رغم الإجراءات الصارمة التي اتخذتها سلطات مكافحة القرصنة، لا يستغرق الأمر سوى بضع دقائق للعثور على قائمة بمواقع البث غير القانونية على غوغل، والاطلاع على أشهر الأفلام المسلسلات التلفزيونية من دون أي مقابل مادي.
رغم ترسانة التشريعات الرامية لمكافحة سرقة الحقوق الفكرية والتدابير المتخذة من قطاع الترفيه، "بات الاطلاع على محتويات غير قانونية أسهل من أي وقت مضى" في ظل انتشار القرصنة عبر الإنترنت، وفق رئيس شركة "موسو" البريطانية التي تدرس هذه الظاهرة.
على صعيد عام 2022، تشير "موسو" التي تقول إنها تملك البيانات الأكثر اكتمالاً عن القرصنة، إلى أن عدد الزيارات إلى المواقع غير القانونية بلغ 215 ملياراً. وتُظهر تحليلاتها زيادة في القرصنة بنسبة 18% بين عامي 2021 و2022، لمجموعة مختارة من 480 ألف فيلم ومسلسل تلفزيوني.
ولا تبدو القيود التي فرضتها السلطات كافية لثني الأشخاص عن البحث عن هذا المحتوى غير القانوني، خصوصاً في ظل سهولة الوصول إليه.
ولا يستغرق الأمر سوى بضع دقائق للعثور على قائمة بمواقع البث غير القانونية على غوغل، والاطلاع على أحدث حلقات أشهر المسلسلات التلفزيونية كـ"ساكسيشن" و"ذي وايت لوتس"، من دون أي مقابل مادي.
البحث عن أعذار
على موقع المناقشة "ريديت"، وهو منتدى يضم ما يقرب من 1,2 مليون مستخدم، ثمة خصوصاً قائمة بمواقع لقرصنة المحتويات بالبث التدفقي وتحميلها. ويتم التذرع بشتّى الأعذار الممكنة لتبرير استخدام هذه المواقع غير القانونية.
ويظهر أحد العوامل في كثير من الأحيان: الازدياد في عدد منصات البث التدفقي (أبرزها نتفليكس وأمازون وديزني بلاس واتش بي او)، وتكاليف الاشتراك المتزايدة.
ويوضح جيدرا، وهو أحد مستخدمي "ريديت": "كنتُ أدفع مقابل الاشتراك بخدمة (للبث التدفقي) أو اثنتين، لكن بات هناك حالياً 50 خدمة، وكل شيء في العالم يزداد تكلفة كل يوم تقريباً. لذلك عدتُ إلى القرصنة".
البعض الآخر أكثر صراحة، من بينهم مستخدم آخر على "ريديت" يسمّي نفسه "سكيركرو جوني" الذي كتب "ليس لدي أي عذر. يمكنني دفع ثمن كل شيء إذا أردتُ ذلك، ولكن بدلاً من منح أموالي إلى رئيس شركة إعلامية يكسب أكثر مني بألف مرة، أفضّل توفير هذا المال لتقاعدي".
الغرامات أتت بنتائج عكسية
ويبدو أن الجهات المختلفة العاملة في القطاع الترفيهي ليست مستعدة للاستسلام في مواجهة تنامي هذه الظاهرة.
ويقرّ القطاع بأن الغرامات الضخمة التي فُرضت على أفراد بسبب تحميل بعض الأفلام بصورة غير قانونية أتت بنتائج عكسية، إذ جعلتها تبدو كشركات استبدادية، في حين أن أوامر المحكمة بحظر مواقع القرصنة غالباً ما كانت مجرد تضييع للوقت.
ويركز القطاع حالياً على كبار المقرصنين، أي "الأشخاص الذين يشترون +سيارات خارقة+ بالملايين التي يكسبونها من مواقع القرصنة"، على حد تعبير ستان ماكوي، من جمعية "موشن بيكتشر أسوسييشن" التي تمثل مصالح استوديوهات هوليوود.
وأطلقت هذه الجمعية التحالف من أجل الإبداع والترفيه الذي تم إنشاؤه عام 2017 لتنسيق جهود مكافحة القرصنة على نطاق عالمي.
منذ بداية العام، أدت إجراءات هذا التحالف إلى إغلاق مواقع قرصنة في إسبانيا والبرازيل وألمانيا وفيتنام ومصر وتونس، يضم كل منها ملايين المستخدمين شهرياً.
وبينما يظل القضاء على القرصنة غير واقعي، قد يكمن الهدف الأهم في ضمان عدم انتشارها. وقال ماكوي "لقد أحرزنا تقدماً كبيراً في جعل القرصنة أقل سهولة"، مضيفاً: "إذا كان الناس مصممين على خرق القانون، فلا شيء سيردعهم. لكن يجب أن تكون هذه الظاهرة هامشية من دون انتشارها على نطاق واسع".
ومن المفارقات أن منصات البث التدفقي يمكن أن تستفيد من مراقبة القرصنة، على سبيل المثال باستخدام البيانات التي تنتجها شركة "موسو" لقياس نجاح الأفلام والمسلسلات التلفزيونية.
وقال رئيس شركة "موسو" أندي شاترلي: "لدينا عملاء ينظرون إلى ما هو شائع على مواقع القرصنة ويشتروه لمنصتهم".