد مغادرتهم الأنبار، من دون أن يعرف أي منهم أنهم لن يلتقوا مجدداً.

بعد أشهر، عثر جنود أميركيون على صدام حسين مختبئاً في حفرة صغيرة لا تكاد تتسع لشخص واحد في الدور بوسط العراق.

وجرى تقديم صدام حسين للمحاكمة بتهم عدة، بما في ذلك جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2006، انتهت محاكمته وحكم عليه بالإعدام شنقاً. وتسبب إعدامه فجر يوم عيد الأضحى بموجة غضب كبيرة، ليس في المحافظات السنية العراقية فحسب، بل في غالبية الدول العربية.

وازداد الوضع إرباكاً بعد تسريب فيديو للإعدام صُور من قبل أحد الحراس، ويتضمن هتافات طائفية وعدم مراعاة لأية قوانين، كما يظهر صدام متماسكاً على رغم إدراكه ما كان ينتظره.