شقة توفيق الحكيم تعيد السجال حول مقتنيات المشاهير في مصر

منذ 1 سنة 195

أثارت واقعة عثور شاب مصري على مسودات نادرة للأديب توفيق الحكيم داخل شقة، يُعتقد أنه اشتراها من حفيد الكاتب الراحل، السجال مجدداً حول مقتنيات المشاهير في مصر، خصوصاً بعدما تكررت الوقائع المشابهة خلال الفترة الأخيرة مع مشاهير كثر، آخرهم سمير صبري وقبله نور الشريف وأحمد زكي.

وقال محمد فوزي، الشخص الذي عثر على المقتنيات، إنه اكتشف كنزاً أدبياً داخل شقة اشتراها في محافظة القاهرة لأغراض تجارية، مؤكداً أنه فوجئ بوجود أعمال أدبية وفنية وتراثية بعضها كُتب بخط يد الكاتب توفيق الحكيم، منها مسرحية "أهل الكهف"، وحلقات إذاعية لعديد من المسرحيات والمسلسلات الإذاعية، وكذلك رواية "الأيام" لطه حسين مكتوبة بخط اليد، ومقتنيات أخرى لسعد الدين وهبة.

وأشار فوزي إلى أن الشقة كانت مغلقة، وتبين بعدها أن البائع هو حفيد توفيق الحكيم، وأن الشقة كانت مكتباً للكاتب، وقد باعها له الحفيد ليغادر إلى مهجره بإحدى الدول الأوروبية. بحسب ما صرّح به المشتري للصحف المحلية المصرية.

فحص المقتنيات

وفي تصريحات لوسائل إعلام محلية، كان هاني أبو الحسن، رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، قد أشار إلى أن وزارة الثقافة مهتمة بالحفاظ على تراث رموز مصر، ومن بينهم توفيق الحكيم، وأن نيفين الكيلاني وزيرة الثقافة المصرية قد وجهت بالتواصل مع مشتري شقة الحكيم للاطلاع على المقتنيات وفحصها وبيان أهميتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

والواقعة السابقة باتت متكررة في الفترة الأخيرة، وحدثت أكثر من مرة في سياقات مختلفة لأشخاص قد تمثل مقتنياتهم الشخصية جزءاً من تاريخ مصر الفني والثقافي، إلا أنه دائماً ما يثار التساؤل عن الخط الفاصل بين اعتبار مقتنيات الرموز المصرية الأدبية أو المعنوية ملكاً للجمهور والتاريخ، ومن هنا يجب على مؤسسات الدولة اقتناؤها وعرضها في متاحف أو مراكز ثقافية، أم أنها تعد إرثاً شخصياً للورثة لهم حق القبول أو الرفض في تسليمها لجهة مختصة أو الاحتفاظ بها وربما التخلص منها.

والحديث هنا لا يتناول بالطبع المقتنيات المادية التي هي حق أصيل للورثة مثل العقارات والسيارات وما إلى ذلك، لكنه يعني التراث الأدبي والفني، مثل الدفاتر ومسودات الكتب والمراسلات في حال الكتاب، ومثل نيجاتيف الأفلام وملابس الشخصيات وسيناريوهات الأفلام في حال الفنانين وهكذا.

وبعد وفاة الفنان المصري سمير صبري تخلص الورثة من جزء كبير من مقتنياته بعد حصولهم على منزله، وجرى جمع جزء منها من قبل المهتمين بالتاريخ السينمائي، ومنذ فترة وجدت مقتنيات الفنان الراحل نور الشريف وصور تخصه معروضة للبيع، وتساءل جموع المهتمين عن مصدر هذه الأشياء، بخاصة أنه من المعروف أن أسرته تبرعت بمقتنياته إلى مكتبة الإسكندرية التي تهتم أحياناً بمثل هذا التراث، ولها سابقة في جمع تراث بعض رموز مصر، أمثال المخرج شادي عبد السلام والكاتب محمد حسنين هيكل.

وفي السياق ذاته أثير الجدل ذاته بخصوص مقتنيات تخص الفنان الراحل أحمد زكي بعد وفاة ابنه هيثم وبيع الورثة لمنزل كان يملكه، ويضم كثيراً من المقتنيات السينمائية التي تخص الفنان الراحل.

بعض رموز مصر الذين يعدون علامات في تاريخها أقيمت لهم متاحف جمعت فيها مقتنياتهم، وعلى رأسهم أم كلثوم ونجيب محفوظ، إلا أن الأمر يتطلب أن يكون هناك شكل أو آلية تنظيمية للتعامل في مثل هذه الحالات تتبناها جهة محددة، مثل وزارة الثقافة المصرية.

حملة لإنقاذ تراث رموز مصر

"لن يضيع"، هو اسم حملة تبناها الكاتب الصحافي وائل السمري، للحفاظ على تراث الرموز. وعنها يقول لـ"اندبندنت عربية"، "الحفاظ على تراث رموز في كل المجالات سواء الفنانين أو الكتاب وحتى السياسيين والعلماء أصبح ضرورة، وهو بحاجة إلى تكاتف مجتمعي وصحوة ثقافية تجعلنا ندرك أنه جزء من تاريخنا وذاكرتنا الثقافية المعاصرة، والحديث هنا عن المقتنيات ذات القيمة التاريخية أو الفنية، لأن المقتنيات المادية هي حق أصيل للورثة، ولا يمكن أخذها منهم إلا في حال تعويضهم سواء من الدولة أو من مؤسسات ثقافية بعينها وأعني هنا أشياء مثل العقارات أو كل ما له قيمة مادية ثمينة".

ويضيف السمري "المشكلة أحياناً تكون في أن الورثة أنفسهم لا يهتمون بمثل هذه المقتنيات، فأحياناً تباع مكتبة كاتب كبير بكل ما فيها لتجار الروبابيكيا بمبلغ زهيد، لتباع بعد ذلك كل قطعة من مقتنيات المكتبة بمبلغ كبير، والأمر ذاته في حال الفنانين الذين يكون ضمن مقتنياتهم أفيشات أفلام وسيناريوهات وصور وكثير من المقتنيات ذات علاقة بتاريخ مصر السينمائي، والمثال الأقرب في هذه الحالة هو الفنان سمير صبري وما حدث مع مقتنياته بعد بيع شقته في الشهور الأخيرة".

اقتراحات لم تدخل حيز التنفيذ

اقتراحات متعددة تبناها مثقفون ومهتمون بهذه المقتنيات، باعتبارها تمثل جزءاً من تراث مصر الثقافي إلا أنه لم يدخل واحد منها حيز التنفيذ بشكل منظم ليبقى الأمر حتى الآن من دون حل أو وسيلة تنظيمية للتعامل معه. وبرأي السمري "أن واحداً من الحلول التي يمكن أن تجنبنا كل هذه المشكلات هو أن يكون هناك اتفاق مع الفنان أو الكاتب في حياته بينه وبين جهة محددة، مثل وزارة الثقافة على أن تعود مثل هذه المقتنيات إليها، باعتبارها جزءاً من تاريخ وتراث مصر الفني والثقافي".

ويلفت السمري إلى أنه قدم بالفعل مقترحاً لوزارة الثقافة لإنشاء المركز المصري لتراث رموز مصر على أن تكون مهمته تجميع المقتنيات وفحصها وبيان أصليتها وأرشفتها وحتى استغلالها تجارياً في حال إمكان ذلك على أن يكون الربح مشاركة بين الوزارة والورثة، ومن هنا يستفيد الجميع ويكون الحل مرضياً لكل الأطراف.