شفيت من الفصام وأريد العودة

منذ 1 شهر 67

شفيت من الفصام وأريد العودة


استشارات متعلقة

تاريخ الإضافة: 15/4/2024 ميلادي - 6/10/1445 هجري

الزيارات: 44


السؤال:

الملخص:

شابٌّ ثلاثيني أصابه مرض الفصام منذ كان طالبًا، ما جعل علاماته الدراسية ضعيفة جدًّا، بعد أن كان متفوقًا، وبعد التخرج لم يجد إلا البطالة، ثم منَّ الله عليه بالشفاء، ويريد الآن العودة للدراسة والتعلم والعمل، ويسأل: ما النصيحة؟

التفاصيل:

السلام عليكم ورحمة الله، كنتُ فتًى متدينًا ونشيطًا ورياضيًّا، وعلاماتي الدراسية جيدة، لكن معاناتي كان مصدرها عنصرية أقراني، وقسوة والدي، وغَيرة إخوتي مني؛ بسبب نتائجي الدراسية، وتفوقي الرياضي، وتوجُّهي الديني السلفي في المرحلة المتوسطة، وعندما انتقلت إلى الثانوي اخترت تخصص التسيير بدلًا من العلوم التجريبية التي أحبها، وفي الثامنة عشرة من عمري أُصبتُ بالفِصام، ولم أستَطِعِ الحصول على البكالوريا لمدة عامين؛ لأن أبي لم يعالجني، وبقيت بلا دواء وبلا تشخيص للمرض، ومرض الفصام -كما تعلمون - يؤدي إلى فقدان التركيز، وفي العام الثالث حصلت عليها بمعدل ضعيف جدًّا، وفي الجامعة مرضت أيضًا، وعلاماتي أصبحت ضعيفة جدًّا، وتخرجت وليتني لم أفعل، بطالة ما بعدها بطالة، أربع سنوات لا جديد على مستوى التوظيف، ونسيت اللغات الأجنبية؛ كالإنجليزية والفرنسية، ولمدة سبع سنوات أتابع مع أطباء الأعصاب والنفس، حتى شُفيت والحمد لله، وأنا الآن في الثلاثين من عمري، وأفكِّر في تعلُّم اللغات والسفر؛ بُغيةَ العمل ودراسة تخصص آخر، فإن لم يكن مستوى التحصيل الدراسي عندي مثل السابق، فإني حالتي الصحية قد تحسَّنت كثيرًا، فما هي نصيحتكم لي؟

الجواب:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد النبي الأمي الأمين، نبي الرحمة، عليه الصلاة والسلام؛ أما بعد:

فقد حزنت لحالك يا بني، ولكن أحْمَدُ الله أن تمَّ شفاءك على خير، فأنت لم يضِع منك شيء، فما زلتَ في رَيعانِ شبابك ولله الحمد، لا تحزن كثيرًا على ضعف درجاتك في البكالوريا والجامعة، فالرزق - من رحمة الله - مقدَّر محتوم، سيأتيك في الوقت الذي يعلم ربك الرحمن الودود أن فيه صلاحك بحول الله.

لا أريدك أن ترى الحياة سوداء بهذه الطريقة، فأنت في نعمة عظيمة؛ حيث أتم الله شفاءك، فغيرك يعيش ويموت بالفصام، وترتبك حياته ولا تكتمل له زيجة، ولكن الله عزَّ وجل عفا عنك، وهذا أعظم رزق، ولا أظن - والله أعلم - أنَّ إصابتك به منذ البداية إلا حسدًا من شخص ما، فلا تترك أذكارَ الصباح والمساء أبدًا، واجعل الزَّهراوين - البقرة وآل عمران - زادك وزوَّادك في هذه الحياة لا تتركهما، مهما كانت ظروفك، ولو مرة في الأسبوع.

أما عن العمل، فلا أنصحك أن تبدأ دراسة منتظمة مرة أخرى، فقلما تكون الشهادة سببًا للوظيفة في زمننا، لكن خُذْ بعض الدورات السريعة التي تؤهلك للعمل في مختلف المجالات؛ كالقوة في استخدام الحاسب، وبرامج المحاسبة وغيره، واستعِنْ باليوتيوب في تنشيط لغتك الإنجليزية، وابحث عن أفضل جامعة في بلدك، وخُذْ منها دبلومة في مجال تحبه مدتها تسعون يومًا فقط، هكذا ستكون متعدد المهارات، وسوف تعرف نفسك أثناء ذلك كله، ومن ثَمَّ سوف تتوجه للمجال الذي تطيب نفسك للعمل به.

ربما تقول: إن هذا يحتاج سنة على الأقل، نعم هو كذلك، ولكن خلال هذه السنة لا تجعل الفراغ يصيبك باليأس، كما أشم من بين أسطر رسالتك، علاجك أن تبدأ تجارة بسيطة وبرأس مال قليل، الهدف الأول منها الحركة والنشاط، وشغل الوقت، والاختلاط بالناس، وليس المال، فالمال سيأتي لاحقًا عندما تأخذ خبرة في التعامل.

إن لم تتيسر لك التجارة، فاعمَل في تحفيظ القرآن للصغار؛ فإن هذا العمل سيُضفي على حياتك سعادة وتجدُّدًا، والعمل مع الأطفال يجعل نظرتك للحياة متفائلة.

إذًا علاجك بشغل وقتك بالعمل والدراسة، وخذ دورات ولا تعول على الدراسة النظامية كثيرًا، ونحن نعلم من سيرة نبينا أن التجارة خيرُ عملٍ يلجأ إليه الفتى، وكذا تعليم القرآن، من المهم أن أنصحك بألَّا تغوص في ماضيك كثيرًا، فقد ذهب ما ذهب، اجعل هدفك هو الغدَ، تصعد فيه درجة لربِّك بالطاعة، وتصعد درجة في دنياك بالعمل والكسب، إذ لما يتكسب الرجل من عمل يده، تتغير شخصيته، ويشعر برجولته، وتستقر نظرته لنفسه وللحياة، وإن كان نَفَسُك طويلًا، ولديك صبر فتعلَّم حرفة، فالمستقبل لها وليس للوظيفة، فالإنترنت قضى على ثلث الوظائف في العالم.

فقط فكِّرْ واسْتَشِرْ من أين تبدأ، ثم انطلق لا تضيع يومًا آخرَ من عمرك، وأنت فاقد البوصلة، عندما تعمل وتتزوج وتكسب، إن أحببت الدراسة وطلب العلم، فافعل، فالتعلُّم لا عُمْرَ له، بل هو فضيلة يرزقها الله لعباده في كل عمر، لكن تأخرك عن العمل والكسب لن يزيد حياتك إلا تعقيدًا، ولا نفسيتك إلا اضطرابًا.

وفقك الله، ويسَّر أمرك، وهداك لِما يحبه ويرضاه.